[♦Җ♦] اللاجئ [♦Җ♦]
عرفت الحضارات القديمة من فرعونية ويونانية ورومانية ظاهرة اللجوء الديني، وكانت المعابد ملاذاً آمناً للفارّين، وعرف العرب في الجاهلية هذه الظاهرة، وأقرّها الإسلام بعد ذلك، كما عرفها الغرب تحت تأثير الديانة المسيحية.
وانحصر حقّ اللجوء حتى القرن الثامن عشر بمرتكبي الجرائم العادية دون تلك التي لها طابع سياسي. لكن بدءاً من الثورة الفرنسية حصل تغيير في هوية المنتفعين من اللجوء، إذ أصبح من الطبيعي تسليم المجرمين العاديين، في حين اكتسبت الجرائم ذات الطابع السياسي حماية خاصة، ولم يعد من الممكن تسليم مرتكبي هذه الأفعال حتى ظهور الشرط البلجيكي الذي استثنى مرتكبي الجرائم ضدّ الملوك والرؤساء وعائلاتهم من مبدأ عدم التسليم، كما بدأ الاتجاه الحديث حالياً يميل إلى تسليم مقترفي جرائم الإرهاب التي أزيل عنها الطابع السياسي.
غير أن ثبات مفهوم حقوق الإنسان وواجب احترام الكرامة البشرية والحفاظ على الحياة حقاً لا يجوز المساس به إلا استثناء، كل هذا أدى إلى ضرورة تأمين حماية خاصة لأولئك الذين يضطرون إلى ترك ديارهم لسبب خارج عن إرادتهم.
وتشير أرقـام المفوضية العليـا لشؤون اللاجئين التابعة للأمـم المتحدة إلى تنامي عـدد المستفيدين من خدماتها ـ لجوءاً ونزوحاً ـ دون أن تكون الجهة الوحيدة المعنية باللجوء والنزوح، إذ تؤدي وكالات خاصة، مثل الأونروا، أو منظمات غير حكومية، مثل اللجنة الدولية للصليب الأحمر دوراً مهماً بشأن الاهتمام باللاجئين والنازحين.
تعريف اللجوء
يمكن تعريف حقّ اللجوء على أنه: «حقّ مؤقت للفرد في الحصول على الحماية القانونية التي تحددها قواعد القانون الدولي والداخلي، تمنحه الدول وفق ظروفها؛ ذلك عندما يفقد هذا الشخص إمكانية بقائه في موطنه الأصلي لأسباب تخرج عن إرادته، على أن يمنح هذا الحق دون تمييز ووفق المبادئ التي تقررها وثائق حقوق الإنسان المختلفة». وكانت اتفاقية الأمم المتحدة عام 1951 الخاصة باللجوء قد عرّفت اللاجئ أنه هو الشخص الذي «وجد نفسه ـ وبسبب خوف له ما يسوّغه من التعرض للاضطهاد بسبب عرقه أو دينه أو جنسه أو انتمائه إلى فئة اجتماعية معينة أو بسبب آرائه السياسية ـ خارج البلاد التي يحمل جنسيتها، ولا يستطيع أو لا يرغب في حماية ذلك البلد بسبب هذا الخوف؛ أو كلّ من لا جنسية له وهو خارج بلد إقامته السابقة، ولا يستطيع، أو لا يرغب بسبب ذلك الخوف في العودة إلى ذلك البلد». وقد اشترطت الفقرة ذاتها على الشخص الذي يرغب في الاستفادة من أحكام هذه الاتفاقية أن يكون تذرعه بعدم حماية دولة جنسيته «مسوغاًَ بسبب معقول مبني على خوف جدي».
وعليه لا يشمل هذا التعريف فئات اللاجئين لأسباب اقتصادية، وهم الأشخاص الراغبون بتحسين مستوى معيشتهم دون أن يكونوا مستهدفين بشخصهم من قبل دولة جنسيتهم؛ وضحايا الكوارث الطبيعية من جفاف وفيضانات وزلازل، وعلى الرغم من أن موجات اللجوء التي تنتج عن الحروب لا تستند في معظم حالاتها إلى خوف مرتبط بآراء سياسية لجماعة الأفراد التي تسعى إلى النزوح أو اللجوء، إلا أن المفوضية العليا للاجئين كانت قد وسّعت إطار عملها؛ لتشمل هذه الفئات.
كما أخرجت الاتفاقية من شمولية أحكامها كل من اقترف جريمة ضد الإنسانية أو جريمة العدوان، أو جريمة من جرائم الحرب ـ أو أي «جريمة جسيمة خارج بلد الملجأ قبل دخوله هذا البلد كلاجئ»، أو كل من يرتكب «أعمالاً مخالفة لأهداف الأمم المتحدة ومبادئها».
تقسم أسباب اللجوء إلى الفئات الآتية:
1ـ أسباب سياسية.
2ـ النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية.
3ـ الكوارث الطبيعية.
4ـ اللجوء لأسباب اقتصادية.
اللجوء السياسي
يميل المجتمع الدولي إلى عدم الاهتمام بمنح حق اللجوء لأسباب اقتصادية، يعدّ اللجوء لأسباب النزاعات المسلحة بأنواعها، والكوارث الطبيعية من أهمّ عوامل اللجوء الجماعي، كما يعدّ اللجوء لأسباب سياسية من أهم عوامل اللجوء الفردي.
ويشترط لمنح حق اللجوء حسب اتفاقية عام 1951 أن يتعرض الشخص أو مجموعة الأشخاص للاضطهاد أو الخوف الجدي منه بسبب العرق أو الدين أو الجنسية أو الانتماء إلى فئة اجتماعية معينة أو أخيراً بسبب الآراء السياسية. وتعدّ الأسباب السالفة الذكر كلها ذات طابع سياسي.
اللجوء الدبلوماسي
لا يدخل حق اللجوء إلى المقار الدبلوماسية والقنصلية (اللجوء الدبلوماسي) في عداد حالات اللجوء السياسي، حيث يشترط في هذا الأخير وجود طالب اللجوء خارج إقليم دولة جنسيته أو محل إقامته الدائم فيما يتعلق بعديم الجنسية.
واللجوء الدبلوماسي عرف إقليمي، طورته الظروف السياسية في القارة الأمريكية، أما على المستوى الدولي فيشترط قبول كل من دولة المقر الدبلوماسي والدولة المستضيفة لهذا المقر حتى يمنح مثل هذا النوع من اللجوء.
اللجوء في وثائق حقوق الإنسان الدولية والإقليمية
كرّست وثائق حقوق الإنسان اللجوء حقاً للفرد، سواء كانت هذه الوثائق عامة، مثل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان أو الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والميثاق العربي لحقوق الإنسان؛ أو وثائق خاصة باللجوء، مثل اتفاقية عام 1951 للأمم المتحدة، أو الاتفاقية الإفريقية للجوء.
هذا ويعدّ قانون اللجوء الجزء المخصص من قانون حقوق الإنسان لحماية الفرد أو جماعة الأفراد في حالات الضرورة، وتبدو الحاجة ماسّة للتركيز على الجهد الدولي في ميدان المحافظة على حقوق اللاجئين؛ خاصة مع تطور مفهوم الأمن الإنساني وتكامله مع مفهوم الأمن الوطني، وحلوله كأولوية في العلاقات الدولية لضمان حريات الأفراد وتحريرهم من الخوف والعوز، وحقهم في العيش من دون تهديدات تمس أمنهم واستقرار حياتهم.
المبادئ التي يقوم عليها حق اللجوء
يرتكز اللجوء كحق على مجموعة من المبادئ، من أهمها مبدأ عدم الإبعاد: Le principe de non- refoulement، أي عدم الإعادة إلى الوطن قسراً، دون أن يعني ذلك أن الدولة التي وصل اللاجئ إليها مضطرة إلى قبوله على أراضيها، بل يقتصر التزامها على عدم جواز تسليمه إلى الدولة التي يعزى إليها الاضطهاد أو احتمال ارتكابه. هذا إضافة إلى مبدأ تقييد سلطة الدولة فيما يتعلّق بإبعاد اللاجئين، حيث يقبل عادة الإبعاد عند تهديد الأمن القومي، وفي الحالات التي تمس النظام العام للدولة المستضيفة. كما يقوم حق اللجوء على مبدأ عدم تسليم المجرمين والمضطهدين السياسيين، وعلى الطبيعة المؤقتة لهذا الحق، وأخيراً على مبدأ الطابع الإنساني للملجأ.
انتهاء اللجوء
ينتهي اللجوء عادة بإحدى الطرق الآتية:
- العودة إلى الوطن: ولابدّ أن تكون هذه العودة طوعية ومن دون ضغط، وتقع مسؤوليّة العودة على اللاجئ الذي لابدّ أن يعبّر صراحة عن رغبته بالعودة، لكن هذه العودة لابّد أن تتم في ظروف من الأمان والاستقرار وإعادة الاندماج المناسبة.
- التوطين: قد يمنح اللاجئ جنسية الدولة التي كان قد سبق لها أن منحته حق اللجوء، ومن ثمّ تنتهي الحماية المقررة بموجب حق اللجوء؛ لتبدأ العلاقة القانونية التي تحددها القوانين الداخلية لدولة الجنسية الجديدة بالسريان.
- إعادة التوطين: وهذا ما يحصل غالباً، حيث تقوم المفوضية العليا لشؤون اللاجئين بإيجاد دول تقبل استقبال اللاجئين، وقد تسمح لهم هذه الأخيرة بحقّ البقاء على أراضيها بصورة دائمة بموجب الجنسية التي قد تمنحهم إياها. وفي الظروف العادية لا يمكن للاجئين أن يطلبوا إعادة التوطين في بلد معين إلا لمصلحة إعادة جمع شمل الأسرة، حيث يحق للاجئين أن يطلبوا إعادة التوطين في بلدان يعيش فيها أفراد أسرتهم المقربون. ومن بين الدول الأعضاء في الأمم المتحدة يخصص عدد قليل منها حصصاً سنوية لإعادة التوطين كأستراليا وكندا والدنمارك وفنلندا ونيوزيلندا والنروج والسويد وهولندا والولايات المتحدة.