| {♦۞♦} التكفير .. مفهومه و أخطاره و ضوابطه {♦۞♦} | |
|
|
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
البراء
عضو نشيط
الجنس : العمر : 36 المدينة المنورة التسجيل : 18/01/2012 عدد المساهمات : 76
| موضوع: {♦۞♦} التكفير .. مفهومه و أخطاره و ضوابطه {♦۞♦} الثلاثاء 24 يناير 2012, 6:19 pm | |
|
{♦۞♦} التكفير .. مفهومه و أخطاره و ضوابطه {♦۞♦}
الجزء الأول
إعداد : أحمد محمد بوقرين - قسم أصول الدين بالجامعة الأمريكية المفتوحة
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده و نشكره و نستهديه و نستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا و من سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له و من يضلل فلا هادي له و اشهد ألا إله إلا الله و أشهد أن محمدا عبده و رسوله .
اللهم إني أبرأ من الثقة إلا بك و من الأمل إلا فيك و من التسليم إلا لك و من التفويض إلا إليك و من التوكل إلا عليك و من الرضا إلا عنك و من الطلب إلا منك و من الذل إلا في طاعتك و من الصبر إلا على بابك و من الرجاء إلا في يديك الكريمتين و من الرهبة إلا بجلالك العظيم .
اللهم تتابع برك و اتصل خيرك وكمل عطاؤك و عمت فواضلك و تمت نوافلك وبر قسمك و صدق وعدك و حق على أعدائك وعيدك ولم يبقى لي حاجة هي لك رضآ و لي صلاح إلا قضيتها و أعنتني على قضائها يا أرحم الراحمين .
وبعـــــــد ..
فهذا بحث التخرج للسنة الرابعة بقسم الشريعة و أصول الدين في الكلية الأوروبية للدراسات الإسلامية و الذي أتناول فيه موضوع " التكفير أخطاره و ضوابطه " و الحقيقة التي تظهر لنا من عنوان البحث الذي نحن بصدده أنه موضوع بحثين في بحث واحد بمعنى أننا نستطيع أن نفرد أخطار التكفير في بحث مستقل عن ضوابط التكفير إلا أن ضيق الوقت و الذي يعتبر من المعوقات الأساسية لمن يعيش في ديار الغرب ثم قلة المصادر و المراجع التي سيعتمد عليها الطالب في إعداد مثل هذا البحث تعيقان مثل هذه المحاولة و لكن حسبي من هذا البحث أن أسلط الضوء على هذه الظاهرة الخطيرة – ظاهرة التكفير – التي استشرت في مجتمعنا العربي و الإسلامي والمجتمع الأوروبي كذلك فأسقطت عصمة المسلمين و استباحت دماءهم و أموالهم
مقدمــة :- إن تكفير أي إنسان أو اتهامه بالفسق و الضلال و الانحراف أو النفاق فإن هذا يجرده عمليا من حقوقه الإنسانية و يعرضه للإهانة و القتل و الطرد من المجتمع , و إذا اتخذت عملية التكفير طابعا جماعيا- جماعة التكفير- و شملت جماعة أو طائفة فإنها تعرض المجتمع الإسلامي إلى الفرقة و الاختلاف , و إذا انهارت الرابطة الدينية فلا مجال لإن نستعيض عنها بأي شيء آخر .
وإدراكا من الإسلام لخطورة عملية التكفير فقد دعا إلى احترام هوية كل من يتشهد الشهادتين و يلتزم بأركان الدين وعدم التشكيك بإسلام من يعلن إسلامه حتى في ساحات القتال و تحت بريق السيوف , حيث قال الله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَتَبَيَّنُواْ وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِندَ اللّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنتُم مِّن قَبْلُ فَمَنَّ اللّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُواْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا ) (1)
و عندما حدثت الفتنة الأولى بين المسلمين و نشبت بينهم الحروب رفض سيدنا علي رضي الله عنه أن يتهم خصومه بالكفر و النفاق و قال: كما نقل بن كثير في البداية و النهاية (إخواننا بغوا علينا).
و مع ذلك فإن الأمة الإسلامية قديما و حديثا لم تسلم من داء التكفير, وقد تعرض الإمام علي رضي الله عنه نفسه إلى عملية التكفير من قبل الخوارج الذين رفضوا التحكيم بين علي و معاوية . و بالرغم من أن مأخذهم لم يكن يتعدى الاجتهاد السياسي إلا أنهم أضفوا عليه صفة الكفر و الإيمان , و ذهبوا إلى حد شق وحدة الأمة المسلمة و إعلان الحرب على المسلمين .
و منذ ذلك الحين استمرت ظاهرة التكفير في المجتمع الإسلامي , و كانت تنتشر و تستعر أحيانا و تتقلص و تخبو أحيانا أخرى , فبينما كانت الحروب الداخلية و الظروف الاقتصادية السيئة تؤججها , كانت أجواء السلام و الرخاء تطفئها و تقضي عليها .
و هذه الظاهرة - ظاهرة التكفير - في معظم الأحوال كانت تستند إلى تأويلات تعسفية و أقاويل و شواهد ضعيفة و فتاوى عاطفية و مواقف نفسية.
و إذا لم تكن عملية التكفير صارخة و صريحة أحيانا , فإنها كانت تقترب من ذلك أحيانا أخرى, حيث تنسب كل جهة إلى نفسها الصواب المطلق و الرشد التام و معرفة الإسلام الحق , في حين تتهم الطوائف الأخرى بالفسق و الضلال , و ذلك إستنادآ إلى تفسير خاطئ لحديث من أحاديث النبي صلى الله عليه و سلم و هو افتراق الأمة الإسلامية إلى ثلاث و سبعين أو أثنين و سبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة , مما كان ينعكس سلبا على علاقة كل فريق بالأخر , و يؤدي إلى تصور كل فرقة أنها هي الناجية الوحيدة فتعامل الآخرين و كأنهم من أهل النار .
و قد عرفت الحركة الإسلامية الحديثة منذ أواسط القرن الماضي حركات تكفير عديدة بداية من جماعة التكفير و الهجرة التي ظهرت في سجون مصر نتيجة التعذيب الشنيع الذي كانوا يتعرضون إليه و هذا التعذيب كان مبررا و دافعا لهم كي يكفروا المجتمع بأكمله و انتهاء بالمجموعات التكفيرية التي ظهرت أخيرا و التي كانت تتهم المجتمع الإسلامي بالجاهلية والردة والكفر لأنه يخضع لأنظمة لا تطبق الشريعة الإسلامية .
من هذه المنطلقات آنفة الذكر كان لزاما علينا علاج هذا الفكر المنحرف و المِعْوَج وذلك بالحوار و الإقناع و إقامة الحجة و الدليل.
سبب اختيار البحث :-
يعود سبب اختياري هذا البحث لعدة أمور :
أولها :-
أن هذه الفتنة العظيمة - فتنة التكفير - التي مزقت جسد الأمة الإسلامية هي أول البدع والفتن ظهورآ في الإسلام أي بمعنى أنها منبع لكثير من الانحرافات العقائدية و السلوكية و الخلقية و النفسية التي عانت منها الأمة المسلمة على مدى أربعة عشر قرنا
قال شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله في الفتاوى : " أول البدع ظهورا في الإسلام , أظهرها ذما في السنة و الأثر: بدعة الحرورية المارقة , فإن أولهم قال للنبي صلى الله عليه و سلم في وجهه : إعدل يا محمد ! فإنك لم تعدل , و الأحاديث عن النبي صلى الله عليه و سلم مستفيضة في وصفهم و ذمهم .
و قال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى : ": صح الحديث في الخوارج من عشرة أوجه. و قد خرجها مسلم في صحيحه و خرج البخاري طائفة منها. قال النبي صلى الله عليه و سلم "يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم, و صيامه مع صيامهم و قراءته مع قراءتهم, يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم, يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية –و في رواية- يقتلون أهل الإسلام و يدعون أهل الأوثان".
وثانيها:
أن ظاهر تمسكهم بالدين يوهم عموم الناس , و من لا فقه له بأنهم أحق الناس بالدين , و بالإسلام , و هم في الحقيقة على غير ذلك . ولذلك فهم يشتبهون على كثير من الناس . كما سئل على بن أبي طالب رضي الله عنه : أكفار هم ؟ قال من الكفر فروا. فقيل : فمنافقون هم ؟ قال : إن المنافقين لا يذكرون الله إلا قليلا , و هم يذكرون الله بكرة و أصيلا . قيل : من هم ؟ قال : قوم أصابتهم فتنة فعموا و صموا . (2)
و قال ابن عمر رضي الله عنهما : هم شرار الخلق , و قال : إنهم انطلقوا إلى آيات نزلت في الكفار فجعلوها على المؤمنين. (3)
وثالثها :
أنهم فارقوا جماعة المسلمين و أئمتهم و ذلك بخروجهم عن السنة , و جعلهم ما ليس بسيئة سيئة أو ما ليس بحسنة حسنة , و هذا هو الذي أظهروه في وجه النبي صلى الله عليه و سلم حيث قال له ذو الخويصرة التميمي : إعدل فإنك لم تعدل , حتى قال له المصطفى عليه الصلاة و السلام ( و يلك ! و من يعدل إذا لم أعدل ؟ لقد حبت و خسرت إن لم أعدل ) . فقوله : فإنك لم تعدل جعل منه لفعل النبي صلى الله عليه و سلم سفهآ و ترك عدل , و قوله : أعدل أمر له لما أعتقده هو حسنة من القسمة التي لا تصلح , و هذا الوصف تشترك فيه البدع المخالفة للسنة , فقائلها لا بد أن يثبت ما نفته السنة , أو ينفي ما أثبتته السنة , و يحسن ما قبحته السنة , أو يقبح ما حسنت السنة .
و الخوارج جوزوا على النبي صلى الله عليه و سلم نفسه أن يجور و يضل في سنته , و لم يوجبوا طاعته و متابعته , و إنما صدقوه فيما بلغه من القرآن دون ما شرعه من السنة التي تخالف بزعمهم ظاهر القرآن.
ورابعها :
إستفحال و إنتشار هذه الظاهرة الشاذة و تسللها إلى مجتمعنا بفئاته و شرائحه المختلفة يحتم علينا أن تكون لنا وقفة مساهمة بكتابة مثل هذه البحوث التي تعالج مثل هذه القضايا الخطيرة و توضح لكل مسلم أنه يجب عليه ألا يتعجل في إطلاق تعابير التكفير و التفسيق على المعينين أو الجماعات حتى يتأكد من وجود جميع أسباب الحكم عليه بالكفر و انتفاء جميع موانع التكفير في حقه و هذا يجعل مسألة التكفير من مسائل الإجتهاد التي لا يحكم فيها بالكفر على شخص أو جماعة إلا العلماء الذين بلغوا مرتبة الإجتهاد لإن الحكم على المسلم بالكفر و هو لا يستحقه ذنب عظيم , لإنه حكم عليه بالخروج من ملة الإسلام , و أنه حلال الدم و المال , و حكم عليه بالخلود في النار إن مات على ذلك , و لذلك ورد الوعيد الشديد في شأن من يحكم على مسلم بالكفر , و هو ليس كذلك , و قد ثبت عند البخاري عن أبي ذر قال : قال النبي صلى الله عليه و سلم : " لا يرمي رجل رجلآ بالفسوق ولا يرمية بالكفر إلا ارتدت عليه إن لم صاحبه كذلك " (4).
| |
|
| |
البراء
عضو نشيط
الجنس : العمر : 36 المدينة المنورة التسجيل : 18/01/2012 عدد المساهمات : 76
| موضوع: رد: {♦۞♦} التكفير .. مفهومه و أخطاره و ضوابطه {♦۞♦} الثلاثاء 24 يناير 2012, 6:20 pm | |
|
{ الباب الأول }:
( الفصل الأول ) :
التعريف اللغوي و الاصطلاحي للتكفير :-
الكفر في اللغة :
بمعنى الستر و التغطية , يقال لمن غطى ذرعه بالثوب : قد كفر درعه و يقال للمزارع : " كافرا " لأنه يغطي البذر بالتراب , و منه سمي الكفر الذي هو ضد الإيمان " كفرآ " لإن فيه تغطية للحق بجحد أو غيره , و قيل : سمي الكافر " كافرا " لأنه قد غطى قلبه بالكفر (5)
و الكفر في الإصطلاح :
يقول الشيخ بكر أبوزيد في كتابه درء الفتنة و الكفر في الإصطلاح هو إعتقادات و أقوال و أفعال جاء في الشرع ما يدل أن من وقع فيها ليس من المسلمين و قد حكى جمع من أهل العلم إجماع العلماء على أن الكفر يكون بمجرد القول أو الفعل .
| |
|
| |
البراء
عضو نشيط
الجنس : العمر : 36 المدينة المنورة التسجيل : 18/01/2012 عدد المساهمات : 76
| |
| |
البراء
عضو نشيط
الجنس : العمر : 36 المدينة المنورة التسجيل : 18/01/2012 عدد المساهمات : 76
| موضوع: رد: {♦۞♦} التكفير .. مفهومه و أخطاره و ضوابطه {♦۞♦} الثلاثاء 24 يناير 2012, 6:21 pm | |
|
( الفصل الثالث ) : جماعات التكفير الحديثة :
التعريف :-
هي جماعات إسلامية غالية نهجت نهج الخوارج في التكفير بالمعصية ، نشأت داخل السجون المصرية في بادئ الأمر ، وبعد إطلاق سراح أفرادها ، تبلورت أفكارها ، وكثر أتباعها في صعيد مصر وبين طلبة الجامعات خاصة .
الأفكار و المعتقدات :-
- التكفير عنصر أساسي في أفكار ومعتقدات هذه الجماعة فهم يكفرون كل من أرتكب كبيرة وأصر عليها ولم يتب منها ، وكذلك يكفرون الحكام الذين لا يحكمون بما أنزل الله بإطلاق ودون تفصيل ، ويكفرون المحكومين لأنهم رضوا بذلك وتابعوهم أيضاً بإطلاق ودون تفصيل ، أما العلماء فيكفرونهم لأنهم لم يكفروا هؤلاء ولا أولئك ، كما يكفرون كل من عرضوا عليه فكرهم فلم يقبله أو قبله ولم ينضم إلى جماعتهم ويبايع إمامهم . أما من انضم إلى جماعتهم ثم تركها فهو مرتد حلال الدم ، وعلى ذلك فالجماعات الإسلامية إذا بلغتها دعوتهم ولم تبايع إمامهم فهي كافرة مارقة من الدين .
- وكل من أخذ بأقوال الأئمة بالإجماع حتى ولو كان إجماع الصحابة أو بالقياس أو بالمصلحة المرسلة أو بالاستحسان ونحوها فهو في نظرهم مشرك كافر .
- والعصور الإسلامية بعد القرن الرابع الهجري كلها عصور كفر وجاهلية لتقديسها لصنم التقليد المعبود من دون الله تعالى فعلى المسلم أن يعرف الأحكام بأدلتها ولا يجوز لديهم التقليد في أي أمر من أمور الدين .
- قول الصحابي وفعله ليس بحجة ولو كان من الخلفاء الراشدين . · والهجرة هي العنصر الثاني في فكر الجماعة ، ويقصد بها العزلة عن المجتمع الجاهلي ، وعندهم أن كل المجتمعات الحالية مجتمعات جاهلية . والعزلة المعنية عندهم عزلة مكانية وعزلة شعورية ، بحيث تعيش الجماعة في بيئة تتحقق فيها الحياة الإسلامية الحقيقة - برأيهم - كما عاش الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام في الفترة المكية .
- يجب على المسلمين في هذه المرحلة الحالية من عهد الاستضعاف الإسلامي أن يمارسوا المفاضلة الشعورية لتقوية ولائهم للإسلام من خلال جماعة المسلمين - التكفير والهجرة - وفي الوقت ذاته عليهم أن يكفوا عن الجهاد حتى تكتسب القوة الكافية . - لا قيمة عندهم للتاريخ الإسلامي لأن التاريخ هو أحسن القصص الوارد في القرآن الكريم فقط . - لا قيمة أيضاَ لأقوال العلماء المحققين وأمهات كتب التفسير والعقائد لأن كبار علماء الأمة في القديم والحديث - بزعمهم - مرتدون عن الإسلام .
- قالوا بحجية الكتاب والسنة فقط ولكن كغيرهم من أصحاب البدع الذي اعتقدوا رأياً ثم حملوا ألفاظ القرآن عليه فما وافق أقوالهم من السنة قبلوه وما خالفها تحايلوا في رده أو رد دلالته .
- دعوا إلى الأمية لتأويلهم الخاطئ لحديث ( نحن أمة أمية …) فدعوا إلى ترك الكليات ومنع الانتساب للجامعات والمعاهد إسلامية أو غير إسلامية لأنها مؤسسات الطاغوت وتدخل ضمن مساجد الضرار .
- أطلقوا أن الدعوة لمحو الأمية دعوة يهودية لشغل الناس بعلوم الكفر عن تعلم الإسلام ، فما العلم إلا ما يتلقونه في حلقاتهم الخاصة .
- قالوا بترك صلاة الجمعة والجماعة بالمساجد لأن المساجد كلها ضرار وأئمتها كفار إلا أربعة مساجد : المسجد الحرام والمسجد النبوي وقباء والمسجد الأقصى ولا يصلون فيها أيضاً إلا إذا كان الإمام منهم . - ادعى زعماء الجماعة أنهم بلغوا درجة الإمامة ، والاجتهاد المطلق ، وأن لهم أن يخالفوا الأمة كلها وما أجمعت عليه سلفاً وخلفاً .
أهم شخصياتهم :-
علي إسماعيل : كان إمام هذه الفئة من الشباب داخل المعتقل ، وهو أحد خريجي الأزهر ، وقد صاغ علي إسماعيل مبادئ العزلة والتكفير لدى الجماعة ضمن أطر شرعية حتى تبدو وكأنها أمور شرعية لها أدلتها من الكتاب والسنة ومن حياة الرسول صلى الله عليه وسلم في الفترتين : المكية والمدنية ، متأثراً في ذلك بأفكار الخوارج ، إلا أنه رجع إلى رشده وأعلن براءته من تلك الأفكار التي كان ينادي بها .
ولقد إنتشرت هذه الجماعة في معظم محافظات مصر وفي منطقة الصعيد على الخصوص ، ولها وجود في بعض الدول العربية مثل اليمن والأردن والجزائر … وغيرها . (15)
إذن فجماعة التكفير هي جماعة غالية أحيت فكر الخوارج بتكفير كل من ارتكب كبيرة وأصر عليها وتكفير الحكام بإطلاق ودون تفصيل لأنهم لا يحكمون بشرع الله وتكفير المحكومين لرضاهم بهم بدون تفصيل وتكفر العلماء لعدم تكفيرهم أولئك الحكام . ولا يخفى مدى مخالفة أفكار ومنهج هذه الجماعة لمنهج أهل السنة والجماعة في مصادر التلقي والاستدلال وقضايا الكفر والإيمان وغير ذلك مما سبق بيانه .
| |
|
| |
البراء
عضو نشيط
الجنس : العمر : 36 المدينة المنورة التسجيل : 18/01/2012 عدد المساهمات : 76
| موضوع: رد: {♦۞♦} التكفير .. مفهومه و أخطاره و ضوابطه {♦۞♦} الثلاثاء 24 يناير 2012, 6:22 pm | |
|
( الفصل الرابع ) : أسباب ظاهرة التكفير الحديثة :-
إن أسباب ظهور ظاهرة التكفير الحديثة ، وفشوها وانتشارها عديدة، يكمن أهمها في:
1ـ الجهل الذريع، وربما الجهل المركب بهذه المسألة المهمة، في معرفة الكفر في موارد أدلة الوحي الشريف، والفرق بين الكفرين: الأكبر والأصغر، وحال أصحابهما من جهة اجتماع الشروط وانتفاء الموانع، والفرق بين الكفر المطلق والكفر المعيِّّن، والكفر الدنيوي والحكم لصاحبه بالخلود الأخروي بالنار.
2ـ اتباع الهوى، والأغراض النفسية في التكفير المخالف وذمه والقدح في عرضه بالكفر دون تبصّر بالعلم، وتورّع بالديانة.
3ـ اتباع المذاهب البدعية، والأقوال الشاذة، وتقليد الأصاغر في العلم والدين في إطلاق الكفر على الدول والمجتمعات والأفراد.
4ـ الاستهانة بمحارم الله وأحكام شرعه، وعدم الأخذ على يد المكابر والمعلن بقالة الكفر، وأطره على الحق أطراً بقوة البرهان والسلطان! إلى غير ذلك من الأسباب، مع الأخذ في الاعتبار أن كل سبب من هذه الأسباب يحتاج إلى بسط في العرض والتحليل وضرب الأمثلة والتدليل..إلخ.
5.إنتشار الكفر والردة الحقيقية جهرة في مجتمعاتنا الإسلامية، واستطالة أصحابها وتبجحهم بباطلهم، واستخدامهم أجهزة الإعلام وغيرها لنشر كفرياتهم على جماهير المسلمين دون أن يجدوا من يزجرهم أو يردهم عن ضلالهم وغيهم.
6. تساهل بعض العلماء في شأن هؤلاء الكفرة الحقيقيين وعدهم في زمرة المسلمين، والإسلام منهم براء.
7. إضطهاد حملة الفكر الإسلامي السليم، والدعوة الإسلامية الملتزمة بالقرآن والسنة، والتضييق عليهم في أنفسهم ودعوتهم. والاضطهاد والتضييق لأصحاب الفكر الحر، لا يولد إلا اتجاهات منحرفة، تعمل تحت الأرض، في جو مغلق بعيدا عن النور والحوار المفتوح.
8. قلة بضاعة هؤلاء الشبان الغيورين من فقه الإسلام وأصوله، وعدم تعمقهم في العلوم الإسلامية واللغوية . الأمر الذي جعلهم يأخذون ببعض النصوص دون بعض، أو يأخذون بالمتشابهات، وينسون المحكمات، أو يأخذون بالجزئيات ويغفلون القواعد الكلية، أو يفهمون بعض النصوص فهما سطحيا سريعا، إلى غير ذلك من الأمور اللازمة لمن يتصدر للفتوى في هذه الأمور الخطيرة، دون أهلية كافية. فالإخلاص وحده لا يكفي، ما لم يسنده فقه عميق لشريعة الله وأحكامه، وإلا وقع صاحبه فيما وقع فيه الخوارج من قبل، الذين صحت الأحاديث في ذمهم من عشرة أوجه، كما قال الإمام أحمد. هذا مع شدة حرصهم على العقيدة والتنسك.
ولهذا كان أئمة السلف يوصون بطلب العلم قبل التعبد والجهاد، حتى لا ينحرف عن طريق الله من حيث لا يدري. وقد قال الحسن البصري: العامل على غير علم كالسالك على غير طريق، والعامل على غير علم، ما يفسد أكثر مما يصلح، فاطلبوا العلم طلبا لا يضر بالعبادة، واطلبوا العبادة طلبا لا يضر بالعلم، فإن قوما طلبوا العبادة وتركوا العلم، حتى خرجوا بأسيافهم على أمة محمد صلى الله عليه وسلم ولو طلبوا العلم لم يدلهم على ما فعلوا. (16) .
| |
|
| |
البراء
عضو نشيط
الجنس : العمر : 36 المدينة المنورة التسجيل : 18/01/2012 عدد المساهمات : 76
| موضوع: رد: {♦۞♦} التكفير .. مفهومه و أخطاره و ضوابطه {♦۞♦} الثلاثاء 24 يناير 2012, 6:23 pm | |
| | |
|
| |
البراء
عضو نشيط
الجنس : العمر : 36 المدينة المنورة التسجيل : 18/01/2012 عدد المساهمات : 76
| |
| |
البراء
عضو نشيط
الجنس : العمر : 36 المدينة المنورة التسجيل : 18/01/2012 عدد المساهمات : 76
| موضوع: رد: {♦۞♦} التكفير .. مفهومه و أخطاره و ضوابطه {♦۞♦} الثلاثاء 24 يناير 2012, 6:25 pm | |
|
القاعدة الخامسة:
ما عدا الشرك تحت إمكان المغفرة:
وهي تأكيد للقاعدة السابقة –أن الذنب الذي لا يغفر هو الشرك بالله تعالى، وما عداه من الذنوب –صغرت أو كبرت- فهو في مشيئة الله تعالى، إن شاء عفا عنه، وإن شاء عاقبه. قال تعالى: (إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيدًا ). (42) والمراد بالشرك في الآية وأمثالها: الشرك الأكبر، وهو اتخاذ إله أو آلهة مع الله تعالى وهو المراد بهذا اللفظ عند الإطلاق. ومثله الكفر الأكبر: كفر الجحود والإنكار. قال الحافظ ابن حجر: لأن من جحد نبوة محمد صلى الله عليه وسلم مثلا، كان كافرا ولو لم يجعل مع الله إلها آخر، والمغفرة منتفية عنه بلا خلاف أما المعاصي الأخرى دون الكفر أو الشرك، فهي تحت سلطان المشيئة الإلهية. من شاء غفر له، ومن شاء عاقبه، كما ذكرت الآيتان السابقتان (وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء ). قال الإمام ابن تيمية: ولا يجوز أن يحمل هذا على التائب، بأن التائب لا فرق في حقه بين الشرك وغيره كما قال سبحانه في الآية الأخرى: (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله، إن الله يغفر الذنوب جميعا). فهنا عمم وأطلق، لأن المراد به التائب، وهناك خص وعلق. (43) (مجموع فتوى شيخ الإسلام ج7 ص484-485) وقد جاء الحديث الصحيح يؤيد مضمون الآية الكريمة في أن ما عدا الشرك من المعاصي موكول إلى المشيئة الإلهية. ففي حديث عبادة بن الصامت عند البخاري، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: وحوله عصابة من أصحابه: (بايعوني على ألا تشركوا بالله شيئا، ولا تسرقوا ولا تزنوا، ولا تقتلوا أولادكم، ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم، ولا تعصوا في معروف. فمن وفى منكم فأجره على الله، ومن أصاب من ذلك شيئا فعوقب في الدنيا فهو كفارة له، ومن أصاب من ذلك شيئا ثم ستره الله، فهو إلى الله، إن شاء عفا عنه، وإن شاء عاقبه). والحديث واضح الدلالة على أن ارتكاب الموبقات التي اشتملت البيعة على اجتنابها لا يخرج صاحبها من الإسلام، بل من عوقب عليها كانت العقوبة طهارة وكفارة له، وإلا فهو في المشيئة. يقول العلامة المازري: في الحديث رد على الخوارج الذين يكفرون بالذنوب، ورد على المعتزلة الذين يوجبون تعذيب الفاسق إذا مات بلا توبة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بأنه تحت المشيئة ولم يقل: لابد أن يعذبه.
وقال الطيبي: "فيه الإشارة إلى الكف على الشهادة بالنار على أحد إلا من ورد النص فيه بعينه". (44)
القاعدة السادسة:
انقسام الكفر الوارد في النصوص إلى أكبر وأصغر:
أن الكفر في لغة القرآن والسنة، قد يراد به الكفر الأكبر، وهو الذي يخرج الإنسان من الملة، بالنسبة لأحكام الدنيا، ويوجب له الخلود في النار بالنسبة لأحكام الآخرة. وقد يراد به الكفر الأصغر، وهو الذي يوجب لصاحبه الوعيد دون الخلود في النار، ولا ينقل صاحبه من ملة الإسلام. إنما يدمغه بالفسوق أو العصيان. فالكفر بالمعنى الأول، هو الإنكار أو الجحود المتعمد لما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم أو بعض ما جاء به، مما علم من دينه بالضرورة. والكفر بالمعنى الثاني، يشمل المعاصي التي يخالف بها أمر الله تعالى، أو يرتكب بها ما نهى عنه. وفيه جاءت أحاديث كثيرة، مثل: (من حلف بغير الله فقد كفر) أو (فقد أشرك)، (سباب المسلم فسوق وقتاله كفر)، (لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض)، (لا ترغبوا عن آبائكم فإن كفرا بكم أن ترغبوا عن آبائكم)، (من قال لأخيه: يا كافر فقد باء بها أحدهما).
وإنما قلنا: إن الكفر الوارد في هذه النصوص وأمثالها ليس كفرا ناقلا عن الملة، لأدلة أخرى. فقد تقاتل الصحابة، ولم يكفر بعضهم بعضا بذلك. والمنقول عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب يقينا: إنه لم يكفر من قاتله في معركة الجمل، أو صفين، وإنما اعتبرهم بغاة. وقد صح الحديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعمار: تقتلك الفئة الباغية… كما صح الحديث في الخوارج أنهم (تقتلهم أدنى الطائفتين إلى الحق) وقد قاتلهم علي رضي الله عنه ومن معه. كما أثبت القرآن إيمان الطائفتين المقتتلتين (وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا ) وكما أثبت الأخوة الدينية بينهم (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ). ومثل ذلك، حديث: (من قال لأخيه يا كافر) فقد أثبت الأخوة بينهما، وهي لا تثبت بين مسلم وكافر، فدل ذلك على أنه لم يخرج من دائرة الإسلام بقوله. ومثل ذلك قوله: (من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك) أو (من أتى عرافا أو كاهنا فصدقه بما يقوله فقد كفر بما أنزل الله على محمد) ونحوها. فلم يعتبره أحد من علماء المسلمين طوال القرون الماضية كفرا مخرجا من الملة، وردة عن الإسلام. ومازال الناس في مختلف الأزمنة يحلفون بغير الله، ويصدقون العرافين والكهان، فينكر أهل العلم والدين عليهم ويضللونهم أو يفسقونهم، ولكن لم يحكموا بردتهم، ولا فرقوا بينهم وبين نسائهم، ولا أمروا بعدم الصلاة عليهم عند موتهم، أو بعدم دفنهم في مقابر المسلمين. وقد جاء في الحديث المرفوع: أن هذه الأمة لا تجتمع على ضلالة. ولهذا ذكر ابن القيم عددا من الأحاديث التي أطلقت الكفر على بعض المعاصي ثم قال: "والقصد: أن المعاصي كلها من نوع الكفر الأصغر، فإنها ضد الشكر، الذي هو العمل بالطاعة، فالسعي إما شكر وإما كفر، وإما ثالث لا من هذا ولا من هذا". (45) (مدارج السالكين ج1ص355 فالكفر بالمعنى الأول –أعني الكفر الأكبر- يقابله الإيمان. يقال: مؤمن وكافر. كما في مثل قوله تعالى: (فَمِنْهُم مَّنْ آمَنَ وَمِنْهُم مَّن كَفَرَ ) البقرة 252 وقوله تعالى: (اللّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ أَوْلِيَآؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) البقرة 257، (كَيْفَ يَهْدِي اللّهُ قَوْمًا كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ) آل عمران 86. أما الكفر بالمعنى الثاني – الكفر الأصغر- فيقابله: الشكر، فالإنسان إما شاكر للنعمة، أو كافر بها، غير قائم بحقها، وإن لم يكفر بمنعها. قال تعالى في وصف الإنسان: (إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا )الآية 2 سورة الإنسان (46) وقال: (وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ) النمل الآية 40. وجاء في صحيح البخاري حديث ذكر فيه سبب دخول النساء النار: إنهن يكفرن! قيل: يا رسول الله: يكفرن بالله؟ قال: (يكفرن العشير، ويكفرن الإحسان). ولهذا لما نقل الحافظ ابن حجر عن القرطبي قوله: حيث جاء الكفر في لسان الشارع فهو جحد المعلوم من دين الإسلام بالضرورة الشرعية. عقب عليه بقوله: وقد ورد الكفر في الشرع بمعنى جحد النعم، وترك شكر المنعم، والقيام بحقه، كما تقدم تقريره في كتاب "الإيمان" في باب "كفر دون كفر" في حديث أبي سعيد "يكفرن الإحسان…الخ" . (47) (فتح الباري ج13 ص75) وذلك أن الإمام البخاري رضي الله عنه وضع في كتاب الإيمان عدة أبواب للرد على الخوارج الذين يكفرون المسلمين باقتراف الكبائر. منها: باب "كفران العشير، وكفر دون كفر" وعبارة "كفر دون كفر" هذه وردت عن ابن عباس وبعض التابعين في تفسير قوله تعالى: (وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ)المائدة الآية 44. وهذا يدلنا على أن تقسيم الكفر إلى درجات متفاوتة بين أكبر وأصغر، تقسيم مأثور عن سلف الأمة. وهذا التقسيم نفسه يجري في الشرك وفي النفاق وفي الفسق وفي الظلم. فكل منها ينقسم إلى الأكبر الذي يوجب التخليد في النار، والأصغر الذي لا يوجب ذلك، ولا ينقل عن الملة. وقد ذكر البخاري في صحيحه"باب: ظلم دون ظلم" واستدل بحديث ابن مسعود لما نزلت آية الأنعام (الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم، أولئك لهم الأمن وهم مهتدون) قال الصحابة: يا رسول الله، وأينا لم يظلم نفسه؟ قال: ليس كما تقولون: لم يلبسوا إيمانهم بظلم: بشرك. أو لم تسمعوا قوله تعالى: ( إن الشرك لظلم عظيم). ووجه الدلالة من الحديث على ما أراده البخاري: أن الصحابة فهموا من قوله "بظلم" عموم أنواع المعاصي، ولم ينكر عليهم النبي صلى الله عليه وسلم ذلك، وإنما بين لهم أن المراد: أعظم أنواع الظلم وهو الشرك، فدل على أن الظلم مراتب متفاوتة. (48) (فتح الباري ج1 ص94-95 ط الحلبي)
القاعدة السابعة:
اجتماع بعض شعب الإيمان مع شعب الكفر أو النفاق أو الجاهلية:
أن الإيمان قد يجامع شعبة أو أكثر للكفر أو الجاهلية أو النفاق. وهذه الحقيقة قد خفيت على كثيرين في القديم والحديث، فحسبوا أن المرء إما أن يكون مؤمنا خالصا أو كافرا خالصا، ولا واسطة بينهما، إما مخلصا محضا أو منافقا محضا. وقريب منه من يقول: إما مسلم محض أو جاهلي. ولا ثالث لهذين الصنفين. وهذه طريقة كثير من الناس. حيث يركزون النظر على الأطراف المتقابلة دون الالتفات إلى الأوساط. فالشيء عندهم إما أبيض فقط أو أسود فقط، ناسين أن هناك من الألوان ما ليس بأبيض ولا بأسود خالص، بل بين بين.
ولا عجب أن نجد فئة من الناس، إذا وجدت فردا أو مجتمعا لا يتحقق فيه صفات الإيمان الكامل، بل توجد فيه بعض الخصائص النفاق، أو شعب الكفر، أو أخلاق الجاهلية، سارعت إلى الحكم عليه بالكفر المطلق، أو النفاق الأكبر، أو الجاهلية المكفرة، لاعتقادهم أن الإيمان لا يجامع شيئا من الكفر أو النفاق بحال. وأن الإسلام والجاهلية ضدان لا يجتمعان. وهذا صحيح إذا نظرنا إلى الإيمان المطلق (أي الكامل) والكفر المطلق، وكذلك الإسلام والجاهلية والنفاق. أما مطلق إيمان وكفر، أو مطلق إيمان ونفاق، أو مطلق إسلام وجاهلية، فقد يجتمعان كما دلت على ذلك (النصوص) وأقوال السلف رضي الله عنهم. ففي الصحيح: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي ذر رضي الله عنه: (إنك امرؤ فيك جاهلية!) وهذا وهو أبو ذر في سابقته وصدقه وجهاده. وفيه: (من مات ولم يغز ولم يحدث نفسه بالغزو مات على شعبة من النفاق). وروى أبو داود عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: (القلوب أربعة: قلب أغلف، فذلك قلب الكافر، وقلب مصفح وذلك قلب المنافق، وقلب أجرد، فيه سراج يزهو، فذلك قلب المؤمن، وقلب فيه إيمان ونفاق، فمثل الإيمان فيه كمثل شجرة يمدها ماء طيب، ومثل النفاق مثل قرحة يمدها قيح ودم، فأيهما غلب عليه غلب). وقد روى مرفوعا، وهو في مسند أحمد مرفوعا. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وهذا الذي قاله حذيفة يدل عليه قوله تعالى: (هم للكفر يومئذ أقرب منهم للإيمان) فقد كان قبل ذلك فيهم نفاق مغلوب، فلما كان يوم أحد، غلب نفاقهم، فصاروا إلى الكفر أقرب. وروى عبد الله بن المبارك بسنده عن علي بن أبي طالب قال إن الإيمان يبدو لمظة بيضاء في القلب، فكلما ازداد العبد إيمانًا ازداد القلب بياضًا، حتى إذا استكمل الإيمان ابيض القلب كله.وإن النفاق يبدو لمظة سوداء في القلب، فكلما ازداد العبد نفاقا ازداد القلب سوادا، حتى إذا استكمل العبد النفاق اسود القلب. وآيم الله لو شققتم عن قلب المؤمن لوجدتموه أبيض، ولو شققتم عن قلب الكافر لوجدتموه أسود). وقال ابن مسعود: الغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء البقل. قال شيخ الإسلام: وهذا كثير في كلام السلف: يبينون أن القلب قد يكون فيه إيمان ونفاق. والكتاب والسنة يدلان على ذلك. فإن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر شعب الإيمان وذكر شعب النفاق، وقال: (من كانت فيه شعبة منهن كانت فيه شعبة من النفاق حتى يدعها) وتلك الشعبة قد يكون معها كثير من شعب الإيمان. ولهذا قال: (ويخرج من النار من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان) فعلم أن من كان معه من الإيمان أقل القليل لم يخلد في النار، وأن من كان معه كثير من النفاق، فهو يعذب على قدر ما معه من ذلك، ثم يخرج من النار. وعلى هذا فقوله تعالى للأعراب: (قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ) فقد نفى حقيقة دخول الإيمان في قلوبهم، وذلك لا يمنع أن يكون فيهم شعبة منه، كما نفاه عن الزاني والسارق، ومن لا يحب لأخيه ما يحب لنفسه، ومن لا يأمن جاره بوائقه، وغير ذلك… فإن في القرآن والحديث من نفى عنه الإيمان لترك بعض الواجبات شيء كثير.(أنظر: كتاب الإيمان الكبير،(49) من مجموع فتوى شيخ الإسلام ج7 ص303-305) وفي موضع آخر عرض ابن تيمية رحمه الله للأمر فقال: "والمقصود أن خير المؤمنين في أعلى درجات الجنة، والمنافقون في الدرك الأسفل من النار، وإن كانوا في الدنيا مسلمين ظاهرا، تجرى عليهم أحكام الإسلام الظاهرة. فمن كان فيه إيمان ونفاق يسمى (مسلما) إذ ليس هو دون المنافق المحض، وإذا كان نفاقه أغلب لم يستحق اسم الإيمان، بل اسم المنافق أحق به، فإن ما فيه بياض وسواد، وسواده أكثر من بياضه، هو باسم الأسود أحق منه باسم الأبيض. كما قال تعالى: (هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلإِيمَانِ )167 آل عمران . وأما إذا كان إيمانه أغلب، ومعه نفاق يستحق به الوعيد، لم يكن أيضا من المؤمنين الموعودين بالجنة (أي مع السابقين) وإن استحقها بإيمانه بعد العذاب إن لم يشفع له أو يعف الله عنه. قال: وطوائف أهل الأهواء –من الخوارج والمعتزلة والجهمية والمرجئة- يقولون: إنه لا يجتمع في العبد إيمان ونفاق. ومنهم من يدعي الإجماع على ذلك. ومن هنا غلطوا فيه، وخالفوا فيه الكتاب والسنة وآثار الصحابة، والتابعين لهم بإحسان، مع مخالفة صريح المعقول. بل الخوارج والمعتزلة طردوا هذا الأصل الفاسد، وقالوا: لا يجتمع في الشخص الواحد طاعة يستحق بها الثواب، ومعصية يستحق بها العقاب. ولا يكون الشخص الواحد محمودا من وجه، مذموما من وجه، ولا محبوبا مدعوا له من وجه، ومسخوطا ملعونا من وجه، ولا يتصور أن الشخص الواحد يدخل الجنة والنار جميعا عندهم، بل من دخل إحداهما لم يدخل الأخرى، ولهذا أنكروا خروج أحد من النار، أو الشفاعة في أحد من أهل النار. وحكى عن غالية المرجئة: أنهم وافقوهم على هذا الأصل، ولكن هؤلاء قالوا: "إن أهل الكبائر يدخلون الجنة، ولا يدخلون النار" مقابلة لأولئك. "وأما أهل السنة والجماعة والصحابة والتابعون لهم بإحسان وسائر طوائف المسلمين من أهل الحديث والفقهاء، وأهل الكلام.. فيقولون: إن الشخص الواحد، قد يعذبه الله بالنار ثم يدخله الجنة، كما نطقت بذلك الأحاديث الصحيحة. وهذا الشخص الذي له سيئات عذب بها، وله حسنات دخل بها الجنة وله معصية وطاعة باتفاق. فإن هؤلاء الطوائف لم يتنازعوا في حكمه، لكن تنازعوا في اسمه. فقالت المرجئة: هو مؤمن كامل الإيمان. وأهل السنة والجماعة على أنه مؤمن ناقص الإيمان. ولولا ذلك لما عذب، كما أنه ناقص البر والتقوى باتفاق المسلمين. وهل يطلق عليه اسم "مؤمن"؟ هذا فيه القولان… والصحيح التفصيل. فإذا سئل عن أحكام الدنيا كعتقه في الكفارة. قيل: هو مؤمن. وكذلك إذا سئل عن دخوله في خطاب المؤمنين أي في مثل قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ). وأما إذا سئل عن حكمه في الآخرة قيل: ليس هذا النوع من المؤمنين الموعودين بالجنة، بل معه إيمان يمنعه الخلود في النار، ويدخل به الجنة بعد أن يعذب في النار، إن لم يغفر الله له ذنوبه… لهذا قال من قال: هو مؤمن بإيمانه فاسق بكبيرته، أو مؤمن ناقص الإيمان. والذين لا يسمونه مؤمنا من أهل السنة والمعتزلة يقولون: اسم الفسوق ينافي اسم الإيمان لقوله تعالى: (بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) الحجرات الآية 11 وقوله: (أَفَمَن كَانَ مُؤْمِنًا كَمَن كَانَ فَاسِقًا لَّا يَسْتَوُونَ ). قال: وعلى هذا الأصل، فبعض الناس يكون معه شعبة من شعب الكفر، ومعه إيمان أيضا. وعلى هذا ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في تسمية كثير من الذنوب كفرا، مع أن صاحبها قد يكون معه أكثر من مثقال ذرة من إيمان، فلا يخلد في النار. كقوله: (سباب المسلم فسوق وقتاله كفر) وقوله: (لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض). وهذا مستفيض عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيح من غير وجه، فإنه أمر في حجة الوداع أن ينادى به في الناس. فقد سمى من يضرب بعضهم رقاب بعض –بلا حق- كفارا، ويسمى هذا الفعل كفرا. ومع هذا فقد قال تعالى: (وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا )الحجرات الآية 8 إلى قوله: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ) الحجرات الآية 9.
فبين أن هؤلاء لم يخرجوا من الإيمان بالكلية، ولكن فيهم ما هو كفر، وهو هذه الخصلة، كما قال بعض الصحابة: كفر دون كفر. وكذلك قوله: (من قال لأخيه: يا كافر فقد باء بها أحدهما) فقد سماه أخا حين القول، وقد أخبر أن أحدهما باء بها، فلو خرج أحدهما عن الإسلام بالكلية لم يكن أخاه، بل فيه كفر).
القاعدة الثامنة:
تفاوت مراتب الأمة في الطاعة:
وهي تأكيد للسابعة: أن مراتب الناس متفاوتة في امتثالهم لأمر الله تعالى، واجتنابهم لنهيه. ولهذا تفاوتت درجات إيمانهم وقربهم من الله عز وجل، ومن هنا قرر سلف الأمة أن الإيمان يزيد وينقص، ودل على ذلك بالكتاب والسنة، فمن الخطأ الفاحش تصور الناس جميعا ملائكة أولى أجنحة، بلا أخطاء ولا خطايا، ناسين العنصر الطيني الذي خلقوا منه، والذي يشدهم إلى الأرض لا محالة. وهذه الحقيقة –حقيقة تفاوت الناس في الإيمان والطاعة لله- قد قررها القرآن الكريم، كما أكدتها سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال تعالى في سورة فاطر: (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ ). فقد قسم الله عز وجل الأمة التي أورثها الكتاب، واصطفاها من عباده ثلاثة أصناف: 1. ظالم لنفسه، وهو كما قال ابن كثير، المفرط في فعل بعض الواجبات المرتكب بعض المحرمات. 2. ومقتصد، وهو المؤدي للواجبات، التارك للمحرمات، وقد يترك بعض المستحبات، ويفعل بعض المكروهات. 3. وسابق للخيرات، وهو الفاعل للواجبات والمستحبات، التارك للمحرمات والمكروهات، وبعض المباحات.(50) (تفسير ابن كثير ج3 ص454-555 :ط الحلبي) فهؤلاء الثلاثة على ما في بعضهم من عوج وتقصير وظلم للنفس داخلون في الذين اصطفاهم الله من عباده. وهؤلاء الأصناف الثلاثة ينطبقون على الطبقات أو المراتب الثلاث المذكورة في حديث جبريل المشهور: وهي "الإسلام" و"الإيمان" و"الإحسان". وأخبر الله تعالى عن هؤلاء الأصناف الثلاثة –وفيهم الظالم لنفسه- بأنهم من أهل الجنة. وصح عن ابن عباس في تفسير الآية قوله: هم أمة محمد صلى الله عليه وسلم ورثهم الله كل كتاب أنزله، فظالمهم يغفر له، ومقتصدهم يحاسب حسابا يسيرا، وسابقهم يدخل الجنة بغير حساب.(المصدر السابق) وليس المراد بـ "المحرمات" التي يرتكبها الظالم لنفسه "الصغائر" فقط دون "الكبائر" ولا المراد به التائب من جميع الذنوب، لأن هذا وذاك –كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية- يدخل في صنف المقتصد أو السابق "فإنه ليس أحد من بني آدم يخلو من ذنب. كل من تاب كان مقتصدا أو سابقا". كذلك من اجتنب الكبائر كفرت عنه السيئات، كما قال تعالى: (إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلاً كَرِيمًا ). فلا بد أن يكون هناك ظالم لنفسه، وموعود الجنة. ولو بعد عذاب يطهر من الخطايا.(من كتاب "الإيمان" (51) من مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية ج7 ص485:ط الرياض) على أن المسلم مهما يكن مقتصدا أو ظالما لنفسه، فعليه أن يكره الكفر والفسوق والعصيان، ولا يرضى بالمنكر الذي تطفح به الحياة من حوله. فإن أدنى درجات الإيمان أن يغير المسلم المنكر بقلبه، أي يكرهه ويتألم له ويسخط عليه، وأرفع من ذلك درجة أن يغيره بلسانه إن استطاع، وأرفع من هذه أن يغيره بيده إن استطاع. وهذا ما جاء به الحديث الصحيح المشهور على الألسنة (من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فمن لم يستطع فبلسانه، فمن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان). فإذا كان التغيير بالقلب –بالمفهوم الذي شرحناه- أضعف الإيمان، فمعنى هذا أن من فقد هذه الدرجة –درجة أضعف الإيمان- فقد الإيمان كله، ولم يبق له منه شيء. وهذا ما صرح به الحديث الآخر الذي رواه مسلم عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم (ما من نبي بعثه الله في أمة قبلي إلا كان له من أمته حواريون وأصحاب، يأخذون بسنته، ويقتدون بأمره، ثم إنه يخلف من بعدهم خلوف، يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يؤمرون فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن. وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل). فالحديث الشريف يصرح بأن من لم يجاهد هؤلاء الفسقة والظالمين بقلبه –أي يكره أعمالهم وظلمهم وفسقهم- ليس عنده من الإيمان حبة خردل. وبعبارة أخرى، ليس عنده أقل القليل من الإيمان. غير أن هذا الأمر مرده إلى ضمير المسلم وقلبه، فهو الذي يستطيع أن يحكم على نفسه أهو راض عن المنكر أم هو ساخط عليه؟ وإن كان راضيا عن صاحب المنكر: أهو راض عنه لأجل فسقه وظلمه وانحرافه عن شرع الله أم لأجل شيء آخر، مثل مصلحة أصابها منه، أو قرابة بينه وبينه، أو غير ذلك. وإن كان الواجب على المؤمن أن يكون مناط قربه أو بعده من الناس هو مدى اتصالهم بالإسلام أو انفصالهم عنه (52) ( ظاهرة الغلو في التكفير ) .
| |
|
| |
البراء
عضو نشيط
الجنس : العمر : 36 المدينة المنورة التسجيل : 18/01/2012 عدد المساهمات : 76
| موضوع: رد: {♦۞♦} التكفير .. مفهومه و أخطاره و ضوابطه {♦۞♦} الثلاثاء 24 يناير 2012, 6:26 pm | |
| ( الفصل الثاني ) : أخطار التكفير
(1) – أخطار التكفير على الأفراد :
1. من أخطار التكفير على الفرد أنه لا يحل لزوجته البقاء معه، ويجب أن يفرق بينها وبينه، لأن المسلمة لا يصح أن تكون زوجة لكافر بالإجماع المتيقن.
2. إن أولاده لا يجوز أن يبقوا تحت سلطانه، لأنه لا يؤتمن عليهم ويخشى أن يؤثر عليهم بكفره، وبخاصة أن عودهم طري. وهم أمانة في عنق المجتمع الإسلامي كله.
3. إنه فقد حق الولاية والنصرة على المجتمع الإسلامي، بعد أن مرق منه وخرج عليه بالكفر الصريح، والردة البواح، ولهذا يجب أن يقاطع، ويفرض عليه حصار أدبي من المجتمع حتى يفيق لنفسه، ويثوب إلى رشده.
4. إنه يجب أن يحاكم أمام القضاء الإسلامي، لينفذ فيه حكم المرتد، بعد أن يستتيبه ويزيل من ذهنه الشبهات، ويقيم عليه الحجة.
5. إنه إذا مات لا تجرى عليه أحكام المسلمين، فلا يغسل ولا يصلى عليه، ولا يدفن في مقابر المسلمين، ولا يورث، كما أنه لا يرث إذا مات مورث له.
6. إنه إذا مات على حاله من الكفر يستوجب لعنة الله وطرده من رحمته، والخلود الأبدي في نار جهنم.
وهذه الأحكام الخطيرة توجب على من يتصدى للحكم بتكفير خلق الله أن يتريث مرات ومرات قبل أن يقول ما يقول.
(2) – أخطار التكفير على المسلمين :-
مما لا شك فيه أن خطر التكفير يتعدى الأفراد إلى أن يصل خطره إلى المسلمين جميعآ فمن هذه الأخطار على المسلمين :
1. أن التكفير يعتبر تقنيط للمسلمين من رحمة الله تعالى بل يعتبر هذا التكفير تشجيع لهم على التعكفير الحقيقي بمعنى أن الذي تصدر ضده مثل هذه الفتوى من فتاوى التكفير قد يؤزه الشيطان إلى القول " أنا الغريق فما خوفي من البلل" .
2. يعتبر التكفير إهدار للدم المعصوم و من المعلوم أنه من مقاصد الإسلام العليا صيانة النفوس من إهدار دمها .
3. كذلك من أخطار التكفير التي تجري على الفرد و المجتمع إبطال قواعد الزواج و التوارث و الترحم على موتى المسلمين و لا يخفى على كل ذي عقل ما هي النتائج الوخيمة التي سوف تترتب على إبطال و إلغاء مثل هذه القواعد العظيمة في حياة الأمة المسلمة
(3) . أخطارالتكفير على الإسلام و المسلمين :
من أخطار ظاهرة التكفير على الإسلام و المسلمين فشو الجهل وخفاء العلم بالدين: عقيدة وشريعة، وتشويه سماحة الإسلام وعالميته، وكذلك اختلال الأمن العام للمسلمين وغيرهم: الأمن العقدي والفكري و الأمن الديني، والأمن الاجتماعي، والأمن السياسي، والعسكري، والأمن الأسري، والأمن النفسي، ولا سيما على العقل والدين والعرض والنفس والمال، وهي الضرورات الخمس التي أجمعت على حفظها شرائع الله قاطبة. والنبي صلى الله عليه وسلم يقول : (كل المسلم على المسلم حرام: دمه وماله وعرضه)، وفي حجة الوداع في يوم عرفة قال: (إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا). (53) متفق عليه.
ولقد عانى كثير من المسلمين من ويلات هذه النهج الخاطئ فروع الآمنون واستحلت دمائهم واموالهم وانتشرت هذه الفتنة
وعم الاضطراب حتى شمت غير المسلمين من الإسلام و المسلمين ، فتشوهت صورة الإسلام الصحيح في نظر غير المسلمين، واستغل هذا الأمر اعداء الإسلام حيث صوروا لغير المسلمين ان دين الإسلام دين ارهاب وقتل وسرق ونهب،وقد بلغ ببعض أفراد تلك الطائفة ان استحلت الأموال العامة وسعت الى اتلاف ما أمكن اتلافه ومحاولة زعزعة الامن واخافة الآمنين وإيذائهم.
| |
|
| |
البراء
عضو نشيط
الجنس : العمر : 36 المدينة المنورة التسجيل : 18/01/2012 عدد المساهمات : 76
| موضوع: رد: {♦۞♦} التكفير .. مفهومه و أخطاره و ضوابطه {♦۞♦} الثلاثاء 24 يناير 2012, 6:27 pm | |
| { الباب الثالث } :
( الفصل الأول ) : موانع التكفير
موانع التكفير هي :
1 - الجهل : وهو خلو النفس من العلم ، فيقول قولاً أو يعتقد اعتقاداً غير عالم بحرمته ، كمن يعتقد أن الصلاة غير واجبة عليه ، أو أن الله غير قادر على حشر الأجساد إذا تفرقت ، والسبب وراء ذلك جهله بوجوب الصلاة وقدرة الله جلا وعلا ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : ( كان رجل يسرف على نفسه فلما حضره الموت ، قال لبنيه : إذا أنا متُّ فأحرقوني ثم اطحنوني ثم ذروني في الريح ، فوالله لئن قدر علي ربي ليعذبني عذابا ما عذبه أحدا ، فلما مات فعل به ذلك فأمر الله الأرض فقال اجمعي ما فيك منه ، ففعلت ، فإذا هو قائم ، فقال ما حملك على ما صنعت ؟ قال : يا رب خشيتك فغفر له ) رواه البخاري ، فهذا رجل جهل قدرة الله جلا وعلا فظن أنه إذا أحرق ونثر رماده في البر والبحر فإن الله لا يقدر على جمعه ، ولا شك أن الشك في قدرة الله جلا وعلا ، والشك في البعث كفر ، ولكنه لما كان جاهلا غفر الله له .
وفي سنن ابن ماجة عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يدرس الإسلام كما يدرس وشيُ الثوب حتى لا يدرى ما صيام ، ولا صلاة ، ولا نسك ، ولا صدقة ، وليسرى على كتاب الله عز وجل في ليلة فلا يبقى في الأرض منه آية ، وتبقى طوائف من الناس الشيخ الكبير والعجوز يقولون : أدركنا آباءنا على هذه الكلمة لا إله إلا الله فنحن نقولها ، فقال له صلة : ما تغني عنهم لا إله إلا الله وهم لا يدرون ما صلاة ، ولا صيام ، ولا نسك ، ولا صدقة ، فأعرض عنه حذيفة ، ثم ردها عليه ثلاثاً ، كل ذلك يعرض عنه حذيفة ، ثم أقبل عليه في الثالثة ، فقال : يا صلة تنجيهم من النار ثلاثا ) فهؤلاء كتب الله لهم النجاة ولم يعرفوا من الإسلام إلا الشهادة ، وجهلوا ما سواها من شعائر الدين وأركانه ، لكن لما كان الجهل هو عذرهم نفعتهم الشهادة التي ينطقون بها .
وليعلم أن العذر بالجهل إنما يقبل في حق من كان في محلٍّ أو حالٍ هو مظنة أن يجهل هذه الأحكام كمن نشأ في بادية بعيدة أو كان حديث عهد بكفر ، أما من عاش بين المسلمين ، يحضر صلواتهم ويسمع خطبهم ، ثم يجهل شيئا من أصول الدين أو أمراً معلوماً منه بالضرورة فلا يعذر بجهله ، لأنه متسبب في وجود جهله وعدم إزالته .
2- الخطأ : وهو أن يقصد بفعله شيئاً فيصادف فعله غيرَ ما قصد ، كمن يريد رمي غزالٍ فيصيب إنساناً ، أو كمن يريد رمي كتاب كفر فيرمي كتاب الله جلَّ وعلا ، والأدلة على العذر بالخطأ كثيرة منها قوله تعالى : { وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ } (54) ( الأحزاب الآية 5 ) ومن الأحاديث المشهورة في العذر بالخطأ ، قوله : صلى الله عليه وسلم : ( إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه(55) وهذه الأدلة عامة في العذر من عموم الخطأ وثمة دليل خاص يدل على العذر من الخطأ في مسائل الكفر ، وهو ما رواه مسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لله أشد فرحا بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة فانفلتت منه وعليها طعامه وشرابه ، فأيس منها فأتى شجرة فاضطجع في ظلها قد أيس من راحلته ، فبينا هو كذلك إذا هو بها قائمة عنده ، فأخذ بخطامها ثم قال من شدة الفرح : اللهم أنت عبدي وأنا ربك أخطأ من شدة الفرح ) ولا شك أن مخاطبة الله بالعبد كفر ومروق من الدين إن كان عن قصد وتعمد ، ولكن لما كان نطق الرجل لها خطأ كان معذورا بخطئه.
3- الإكراه : وهو إلزام الغير بما لا يريد ، ففي هذه الحالة يكون المكرَه في حلٍّ مما يفعله أو يقوله تلبية لرغبة المكرِه دفعا للأذى عن نفسه أو أهله ، وهذا من رحمة الله عز وجل بعباده ولطفه بهم حيث لم يكلفهم ما يشق عليهم ، قال تعالى : { مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ } ( 56) (النحل:106) ، وحتى لا يقع الناس في الكفر ويرتكبوا المحرمات عند وجود أدنى ضغط أو تهديد فقد ذكر العلماء الشروط التي يتحقق بها وجود وصف الإكراه المعتبر شرعاً وهي :
أ- أن يكون التهديد بما يؤذي عادة كالقتل والقطع والحبس والضرب ونحو ذلك .
ب- أن يكون المكرِه قادراً على تحقيق ما هدد به ، لأن الإكراه لا يتحقق إلا بالقدرة ، فإن لم يكن قادرا لم يكن للإكراه اعتبار .
ج - أن يكون المكرَه عاجزاً عن الذب عن نفسه بالهرب أو بالاستغاثة أو المقاومة ونحو ذلك .
د - أن يغلب على ظن المكرَه وقوع الوعيد ، إن لم يفعل ما يطلب منه . فإذا اجتمعت هذه الشروط كان الإكراه معتبراً شرعاً .
4- التأويل : وهذا المانع من التكفير إنما يختص بأهل الاجتهاد دون غيرهم من المتقولين على الله بالجهل والهوى ، وذلك أن المجتهد قد يترك مقتضى نص لنص آخر يراه أقوى منه ، كمن اعتقد من الصحابة حل الخمر مستدلاً بقوله تعالى : { لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ } (57) ( المائدة:93 ) فلما رفع أمرهم إلى عمر بن الخطاب وتشاور الصحابة فيهم ، اتفق عمر و علي وغيرهما من علماء الصحابة رضي الله عنهم على أنهم إن أقروا بالتحريم جلدوا , وإن أصروا على الاستحلال قتلوا . فلم يكفرهم الصحابة رضي الله عنهم من أول وهلة لتأويلهم ، بل أجمعوا على أن يبينوا لهم خطأ استدلالهم فإن أصروا قتلوا ردة ، فلما استبان للمتأولين خطأ استدلالهم رجعوا وتابوا .
والتأويل المعتبر في هذا المقام هو ما كان له وجه في الشرع واللغة العربية ، أما إن كان لا يعتمد على شيء من القرائن الشرعية أو اللغوية فهو غير معتبر شرعا كتأويلات الباطنية ونحوهم .
تلك هي موانع التكفير ، وهي تدلنا على مبلغ حرص الشرع على وجوب التحقق من وقوع الكفر من فاعله ، حتى لا يسفك دم معصوم بالتهمة والشك ، وفي ذكر هذه الموانع درس لمن يمارسون التكفير دون اعتبار لتوافر شروط التكفير وانتفاء موانعه.
| |
|
| |
البراء
عضو نشيط
الجنس : العمر : 36 المدينة المنورة التسجيل : 18/01/2012 عدد المساهمات : 76
| موضوع: رد: {♦۞♦} التكفير .. مفهومه و أخطاره و ضوابطه {♦۞♦} الثلاثاء 24 يناير 2012, 6:28 pm | |
| الفصل الثاني ) :- ضوابط التكفير
من الضوابط الكثيرة التي تضبط و تحفظ المسلم من الوقوع في التكفير ما يلي:
1. أن أهل السنة و الجماعة لا يكفرون بالمعاصي , و لو كانت هذه المعاصي من الكبائر و هذا ما أجمع عليه علماءنا أهل السنة و الجماعة و قد ذكر هذا الإجماع الصابوني في " عقيدة أصحاب الحديث " .
و من اصول عقيدة اهل السنة والجماعة؛ أنهم لا يخرجون أحدا من الإسلام فعل فعلا مكفرا، إذا كان جاهلا أو متأولا أو مكرها-إن كان قلبه مطمئنا بالإيمان-إلا إقامة الحجة عليه؛ التي يكفر تاركها.
ولا يكفرون أحدا من المسلمين بكل ولو كان من كبائر الذنوب في هي دون الشرك؛ فإنهم لا يحكمون على مرتكبها بكفر، وإنما يحكمون عليه بالفسق ونقص الإيمان ما لم يستحله ويجحد شيئا معلوما من الدين بالضرورة، لأن الله تعالى يقولإِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا )المائدة 48 . ويقولقُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) الزمر 52.
لأن أصل الكفر هو التكذيب المتعمد، وشرح الصدر له، وطمأنينة القلب به، وسكون النفس إليه، ولا اعتبار بما يقع من طوارق عقائد الشرك، ولا سيما مع الجهل، قال الله تعالى: (وَلَكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) النحل 105.
ولم يكفروا أحدا ما لم يدل دليل من الكتاب والسنة على كفره، وإذا مات على هذا فأمره إلى الله تعالى، إن شاء عذبه، وإن شاء غفر له خلافا للفرق الضالة التي تحكم على مرتكب الكبيرة بالكفر، أو بمزلة بين المنزلتين.
والنبي صلى الله عليه وسلم؛ حذر من ذلك وقال؛(أيما امرئ قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما إن كان كما قال وإلا رجعت عليه). وقالمن دعا رجلا بالكفر، أو قال عدو الله وليس كذلك؛ إلا حار عليه) أي رجع . وقال لا يرمي رجل رجلا بالفسوق، ولا يرميه بالكفر، إلا ارتدت عليه، إن لم يكن صاحبه كذلك) وقالومن رمى مؤمنا بكفر؛ فهو قتله) .
وأهل السنة والجماعة يفرقون بين الحكم المطلق على أصحاب البدع بالمعصية أو الكفر وبين الحكم على شخص معين-ممن ثبت إسلامه بيقين-صدرت عنه بدعة من البدع؛ بأنه عاص أو فاسق أو كافر؛ فلا يحكمون عليه بذلك حتى يبين له الحق وذلك بإقامة الحجة وإزالة الشبهة، ولا يكفرون المعين إلا إذا تحققت فيه شروط وانتفت الموانع
ولأهل السنة والجماعة قاعدة؛(من ثبت إسلامه بيقين فلا زوال بشك)، وعلى ضوءها سار سلفنا الصالح، فكانوا ابعد الناس من التكفير، ولذلك لما سئل علي بن ابي طالب رضي الله عنه عن اهل النهروان (أكفارهم؟ قال: من الكفر فروا، فسئل؛ أمنافقون هم؟ قال: المنافقون لا يذكرون الله إلا قليلا، وأولئك يذكرون الله صباح مساء؛ وإنما هم أخواننا بغوا علينا)، (58) اخرجه البيهقي في السنن الكبرى ج8 ص173،
ومن الضروري جدا ان نفرق بين النوع والعين في التكفير ذلك إنه ليس كل ما هو كفر يكفر به الشخص بعينه؛ فينبغي التفرقة بين الحكم على القول بأنه كفر والحكم على صاحب القول بأنه كافر، فمثلا القول بأن الله في كل مكان كفر، وإن كلام الله مخلوق كفر، وإن نفي الصفات الإلهية كفر , فمثل هذه الأحكام من باب الحكم على النوع والقول، أما حينما يتعلق الأمر بشخص معين فأنه ينبغي عندئذ التوقف وعدم الحكم عليه بالكفر حتى يسئل ويناقش؛ لأنه من الممكن إن الحديث لم يثبت عنده أو أنه قد يكون متأولا، أو لم يتمكن من فهم النصوص، أو جاهلا؛ فإذا انتفت الشبهة بعد المناقشة وأقيمت الحجة عليه؛ فإن الأمر بعد ذلك يصبح مختلفا لأن المتأول والجاهل ليس حكمه حكم المعاند والفاجر،
قال شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله:
(فالمتأول الجاهل والمعذور ليس حكمه حكم المعاند والفاجر؛ بل قد جعل الله لكل شيء قدرا)، (59) مجموعة الرسائل والمسائل 5/382 ، وقال رحمه الله وإذا عرف هذا فتكفير المعين من هؤلاء الجهال وأمثالهم بحيث يحكم عليه بأنه مع الكفار لا يجوز الإقدام عليه إلا بعد أن تقوم على أحدهم الحجة بالرسالة التي يبين بها لهم أنهم مخالفون للرسول، وإن كانت مقالتهم هذه لا ريب أنها كفر، وهكذا الكلام في جميع تكفير المعنيين).
فتكفير المعين من الجهال وأمثالهم لا يجوز إلا بعد إقامة الحجة عليهم، والحجة يجب أن تكون على مستوى فهمهم ويعطى لعقولهم منازلها حتى يستوعبوا الحجة والأدلة.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال؛ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: كان رجلان في بني إسرائيل متواخيين، فكان أحدهما يذنب والآخر مجتهد في العبادة، فكان لا يزال المجتهد يرى الآخر على الذنب فيقول: أقصر فوجده يوما على ذنب فقال له أقصر فقال خلني وربي ابعثت علي رقيبا؟ فقال: والله لا يغفر الله لك – أو لا يدخلك الله الجنة!- فقبض أرواحهما، فاجتمعتا عند رب العالمين، فقال لهذا المجتهد كنت بي عالما، أو كنت على ما في يدي قادرا ؟ وقال للمذنب؛ اذهب فادخل الجنة برحمتي، وقال للآخر؛ اذهبوا به إلى النار).
2. التكفير حكم شرعي لا مدخل للرأي المجرد فيه , لأنه من المسائل الشرعية لا العقلية , لذا صار القول فيه من خالص - حق الله تعالى - لا حَقَّ فيه لأحد من عباده ، فالكافر من كفره الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم لا غير .
وكذلك الحكم بالفسق ، والحكم بالعدالة ، وعصمة الدم ، والسعادة في الدنيا والآخرة ، كل هذه ونحوها من المسائل الشرعية , لا مدخل للرأي فيها , وإنما الحكم فيها لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم , وهي المعروفة في كتب الاعتقاد باسم : " مسائل الأسماء والأحكام " .
3 . للحكم بالردة والكفر موجبات وأسباب هي نواقض الإيمان والإسلام ، من اعتقاد , أو قول , أو فعل , أو شك , أو ترك ، مما قام على اعتباره ناقضا الدليلُ الواضح , والبرهان الساطع من الكتاب أو السنة , أو الإجماع , فلا يكفي الدليل الضعيف السند , ولا مشكل الدلالة ، ولا عبرة بقول أحد كائنا من كان إذا لم يكن لقوله دليل صريح صحيح .
وقد أوضح العلماء - رحمهم الله تعالى - هذه الأسباب في كتب الاعتقاد , وفرعوا مسائلها في : " باب حكم المرتد " من كتب الفقه .
وأَوْلَوها عناية فائقة , لأنها من استبانة سبيل الكافرين ، والله - تعالى - يقول : ( وَكَذَلِكَ نفَصِّلُ الآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ )الأنعام/55 (60) .
وفي استبانة سبيل المجرمين : تحذير للمسلم من الوقوع في شيء منها ، وهو لا يشعر , وليتبين له الإسلام من الكفر ، والخطأ من الصواب ويكون على بصيرة في دين الله تعالى .
وبقدر ما يحصل من الجهل بسبيل المؤمنين ، وبسبيل الكافرين ، أو بأحدهما يحصل اللبس ويكثر الخلط .
وكما أن للحكم بالردة والكفر موجباتٍ وأسباباً فله شروط وموانع .
فيشترط إقامة الحجة الرسالية التي تزيل الشبهة .
وخلوه من الموانع كالتأويل , والجهل , والخطأ , والإكراه .
وفي بعضها تفاصيل مطولة معلومة في محلها .
4 . يتعين التفريق بين التكفير المطلق وهو : التكفير على وجه العموم في حق من ارتكب ناقضا من نواقض الإسلام ، وبين تكفير المعين ، فإن الاعتقاد ، أو القول ، أو الفعل ، أو الشك ، أو الترك ، إذا كان كفرا فإنه يطلق القول بتكفير من فعل ذلك الفعل ، أو قال تلك المقالة وهكذا ... دون تحديد معين به . أما المعين إذا قال هذه المقالة ، أو فعل هذا الفعل الذي يكون كفرا , فينظر قبل الحكم بكفره , بتوفر الشروط , وانتفاء الموانع في حقه ، فإذا توفرت الشروط , وانتفت الموانع ، حكم بكفره وردته فيستتاب فإن تاب وإلا قتل شرعاً .
5 . الحق عدم تكفير كل مخالف لأهل السنة والجماعة لمخالفته , بل ينزل حكمه حسب مخالفته من كفر ، أو بدعة أو فسق أو معصية .
وهذا ما جرى عليه أهل السنة والجماعة من عدم تكفير كل من خالفهم وهو يدل على ما لديهم بحمدالله من العلم والإيمان والعدل والرحمة بالخلق ، وهذا بخلاف أهل الأهواء ، فان كثيرا منهم يكفِّرون كل من خالفهم .
6 . كما أن "الإيمان" شعب متعددة ورتبها متفاوتة أعلاها قول "لا اله إلا الله" وأدناها : إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان ، فكذلك "الكفر" الذي هو في مقابلة الإيمان ، ذو شعب متعددة ، ورتب متفاوتة أشنعها "الكفر المخرج من الملة" مثل : الكفر بالله ، وتكذيب ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم .
وهناك كفر دون كفر ، ومنه تسمية بعض المعاصي كفراً .
ولهذا نبه علماء التفسير ، والوجوه والنظائر في كتاب الله - تعالى- وشراح الحديث والمؤلفون في: "لغته" وفي الأسماء المشتركة ، والمتواطئة ، أن لفظ "الكفر" جاء في نصوص الوحيين ، على وجوه عدة : "الكفر الناقل عن الملة" و "كفر دون كفر" و"كفر النعمة" و"التبرؤ" و"الجحود" و"التغطية" على أصل معناه اللغوي .
وبناء على هذا : فانه لا يلزم من قيام شعبة من شعب الكفر بالعبد ، أن يصير كافراً الكفر المطلق ، الناقل عن الملة ، حتى يقوم به أصل الكفر ، بناقض من نواقض الإسلام : الاعتقادية أو القولية أو العملية عن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم لا غير .
كما أنه ليس كل من قام به شعبة من شعب الإيمان يكون مؤمنا حتى يقوم به أصل الإيمان .
فالواجب وضع النصوص في مواضعها وتفسيرها حسب المراد منها من العلماء العاملين الراسخين ، وان الغلط هنا إنما يحصل من جهة العمل وتفسير النصوص وعلى الناصح لنفسه أن يحس بخطورة الأمر ودقته وأن يقف عند حده ويكل العلم إلى عالمه .
7 . إصدار الحكم بالتكفير لا يكون لكل أحد من آحاد الناس أو جماعاتهم وإنما مرد الإصدار إلى العلماء الراسخين في العلم الشرعي المشهود لهم به ، وبالخيرية والفضل الذين أخذ الله عليهم العهد والميثاق أن يبلغوا الناس ما علموه وأن يبينوا لهم ما أشكل عليهم من أمر دينهم امتثالا لقول الله تعالى : (وَإِذَ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ) ) 61 "آل عمران/187" . وقوله سبحانه : (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلعَنُهُمُ اللّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ )62 "البقرة/159" وقوله سبحانه : ( فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ )"النحل/43" . (63)
فما أمر الله بالسؤال حتى أخذ سبحانه العهد والميثاق على العلماء بالبيان .
8 . التحذير الشديد ، والنهي الأكيد عن سوء الظن بالمسلم فضلا عن النيل منه فكيف بتكفيره والحكم بردته والتسرع في ذلك بلا حجة ولا برهان من كتاب ولا سنة .
ولهذا جاءت نصوص الوحيين الشريفين محذرة من تكفير أحد من المسلمين وهو ليس كذلك كما قال الله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَتَبَيَّنُواْ وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِندَ اللّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنتُم مِّن قَبْلُ فَمَنَّ اللّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُواْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا )النساء/94" .(64)
وفي عموم قول الله سبحانه : (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا ) "الأحزاب/58" .(65)
وقد تواترت الأحاديث النبوية في النهي عن تكفير المسلم بغير حق ، منها .:
حديث أبي ذر -رضي الله عنه- أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول "لا يرمي رجل رجلا بالفسوق ، ولا يرميه بالكفر ،إلا ارتدت عليه إن لم يكن صاحبه كذلك " متفق على صحته .
وعن ابن عمر -رضي الله عنهما -أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :أيَّما رجل قال لأخيه :يا كافر فقد باء بها أحدهما " متفق على صحته .
وعن أبي ذر - رضي الله عنه - أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "ومن دعا رجلا بالكفر ، أو قال : عدو الله ، وليس كذلك ، إلا حار عليه " متفق على صحته .
ومعنى حار عليه : رجع عليه .
وفي حديث ثابت بن الضحاك -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "ومن رمى مؤمنا بكفر فهو كقتله" رواه البخاري في صحيحه .
فهذه النصوص وغيرها فيها الوعيد الشديد لمن كَفَّر أحداً من المسلمين وليس هو كذلك ، وهذا والله أعلم - لما في إطلاق الكفر بغير حق على المؤمن من الطعن في نفس الإيمان ، كما أن فيها التحذير من إطلاق التكفير إلا ببينة شرعية ، إذ هو حكم شرعي لا يصار إليه إلا بالدليل ، لا بالهوى والرأي العاطل من الدليل .
وهذه الحماية الكريمة والحصانة العظيمة للمسلمين في أعراضهم وأديانهم من أصول الاعتقاد في ملة الإسلام . (66) ( كتاب درء الفتنة ) الشيخ بكر عبد الله أبي زيد . | |
|
| |
البراء
عضو نشيط
الجنس : العمر : 36 المدينة المنورة التسجيل : 18/01/2012 عدد المساهمات : 76
| موضوع: رد: {♦۞♦} التكفير .. مفهومه و أخطاره و ضوابطه {♦۞♦} الثلاثاء 24 يناير 2012, 6:29 pm | |
|
( الفصل الثاني ) :- علاج ظاهرة التكفير
العلاج العام :
علاج هذه الظاهرة - ظاهرة التكفير- بين الناس، ولا سيما المتعالمين أو المتعجلين في أحكامهم أو الجاهلين بها هو بعلاج النبي صلى الله عليه وسلم ، وعلاج أصحابه ـ رضي الله عنهم ـ لظاهرة الغلو في الدين، والتجافي عن منهج العدل والوسطية عقيدةً وقولاً وعملاً. ويتأتى ذلك بما يلي :
1ـ نشر العلم الصحيح الموروث عن الله وعن رسوله صلى الله عليه وسلم في الوحيين الشريفين، وعلى نبراس من فقه السلف الصالح من لدن الصحابة والتابعين، فعلماء الأمة الفحول ـ رضي الله عنهم ورحمهم ـ، والقضاء بالتالي على الجهل أو محاصرته، وهو بيئة التكفير التي يترعرع فيها.
2ـ وبمعالجة الظواهر الفردية بالحكمة والبصيرة اللائقة بها زماناً وواقعاً وحالاً، ويتأتى هذا بالعلماء الراسخين، والحكماء ذوي العقل والفطنة.
3ـ قيام العاِلم الشرعي، والقائد الرباني، والمربي الواعي، كلٌ منهم بواجبه المناط به، ديانة وأداءً للأمانة الواجبة، وإبراءً للذمة ونصحاً للأمة. اعذاراً وانذاراً.
العلاج الخاص :
ثم ثمة علاج خاص لمن وقع في شباك هذه الفتنة من خلال مسلكين رئيسين:
1. بالرفق واللين والتوجيه والتربية وحسن البيان لمن اشتبه عليه الأمر أو أدلهمت عليه الشبهات.. ولا يتأتى هذا إلا على يد ذوي العلم والغيرة الراسخين.
2.بأسلوب مقارعة الحجة ودفع الشبهة، والتأديب والتعزير اللائقين في المعاند والمكابر، ومن على شاكلة هؤلاء، وهذا مناط بالقضاة والعلماء.
3.النصح لهم ودعوتهم، ثم الإنكار عليهم قولهم بالأسلوب اللائق، وكل مقال يتفوه به كل منهم.
4.أن ينظر إليهم بعين الحكم الشرعي والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والولاء والبراء، والنصح والدعوة لكل بحسبه.
5. واجب العلماء كبير ومهم وخطير في البداية والنهاية، وعلى مختلف الأصعدة والمستويات، فمن العلماء المفتون والمنشغلون بالنوازل والبحث العلمي فيها، ومنهم المدرسون وباذلو العلم، ومنهم الوعاظ والموجهون , فالمؤمل فيهم جميعآ المبادرة إلى توجيه الناس وتربيتهم على الحق والخير، ودعوتهم إليه وحملهم عليه، وبيان الأمور المشكلة عليهم وإيضاحها لهم حسب تقديرهم للأحوال والأمور، ولا يليق بهم التخلف وعدم المبادرة لذلك، حيث هم محط أنظارهم، ومرفع رؤوسهم في مثل هذه الخطوب! كما يجب على الناس وذوي الغيرة الرد إلى العلماء ولا سيما في مثل هذه المسائل الدقيقة والأمور المهمة في الخطوب المدلهمة، ومن ذلك مشاكل التكفير والتبديع والتفسيق ـ والصدور عن توجيه العلماء ورأيهم. ولا يجوز من ذوي الحماسة والاندفاع الاستهانة بأهل العلم وأحكامهم وفتاواهم ورأيهم. وهذا لا يجوز أيضاً من ذوي التخاذل والاستكانة وقلة الغيرة على دين الله وشرعه، فكلا طرفي قصد الأمور ذميم.
| |
|
| |
البراء
عضو نشيط
الجنس : العمر : 36 المدينة المنورة التسجيل : 18/01/2012 عدد المساهمات : 76
| موضوع: رد: {♦۞♦} التكفير .. مفهومه و أخطاره و ضوابطه {♦۞♦} الثلاثاء 24 يناير 2012, 6:31 pm | |
| | |
|
| |
البراء
عضو نشيط
الجنس : العمر : 36 المدينة المنورة التسجيل : 18/01/2012 عدد المساهمات : 76
| موضوع: رد: {♦۞♦} التكفير .. مفهومه و أخطاره و ضوابطه {♦۞♦} الثلاثاء 24 يناير 2012, 6:33 pm | |
|
خاتمة البحث :
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات , فقد انتهيت من بحثي هذا و الذي تناولت فيه موضوع ( التكفير أخطاره و ضوابطه ) , حيث أني بدأت البحث بمقدمة بينت فيها سبب اختياري لهذا البحث ثم قسمت البحث إلى مقدمة ثم ثلاثة أبواب كل باب يحوي فصلين أو أكثر ثم خاتمة و قد تحدثت في الباب الأول عن أصل ظاهرة التكفير و منشأها بداية من ظهور فكر الخوارج في صدر الإسلام و حتى ظهور هذه الفتنة مرة أخرى في زماننا هذا , ثم تحدثت عن قواعد في التكفير و ذكرت عدة قواعد ذكرها علماؤنا الأجلاء ثم تحدثت عن موانع التكفير ثم أسباب التكفير ثم نقلت ضوابط التكفير لثلة من علماء أهل السنة و الجماعة ومن ثم تحدثت عن أخطار التكفير على الأفراد ثم أخطار التكفير على المسلمين ثم أخطار التكفير على الإسلام ثم تحدثت عن كيفية علاج فكر التكفير ثم ختمت بحثي هذا بجملة من أقول أهل العلم المعاصرين في مسألة التكفير , و قد عملت جهدي في هذا البحث كي أساهم ولو بمساهمة متواضعة في علاج هذه الظاهرة الخطيرة – ظاهرة التكفير – و بيان أخطارها و ضوابطها و حسبي من هذا الجهد المتواضع أن أكون قد قدمت شيئا لخدمة الإسلام و المسلمين و خدمة الأمة الإسلامية , وأسأل الله تبارك و تعالى أن يكون هذا العمل خالصا لوجه الكريم , و أن يكتب لنا الأجر و المثوبة , إنه هو ولي ذلك و القادر عليه و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ...
| |
|
| |
البراء
عضو نشيط
الجنس : العمر : 36 المدينة المنورة التسجيل : 18/01/2012 عدد المساهمات : 76
| |
| |
| {♦۞♦} التكفير .. مفهومه و أخطاره و ضوابطه {♦۞♦} | |
|