لاشك أن الإذاعة عالم بذاته لا يستطيع السباحة في بحورها إلا من خبرها ووضع يده على أسرارها... ونتحدث عن أحد المفردات الإذاعية المهمة التي بدونها يصعب إنتاج مادة إذاعية جيدة يستسيغها المستمع ويأنس لها، حديثنا اليوم عن «الإستوديو الإذاعي».
الإستوديو هو المكان المخصص لإنتاج المواد الإذاعية سواء تلك التي تبث حية على الهواء مباشرة، أو التي يجري تسجيلها على أشرطة، وتبنى الاستوديوهات ويتم تجهيزها بطريقة خاصة توفر لها الظروف والإمكانات المثلى لنقل وتسجيل مختلف أنواع البرامج التي تذاع منها أو تسجل فيها وتحتاج محطات الراديو المختلفة لأنواع متعددة من الإستوديوهات، فهناك الإستديوهات المخصصة للبث المباشر على الهواء التي يطلق عليها عادة «إستديوهات التنفيذ» أو «الربط» حيث تخصص لإذاعة المواد الحية والمسجلة على الهواء مباشرة، ثم هناك إستوديوهات الإنتاج التي تخصص للموسيقى والدراما والبرامج التي يشارك فيها الجمهور مثل برامج المسابقات والندوات العامة.. إلخ) وفي بعض الحالات تستخدم قاعات المسارح وقاعات الاجتماعات لتسجيل البرامج الجماهيرية على اختلاف أنواعها وفي كل الأحوال... فإن هذه الإستوديوهات يتم إعدادها وتجهيزها على نحو خاص يحقق إنتاجاً صوتياً واضحاً ودقيقاً وأميناً وذلك لأن الأصوات أياً كان نوعها ومصدرها تتأثر مباشرة بطبيعة المكان الذي تتردد في نطاقه أو تصدر عنه، ولذا فإن الصوت الذي يتردد في ممر حجري، يبدو مختلفاً تماماً عن الطريقة التي يبدو بها في غرفة مكتب صغيرة غطيت جدرانها بورق الزينة وفرشت أرضها بالسجاد مثلاً.
ولذلك فإن الإستديوهات تعد إعداداً هندسياً خاصاً يكفل لها نقل كل الخصائص الصوتية والتحكم فيها... ويتم ذلك بطريقتين رئيستين هما:
1- عزل الاستديو بطريقة تحجب عنه الأصوات التي تنجم عن أية حركة خارجة ويتم ذلك ببنائه وفق أسس هندسية خاصة كأن يفصل عن سائر المبنى باستخدام شعر الخيل أو «اليابات» الحديدية، كما ينفصل عن الحجرات المجاورة بوساطة جدران مزدوجة تبنى خصيصاً وهي مملوءة بالهواء الساكن بطبيعة الحال ومن ثم لا تنقل الأصوات منها وإليها.
2- المعالجة الهندسية داخل الإستديو بحيث يتوازن فيه الصوت بطريقة سليمة، والمعروف أن أبواب الإستديوهات تصمم بطريقة خاصة لتمنع تسرب الضوضاء وهو ما يطلق عليه «القفل الصوتي» أو «مصيدة الصوت» حيث يوجد باب خارجي ثم باب آخر داخلي، وما بينهما يكون هو مصيدة الصوت التي تضمن أن يفتح باب الإستديو الداخلي بعد أن تم عزل الصوت خارجه، كما أن بعض الإستديوهات تصمم على أساس أن تكون بها مساحة صامتة لا تنتقل الأصوات منها إلى الميكروفون ويختلف الصوت في حالة البعد عن الميكروفون في المنطقة الصامتة عما يكون عليه في المنطقة الحية من الإستديو.
* وينقسم الإستديو في محطات الراديو عادة إلى قسمين هما «غرفة الإستديو» حيث توجد الميكروفونات والساعة الميقاتية والإشارات التنبيهية، و أماكن الجلوس إذا احتاج الأمر لذلك كما هي الحال في إستديوهات التنفيذ والإستديوهات المخصصة للندوات وبرامج الحوار مثلا أما القسم الآخر من الإستديو وهو غرفة المراقبة فتوجد بها أجهزة التسجيل وإذاعة الأشرطة والإسطوانات وطاولة المخرج.