•l|♥|l حلف الريو l|♥|l•
حلف الريو Rio Treaty
يعد حلف الريو (الذي وقعت معاهدته في مدينة ريو دي جانيرو في عام 1947 وحمل الحلف اسمها) أقدم حلف عسكري في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية. فالخلفية التاريخية لهذا الحلف تكمن في لمس المساعي الرامية إلى إيجاد تعاون وثيق بين دول القارة الأمريكية. وقد اختلفت الدوافع وراء هذه المساعي. فالولايات المتحدة الأمريكية قصدت بسط نفوذها على دول القارة في محاولاتها الدائبة لتصبح قوة عظمى بعد تحررها هي ذاتها من الاستعمار البريطاني. وما مبدأ مونرو الذي أعلن أن «أمريكا للأمريكيين» إلا تعبير دبلوماسي مفاده في الحقيقة أن القارة الأمريكية هي للولايات المتحدة الأمريكية. أما دول القارة الأصغر فقد ظهرت في بعض منها محاولات معروفة لتحقيق الفدرالية الأمريكية انطلاقاً من الشعور بوحدة الأصل واللغة والتطلعات.
فقد تمكنت الولايات المتحدة الأمريكية، الجار الأمريكي القوي، من تجميع الدول الأمريكية الأصغر في مسيرة نحو التعاون الأمريكي منذ عام1889. وقد استمرت المؤتمرات الأمريكية منذ ذلك العام وتطورت معها فكرة التعاون الأمريكي حتى كان المؤتمر الرابع لوزراء الخارجية الذي انعقد في المكسيك في عام 1945 ووضع وثيقة شابلتيك Chapultepec التي يرى بعضهم أن مادتها الثامنة كانت النواة التي انبثق عنها حلف الريو الحالي.
الدول الأعضاء في حلف الريو
هي عملياً الدول الأعضاء في منظمة الدول الأمريكية ذاتها أي: الأرجنتين، باربادوس، بوليفيا، البرازيل، التشيلي، كولومبيا، كوستاريكا، كوبا، جمهورية الدومينيكان، الإكوادور، السلفادور، غواتيمالا، هايتي، هندوراس، المكسيك، نيكارغوا، بناما، بارغواي، البيرو، ترينيداد وتوباغو، الولايات المتحدة الأمريكية، أورغواي، فنزويلا.
أهداف حلف الريو
بموجب المادة الأولى من معاهدة الريو اتفقت الدول الأطراف على اعتبار أي هجوم مسلح ترتكبه دولة ضد أي دولة أمريكية هجوماً على الدول الأمريكية كلها، وبالتالي تعاهدت على أن تتساعد في مواجهة هذا الهجوم ممارسة منها لحق الدفاع المشروع الفردي والجماعي الذي أقرته المادة /51/ من ميثاق الأمم المتحدة، وتمضي المادة الأولى المذكورة لتنص على أنه بناء على طلب أي دولة أو دول هوجمت مباشرة، وإلى أن تتخذ هيئة التشاور في النظام الأمريكي Organ of Consultation of the American System ما يلزم من إجراءات، يمكن لأي دولة متعاقدة أن تقرر التدابير الفورية التي يمكن أن تتخذها وفاء منها لالتزامها وانطلاقاً من مبدأ التضامن القاري. وهذا ما يبرر إطلاق يد دولة كالولايات المتحدة للتحرك الانفرادي. فالفقرة الثالثة من المادة الأولى تبرر التدخل سواء أكان الهجوم المسلح الذي تعرضت له الدولة الضحية قد وقع من خارجها أم داخلها وفي هذا النص ما فيه من إطلاق يد الدولة الأقوى في التدخل في الشؤون الداخلية للدولة الأضعف باسم حمايتها.
فالفقرة الرابعة من المادة الأولى توجب وقف تدابير الدفاع المشروع بمجرد أن يمارس مجلس أمن الأمم المتحدة صلاحياته في حفظ السلام والأمن الدوليين بموجب أحكام الميثاق لكن الذي يعلم صعوبة قيام مجلس الأمن هذا بمهامه في ضوء المعطيات الدولية القانونية والسياسية يدرك مدى هلامية هذا القيد.
أما المادة السادسة من معاهدة الريو فتتناول حالة تعرض إقليم أو سيادة أو استقلال أي من الدول الأمريكية للخطر بسبب عدوان لا يصل إلى حد الهجوم المسلح، أو بسبب نزاع من خارج القارة أو داخلها، أو بسبب واقعة أو حالة يمكن أن تهدد السلام في أمريكا، فتنص على أنه في مثل هذه الحالة تجتمع هيئة التشاور فوراً للاتفاق على التدابير الواجبة الاتباع لمساعدة الدول المعتدى عليها أو التدابير اللازمة للدفاع عن الأمن والسلام في القارة برمتها.
وبموجب المادة /8/ من معاهدة الريو تشمل هذه التدابير ما يأتي بحسب الحال: استدعاء رؤساء البعثات الدبلوماسية، قطع العلاقات الدبلوماسية، قطع العلاقات القنصلية، القطع الكلي أو الجزئي للصلات الاقتصادية والمواصلات البرية والبحرية والجوية واللاسلكية والهاتفية وأخيراً وليس أخراً استخدام القوة المسلحة.
وتعد المادة التاسعة من المعاهدة نموذجاً يستحق الانتباه إليه في تحديدها أعمال العدوان. فهي تنص على أنه إضافة لما يمكن لهيئة التشاور عدّه كذلك تعدّ الأفعال الآتية عدواناً:
أ- الهجوم المسلح غير المسبوق باستفزاز من قبل دولة على إقليم دولة أخرى أو شعبها أو قواتها البرية والبحرية والجوية.
ب- الغزو من قبل القوات المسلحة لإقليم دولة أمريكية بما في ذلك عبور الحدود المعترف بها بمعاهدة أو قرار قضائي أو حكم تحكيمي أو - في حال عدم وجود مثل هذه الحدود المعترف بها - الغزو الذي يمس إقليماً خاضعاً لسيادة دولة أخرى.
والقرارات التي تتطلب تطبيقاً لما تقدم من تدابير تعتبر ملزمة لجميع الدول الموقعة على المعاهدة، لكنها لا تعني إجبار دولة ما على استخدام القوة بدون إرادتها، أي إنها تترك الأمر مآلاً للدول القادرة، أو بصورة أدق للدول الأقدر على التحرك فرادى أو جماعة، وفي هذا النص ميزة عدم اشتراط الإجماع لنفاذ قرارات من التعسف في التدخل إذا ما رغبت في ذلك. وهذا ما حصل فعلاً في أزمة الدومينيكان في منتصف الستينات وقبلها المسألة الغواتيمالية في منتصف الخمسينيات.
المنطقة الجغرافية التي يغطيها حلف الريو
بالرجوع إلى المادة الرابعة من اتفاقية الريو يتضح أنه قصد من الحلف أن يحمي كلاً من أمريكا الشمالية والجنوبية بما في ذلك كندا وغرينلند والقطبين الشمالي والجنوبي للقارتين والمناطق الواقعة بينهما. وكذلك فإن كلاً من جمايكا وترينيداد وتوباغو، وغوايانا وباربادوس تقع ضمن المنطقة المحمية لهذا الحلف.
وإضافة للأقاليم المذكورة، تنص الاتفاقية على إمكانية اتخاذ التدابير في حالة وقوع هجوم مسلح «ضمن إقليم دولة أمريكية». وهذا يعني أكثر من الإقليم القاري لبلد كالولايات المتحدة (أو غيرها من الدول الأعضاء). مثال على ذلك هاواي وجزيرة غوام واي مستعمرات أخرى خارج الحدود الجغرافية للقارة الأمريكية بوصفها جميعاً تؤلف جزءاً من «إقليم الولايات المتحدة».
أجهزة حلف الريو ونشاطاته
ليس لحلف الريو قيادة عسكرية أو قوات خاصة تحت تصرفه، مما يؤكد أنه في التحليل النهائي مجرد مبرر لتمكين الدولة الأقوى فيه (الولايات المتحدة) من بسط نفوذها على القارة الأمريكية بشطريها. إلا أن في مؤتمر الريو لعام 1965 ومؤتمر بونس آيرس لعام 1967 بحثت مسألة إنشاء قوة مسلحة أمريكية دائمة غير أن المشروع رفض من جانب إحدى عشرة دولة ولم توافق عليه غير ست دول فقط في حين امتنعت ثلاث دول عن التصويت من بينها الولايات المتحدة الأمريكية.
ثارت خلافات متعددة بصدد تطبيق نظام الضمان الجماعي الذي أتى به حلف الريو وخاصة في مسألة كوبا(1961-1962)، والخلاف بين سان دومنغو وهايتي سنة 1962 ثم مسألة سان دومنغو سنة 1965. وفي كل الحالات كان صوت الولايات المتحدة ونفوذها هما الأقوى من خلال أجهزة الحلف التي مارست دور المنفذ لرغبات واشنطن.لذا فحلف الريو ضعيف ليس له وزن دولي يذكر على أنه كان الخطوة الأولى التي توسعت بعدها الولايات المتحدة في إقامة ترتيبات الدفاع الجماعي في الكتلة الغربية وخاصة معاهدة حلف شمال الأطلسي[ر].