●●|[۞] جَعَلَ اللّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِّلنَّاسِ [۞]|●●

إن لوضع تلك الشعائر بين الناس مقصداً ، وإن في نوع التكاليف الواجبة على معظميها سراً وهدفاً .
يقول الله جل وعلاً:{جَعَلَ اللّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِّلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلاَئِدَ ذَلِكَ لِتَعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَأَنَّ اللّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} (97) سورة المائدة

وفي هذا الصدد أورد ما قاله المفسرون حول هذه الآية

جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس والشهر الحرام والهدي والقلائد ذلك لتعلموا أن الله يعلم ما في السماوات وما في الأرض وأن الله بكل شيء عليم (97)

( 97 ) - جعل الله الكعبة بيتا حراما للناس ،ويقوم به أمر دينهم بالحج إليه ، وأمر دنياهم إذ يأمن الداخل إليه من التعرض له ، وتجبى إليه ثمرات كل شيء .
وقد جعل الله الأشهر الحرم سببا لقيام أمن الناس من القتال فيها ، فكان الناس إذا دخل الشهر الحرام ، زال خوفهم من القتال ، وأمنوا في تجارتهم وأسفارهم .
وكذلك جعل الله الهدي المقلد ( القلائد - هو الهدي الذي طوقه أصحابه بطوق خاص من لحاء الشجر ) آمنا ولو سار في غير الشهر الحرام ( لأن الناس يعرفون من القلائد أنه موجه إلى الحرم ، فلا يتعرضون له بسوء ، احتراما للحرم ) ، وقد جعل الله هذا التدبير اللطيف لأجل أن تتفكروا في أنه تعالى يعلم ما في السماوات وما في الأرض ، وأن علمه محيط بكل شيء ، وقد أوقع في قلوب الناس تعظيم البيت الحرام ، والشهر الحرام ، لحكمة بالغة صادرة عن علمه بخفايا الأمور ، ، لتأمين الرزق والأمن لسكان البلد الحرام .
قياما للناس - قواما لمصالحهم دنيا ودينا .
الكعبة - هي البيت الحرام الذي أمر الله إبراهيم ببنائه على أرض مكة ، وسميت كعبة لأنها مكعبة الشكل .
الهدي - ما يهدى إلى الحرم من الذبائح تقربا إلى الله .
القلائد - الذبائح الموجهة إلى البيت الحرام وهي مقلدة بطوق من لحاء الشجر .
واعلموا ، يا أيها المخالفون لأمر الله ، أن الله يعلم سركم وعلانيتكم ، وأنه سيحاسبكم على كل عمل عملتموه ، صغيرا كان أو كبيرا ، وأنه تعالى شديد العقاب لمن عصاه ، واستمر في عناده ، وأنه غفور رحيم لمن تاب إليه من ذنوبه ، ورجع إلى الله .

{جَعَلَ اللّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِّلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلاَئِدَ ذَلِكَ لِتَعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَأَنَّ اللّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} (97) سورة المائدة
فهذه الآية ذكر فيها البيت الحرام وذكرت شيئاً من أسرار وجوده وما يجب على الطائفين حوله العناية به ومراعاته.

فمن مقاصد الشرع هو الحفاظ على معاش الناس ومصالحهم ودمائهم ، وأن حرمة المسلم أعظم عند الله من زوال الدنيا ، ففي هذا صيانة لأولى ضمانات قوة المسلمين من أن يتقاتلوا أو تتفرق كلمتهم أو تقع بينهم العداوة ، فلابد من أن يعيشوا آمنيين متآنسين

ومن مقاصده الحفاظ على الدين ، وأن للدين تأثيراً في موت أناس وحياة آخرين ، ولابد في أخذه أن تتوفر صفتان:
الأولى:أخذه من مصادره وهي الكتاب والسنة وما أجمع عليه علماء الأمة
الثانية:أخذه بقوة ،تطبيقاً ودعوة ، فلا إيمان لمن قصره على شأن دون شأن ، أو أخضعه لمتغيرات الزمان والظروف فهو صالح لكل زمان ومكان

وبالتالي يصح لهم ذلك المبدأ العظيم ألا وهو [الاعتصام بحبل الله] ؛ فمن يؤمن بما جاء عن ربه وفي كتابه فقد اعتصم ووافق الجماعة والنهاية ستكون -قطعاً-في صالح الأمة الإسلامية، أما أن يعظم البيت ويُشرَك برب البيت غيره من قوى عالمية أو أضرحة هامدة الشهوة عارمة فإن هذا التعظيم لن يكون له أثر في نفس صاحبه ، ولم يتحقق مقصد هذا التعظيم الذي أراده الله في قلبه.