|»۞«| حلف جنوب شرقي آسيا |»۞«|
الخلفية التاريخية للحلف
نشأ حلف جنوب شرقي آسيا South East Asian Treaty Organization (SEATO) مع ظهور الصين الشعبية كقوة متعاظمة في القارة الآسيوية وفي السياسة الدولية عموماً بعد عام 1949، وكانت الدول التي تبنت الدعوة إلى إنشائه في البداية بإيحاء من الولايات المتحدة، الفيليبين وتايلند وكوريا الجنوبية، وذلك بدافع التخوف من أن تقع تحت سيطرة الشيوعية.
وقد عزز من محاولة هذا التلاحم انتصار الشيوعية التي أسفرت عنه الحرب الفيتنامية، فعقدت في بالي (إندونيسيا) سنة 1976 قمة لرؤساء هذه الدول أصدرت بياناً يعلن عن «وفاق» لآسيان ومعاهدة للصداقة والتعاون فيما بين دولها.
ومن هذا المنطلق تحركت الولايات المتحدة لإقامة تنظيم دفاعي عن منطقة جنوب شرقي آسيا، وقد تم ذلك بتوقيع حلف ما نيلا أو معاهدة حلف جنوب شرق آسيا وذلك في 8 أيلول 1954.
سمي حلف جنوب شرقي آسيا بعد أن كان يُعرف عام 1961 بـ «رابطة جنوب شرقي آسيا» وأطلق عليه في شهر آب من عام 1967 بـ «رابطة شعوب جنوب شرقي آسيا».
الدول الأعضاء في الحلف
وقع معاهدة ما نيلا كل من: أسترالية، فرنسا، نيوزيلندا، الباكستان، جمهورية الفيليبين، تايلند، المملكة المتحدة، والولايات المتحدة الأمريكية. ثم انضمت فيما بعد إلى الرابطة سلطنة بروناي دار السلام عام 1984. فحين تدخلت فيتنام في شؤون كمبوديا عسكرياً، ودب الذعر لدى أعضاء رابطة آسيان ووحدوا قواهم لمقاومة الاختراق الفيتنامي إلى أن تم انسحاب ڤييتنام من كمبوديا عام 1989، مما أدى إلى انضمام فيتنام إلى الرابطة عام 1995، وفيها طلبت كل من مينمار وكمبوديا ولاوس الانضمام إليها. وفي شهر تشرين الثاني عام 1972 أعلنت الباكستان رسمياً انسحابها من الحلف بعد إخفاق حلفائها فيه في تقديم مساعدات لها في حربها مع الهند عام 1971.
أهداف الحلف
تنص المادة الرابعة من معاهدة الحلف أنه في الحالات التي يقع فيها اعتداء مسلح على إحدى الدول الأعضاء في المعاهدة وفي حدود المنطقة التي يغطيها دفاع الحلف.فإن مثل هذا الاعتداء يعدّ موجهاً إلى كل دول الحلف، ومن ثم يتعين عليها اتخاذ التدابير والترتيبات ما يمكنها من التصدي للعدوان.
وقد تركت المادة السابعة الباب مفتوحاً أمام أية دولة ترغب في الانضمام إلى المعاهدة إذا كانت في وضع يمكنها من تدعيم أهداف هذا التحالف وأجازت المادة العاشرة لأي دولة حق الانسحاب من الحلف. وقد ورد في تذييل المعاهدة فقرة خاصة هامة توضح فهم الولايات المتحدة للالتزامات التي نصت عليها المعاهدة، وذلك بأن ذكرت أن الولايات المتحدة وهي توقع على هذه المعاهدة فإنما تفعل ذلك في إطار إدراكها أن العدوان المسلح الذي يقع ضد دولة حليفة والذي يوجب التدخل الجماعي هو العدوان الشيوعي فقط. أما في الحالات الأخرى فإنها ستلجأ إلى التشاور.
المنطقة الجغرافية التي يغطيها الحلف
تحدد المادة الثامنة من معاهدة مانيلا المنطقة الجغرافية التي يغطيها دفاع الحلف. وهي تشمل الباكستان وتايلند ولاووس وڤيتنام (الحرة)، أي الجنوبية، وكمبودية وماليزيا وأسترالية ونيوزيلندا والفيليبين.
ومن هذا التحديد لمنطقة دفاع الحلف يظهر أن كلاً من بريطانيا والولايات المتحدة لم تدخلاه دفاعاً عن أراضيها، فهي بعيدة عن مداه الجغرافي بل دفاعاً عن مستعمراتها ومناطق نفوذها السياسي والاقتصادي.
أجهزة الحلف ونشاطاته
نصت المادة الخامسة من معاهدة مانيلا على إقامة مجلس تمثل فيه كل الدول المتحالفة، ويتبع مجلس الحلف مجموعة مستشارين عسكريين وعنها تنبثق مجموعة لجان تخصصية. وكان للحلف قائد عام ونائب له ترتبط بهما بعض الهيئات مثل لجنة الممثلين العسكريين من خبراء الدول الأعضاء وإدارة الإعلام والسكرتارية العسكرية وقسم التخطيط واللجنة الاقتصادية الاستشارية ولجان فنية أخرى.
ومن نشاطات هذا الحلف أنه بُحث في اجتماعاته موضوعات منها إنشاء مقر لقيادة الحلف وموضوع التخطيط للحرب الذرية، وموضوع إنشاء قواعد أميركية للصواريخ والأسلحة الذرية في دول الحلف، كما بُحث موضوع توثيق روابط الحلف بحلف الأطلسي[ر]، وحلف بغداد[ر].
في عام 1977 حُل الحلف بالاتفاق بين الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها في الحلف كتعاون عسكري منظم وحُول إلى منظمة متواضعة للتعاون في الشؤون غير السياسية بين أعضائه.
وفي عام 1992 قررت المنظمة السعي إلى إقامة منظمة للتجارة الحرة فيما بينها AFTA ويتوقع أن تبلغ عشرة أعضاء مع مطلع هذا القرن. وقد توقع معهد الدراسات الاستراتيجية الإندونيسي أن تكون الرابطة نداً للولايات المتحدة واليابان والصين كقوة عظمى في المنطقة الآسيوية للمحيط الهادئ في بحر القرن الحادي والعشرين فتصبح بحقّ، على ما يؤمل، زاخرة لا فقط بالتعاون السياسي والاقتصادي والاجتماعي بل «منطقة سلام وحرية وحياد». كما قال بيانها سنة 1971. وتعقد الحوار المفيد مع هذه الدول الكبرى.
ولقد تعددت اجتماعات قمة الرابطة لتنشيط ما تبتغيه من التعاون السياسي والاقتصادي والاجتماعي وأقيم منبر آسيان الإقليمي Asian Regional Forum ليجمع على مائدة الحوار لا فقط الدول الغربية الكبرى بل الصين وروسيا أيضاً.
وقد رافق تقليص قوات الولايات المتحدة في المنطقة زيادة في قوات ماليزيا وسنغافورة وتايلند وإندونيسيا تحوطاً واستجابة للدواعي الأمنية، لأن هناك ملفاً من الخلاف ما زال قائماً بين الصين وبلاد آسيان على ملكية جزر سبراتلي المتناثرة في بحر الصين الجنوبي. والمظنون أنها تحوي موارد ضخمة أولية، ومهما يكن من أمر فإن مجرد ما أنجزته آسيان من القضاء على خلافات بين أعضائها في أوائل الستينات كادت تجرّ إلى حروب إقليمية، يعد إنجازاً ثميناً في الحفاظ على التعاون والأمن والسلام.