[❂]◄ التدابير التحفظية ►[❂]
التدابير التحفظية preventive measures هي إجراءات يتخذها القضاء لحماية أموال أو لصون حقوق، وذلك خشية أن يؤدي الزمن الطويل الذي يستغرقه حسم النزاع أمام القضاء بحكم مبرم، إلى تعرض الحقوق التي سيحكم بها للضياع أو الانتقاص، إذا ما قام المدين بعد إقامة الدعوى وتبلغها في مدة التقاضي الطويلة بتهريب الأموال محل النزاع أو أمواله الخاصة تخلصاً من التنفيذ عليها بعد صدور الحكم لمصلحة المدعي (صاحب الحق). وقد أوجد الشرع هذه التدابير المتنوعة ونص عليها في نصوص متفرقة انطلاقاً من حماية الحق موضوع الادعاء. وهي تختلف بحسب أنواع الحقوق وتقع تحت عدد من المسميات التي نصت عليها القوانين النافذة مثل الحجز الاحتياطي والتأمين البحري وحق حبس المنقول ووضع إشارة الدعوى في السجل العقاري والقيد المؤقت ومنع التصرف ومنع السفر والحراسة القضائية وغير ذلك من (التدابير التحفظية) التي تحفظ لدائن المدعي حقه عند حسم النزاع (لمصلحته)، وأهم أنواع هذه التدابير وحالات وكيفية إيقاعها التي ورد بشأنها نص في القوانين النافذة، هي:
1ـ وضع إشارة الدعوى العينية على صحيفة العقار موضوع النزاع بين المتقاضين حول الحقوق العينية المختلف عليها، فوضع هذه الإشارة هو إجراء تحفظي مؤقت يوضع على صحيفة العقار في السجل العقاري أو السجل العقاري المؤقت وذلك بقرار يتخذه القاضي المختص في غرفة المذاكرة بناء على طلب المدعي، ويبلغ للسجل العقاري، وتكون الإشارة بمنزلة إعلام للناس كافة بأن الحق العيني الذي أقيمت بشأنه تلك الدعوى هو موضوع منازعة قضائية قد تنتج عنها آثار تلغي أو تحد من حقوق الشخص المسجل على اسمه العقار في السجل العقاري سواء أكان شخصاً طبيعياً أم اعتبارياً، ووضع الإشارة شرط واجب بحكم القانون من أجل سماع الدعوى العينية العقارية فقط وهو شرط أساسي وشكلي لقبول نظر القضاء في الدعوى التي ترد شكلاً إذا لم توضع هذه الإشارة. ولوضع الإشارة إجراءات نص عليها القانون، الذي نص أيضاً على أثر وضع الإشارة، فهي وإن كانت لا تمنع الفراغ في السجل العقاري، أو أي نوع من أنواع التصرفات على العقار، تبقى على صحيفته ولو تغير المالك فتحفظ حقوق صاحبها على العقار وتعطيه حق تتبعه في أي يد انتقل إليها.
2ـ القيد المؤقت وهو تدبير تحفظي مؤقت بمدة معينة في القانون وهو إشارة توضع على صحيفة العقار في السجل العقاري بطلب من الطرفين في التعاقد أو بطلب من صاحب الحق واستناداً إلى مذكرة من رئيس المحكمة المختصة في مكان العقار. والقيد المؤقت محدد بمدة تنتهي حتماً في ستة الأشهر التي تلي القيد.
3ـ إشارة منع التصرف وهي إجراء تحفظي توضع على صحيفة العقار حتى لايتم التصرف به إلى الغير. تضعه عادة المحكمة في قضايا تصفية التركات أو التفليسة أو الحجر على المجانين والمعتوهين وغيرهم من فاقدي الأهلية أو ناقصيها[ر.الأهلية] ويتم ذلك بقرار يتخذه القاضي المختص ويبلغ بوساطة صاحب المصلحة إلى السجل العقاري شأنه شأن تسجيل إشارة الدعوى والقيد المؤقت وغيرهما من الإجراءات التحفظية.
4ـ الحجز الاحتياطي saisie conservatoire وهو تدبير احتياطي يجريه دائن بوساطة القضاء على كونه لايملك سنداً تنفيذياً، وذلك لكونه يخشى عدم استيفاء حقه من المدين، إما لعدم وجود موطن مستقر للمدين، أو إذا خشي الدائن فراره وكان لذلك أسباب جدية، أو إذا كانت تأمينات الدين مهددة بالضياع، أو إذا كان بيد الدائن سند عادي أو رسمي مستحق الأداء وغير معلق على شرط، أو إذا كان المدين تاجراً وقامت أسباب جدية يتوقع معها تهريب أمواله أو إخفاءها، أو إذا قدم الدائن أوراقاً أو أدلة ترى المحكمة كفايتها لإثبات ترجيح احتمال وجود دين له في ذمة المدين.
ويلقى هذا الحجز إما على أموال المدين المنقولة وإما على أمواله غير المنقولة بعد أن تقدر السلطة القضائية المختصة ما إذا كان الدين المحتج به من مستدعي الحجز ثابتاً في مبدئه من جهة والقيمة التي يقتضي إلقاء الحجز على أساسها بصورة مؤقتة، وينتج الحجز الاحتياطي مؤقتاً المفاعيل التي ينتجها الحجز التنفيذي أو الحجز العقاري، غير أن مفعول الحجز الاحتياطي، إذا لم يكن مبنياً على سند تنفيذي أو حكم، ينقطع إذا لم يقم الحاجز والدعوى في الأساس على المحجوز عليه في مدة قصيرة يحددها القانون لأجل الحصول على حكم يتخذ سنداً تنفيذياً نهائياً ويحول الحجز الاحتياطي حكماً إلى حجز تنفيذي.
وهناك حجز تحفظي أو احتياطي آخر وهو حجز الأشياء التي قلد فيها صانعها غيرها سواء أكانت علامات مصنع أم منتجات وصوراً ومؤلفات فنية وأدبية أم آلات أم غير ذلك مما يجب ذكره مفصلاً، ويقال له أيضاً حجز تفصيلي saisie descriptive، ويكون هذا الحجز مقدمة لدعوى يرفعها الحاجز على المقلد.
ثم هناك الحجز الاستردادي saisie renedicative وهو حجز احتياطي يوقعه المؤجر بأمر القاضي على منقولات مستأجرة نقلت من المنزل المؤجر من دون رضى إلى مكان آخر ليضمن من التتبع والامتياز الذي له على المنقولات. وهو أيضاً تدبير احتياطي يقوم به صاحب المنقولات التي رفعت يده عنها ليضمن ردها إليه بعد إثبات ملكيته أو حيازته لها قضائياً، ويقال أيضاً حجز الاستحقاق إذا كان للدائن حق امتياز على أعيان منقولة نقلت بغير رضاه، فصارت في قبضة شخص ثالث. ويتبع في حجز الاستحقاق القواعد المتبعة في الحجز الاحتياطي، أما الحكم الذي يثبت الحجز فيقضي بأن يعاد المال المتنازع عليه المنقول إلى المحل الذي يجب أن يكون فيه أو بأن يرده محرزه إلى المالك الحقيقي.
5ـ الحراسة القضائية، وهي تدبير تحفظي مستعجل ومؤقت ليس له تأثير في موضوع النزاع، ويقوم على وضع المال المتنازع عليه عند شخص آخر لحفظه وتسليمه لمن يثبت له الحق فيه، وإذا لم يُتفق على الحراسة بإرادة الطرفين، فإنه يمكن القضاء أن يفرضها، وذلك عند توافر الشروط المطلوبة قانوناً وهي: وجود نزاع على مال معين، أو أن يكون الحق فيه غير ثابت، وقيام الحظر العاجل ووجود مصلحة لطالب الحراسة في طلبها، وأن يكون المال قابلاً للتعامل به، ومما يمكن إدارته من قبل الغير وألا يكون المال بإدارة من يملك صلاحيات أكثر من الحراسة كمصفى التركة أو الشركة أو مدير المال الشائع إذ يملك كل من هؤلاء سلطة الحفظ والإدارة وصلاحياتهما معاً في حين أن صلاحيات الحارس القضائي[ر] محصورة في الحفظ. وتُوضع الحراسة بدعوى مستعجلة أو عادية ترفع أمام القضاء المختص، ويتسم الحكم فيها بالنفاذ المعجل، وإذا لم يتفق ذوو الشأن على الحارس يعينه القاضي ويحدد ماله من حقوق وسلطة وإلا فتطبق أحكام الوديعة وأحكام الوكالة بالقدر الذي لا تتعارض فيه مع نصوص القانون.
6ـ منع السفر وهو تدبير تحفظي مقيد لحرية السفر خارج البلاد، ويقصد منه في القضايا الشرعية حماية حقوق الزوجة في النفقة على أساس أنها سبب معاشي، وهو إجراء يقرره القاضي في غرفة المذاكرة، قبل دعوة الخصوم، ولا يكون إلا في دعوى النفقة.