السيرة النبوية و التغيير
صحراء مترامية الأطراف ، عميقة الدلالات .. مسرح النظر و توليد الأفكار ،
مجتمع فيه الفاسدون و فيه الصالحون ، و فيه من خلط عملاً صالحاً و آخر سيئاً ،
لم يكن مجتمع مثالياً ، و لم تكن بيئة ملائكية و لا شيطانية ،
كانت الأرض !
مهبط قائد التغيير ، صلى الله عليه و سلم ، عبر حياة امتدت لأكثر من نصف قرن حفلت بأحداث و أحاديث و مواقف و عهود و مواثيق و رسل و رسائل انطلقت من مكة و المدينة لتتجاوز المكان و الزمان ، سجلها التاريخ كمنطلق للتغيير.
لم يمر يوم في حياته صلى الله عليه و سلم و لا قصة و لا حكاية ، و لا حتى كلمة أو إشارة دون أن تترك بصمة أو علامة ، أو تؤسس لقاعدة من قواعد التغيير الذي ما زال العالم يتحدث عنه و ينشده إلى يومنا هذا.
السيرة النبوية ... هل نقرأها لنفهم ماهية التغيير و كيف نغير ؟
و خطاب علماؤنا و دعاتنا حولها هل يحتاج إلى تغيير ؟!
يقول الله عز وجل في كتابه الكريم ( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً)
انها دعوة الى الاقتداء بنبي الرحمة والهدى نبينا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام فهو الأسوة الحسنة لنا جميعا.
لقد رسم النبي صلى الله عليه وسلم طريقا لأمته به تستطيع أن تغير كل الأفكار الجاهلية واستبدالها بنور الاسلام والايمان .ولعل هذا الطريق بدأ منذ نزول الوحي في غار حراء فمنه وضع الرسول الكريم نقاط رسالته التي امره بها الله عزوجل .هذة الرسالة وتلك السنة النبوية الطاهرة اللتين بدلت ارض الظلام بارض يشع منها الضياء والنور.
فقد علمنا نبينا عليه الصلاة والسلام كافة الأداب الشخصية والاجتماعية ورسم طريق الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنه. وأشاع نور العلم في كل مكان وزمان..
فقصته صلى الله عليه وسلم مع جاره اليهودي هي دليل على انه لم يأتي الا مبشرا ونذيرا وفيها اشارة الى ادب التعامل مع الجار حتى وان كان غير مسلم....
لنا في السيره اعظم العبر واجمل الاثر كيف لا وهو رسول الهدى صلى الله عليه وسلم يكفينا ان نقرأ قول الله تعالى 0ادع الى سبيل ربك بالحكمه والموعظه الحسنه وجادلهم بالتي هي احسن0انتقل العالم ان ذاك من غياهب الكفر والشرك الى نور الله بفضل الله سبحانه ثم بفضل اخلاقه صلى الله عليه وسلم قال تعالى 0 ولو كنت فضا غليظ القلب لانفضوا من حولك0كيف تغير الوضع لاسيما وانتم تتحدثون عن التغيير كل ذلك بفضل الله اولا ثم بفضل دماثه اخلاقه صلى الله عليه وسلم ولنا في الحديث الشريف اعظم التأثير حيث قال صلى الله عليه وسلم 0انما بعثت لاتمم مكارم الاخلاق0فهل نحن الان واقول الان لاننا اهدينا غيرنا ماكان لنا بل اكتسبوا ماكان عليه اباؤنا ولم نكتسب سوى طيحني وسامحني اقول هل نحن الان ولو في ادنى درجات مكارم الاخلاق اتمنى ذلك ولكن لو كان من يعتبرون عند البعض قدوه واقول قدوه لانه قاضي او معلم وللاسف اذا كان من يعلم الشريعه لا يبتسم بل ولا يرد السلام فكيف لنا بالله ان نتغير للافضل
النبي صلى الله عليه وسلم لم يغير صحابته والمسلمين فقط..
فلقد غيّر من اخلاق اليهودي الذي لم ينطق بالشهادة يوماً ما ...
لقد صنع مجتمعاً مختلفاً ... حتى ولو لم يسير معه البعض في طريقه ومنهجه ...!!
****
الذي يتأمل في هدي النبي صلى الله عليه وسلم في التغيير يدرك أنه كان يسعى لتغيير القناعة قبل السلوك الظاهر..
و قصة الشاب الذي جاء يطلب تصريحاً رسمياً بالزنى اكبر مثال على ذلك..!!
***
لقد غيّر النبي صلى الله عليه وسلم العناوين الكبيرة في حياة الناس وترك التفاصيل للزمن..!!
***
أدرك النبي صلى الله عليه وسلم تفاوت القدرات وأن الإيمان درجات .. فلم يسعى أن يكون كل الناس بمثل ايمان أبي بكر ولا مثل سخاء عثمان ..فكان في المدينة من يكتفي بالفرائض ومن يقع بالأخطاء ومن يحصل منه التقصير . بينما يوجد اليوم من يبذل كل جهده وطاقته ليكون كل الناس بمثل زهد الحسن البصري وابن المبارك ... وإن لم يحصل على هذه النتيجة ندب حظه وشكى بعد الأمة عن هدي القرون المفضلة ..!