* القلب والهم : القلوب تتفاوت في الهم والغم كثرة واستمراراً بحسب ما فيها من الإيمان أو الفسوق والعصيان ، والقلوب نوعين :
1. قلب هو عرش الرحمن ففيه النور والحياة والفرح والسرور والبهجة وذخائر الخير 2. قلب هو عرش الشيطان فهناك الضيق والظلمة والحزن والغم والهم.
::::::::::::::::::
تعريف الهم : الهم هو الحُزن، وجمعه هموم، وهَمَّه الأمر همَّاً ومهمة ، وأهمَّه فاهتمَّ ، واهتم به ، ويقال أهمَّه الأمر إذا أقلقه وحزنه ، والاهتمام : الاغتنام ، ويقال : ما أهَمَّك ؟ أي ما أحزَنَك ؟ أو ما أقلقك ؟ والمهمات من الأمور: الشدائد المحرقة ، كما يقال : هَمَّه السُّقم يَهُمَّه : أذابه وأذهب لحمه ، وهَمَّني المرض: أذابني .
قال ابن فارس (ت 395هـ) : " هم : الهاء والميم أصل صحيح يدل على ذَوب وجَرَيَان ودبيب، وما أشبه ذلك، ثم يقاس عليه، منه قول العرب: همَّني الشَّيء: أذابني، وانهَمَّ الشحم : ذاب ..، وأما الهم الذي هو الحزن فعندنا من هذا القياس ، لأنه كأنه لشدَّته يَهُمُّ ، أي يذيب ..، ومُهِمُّ الأمر: شديده ، وأهمّني : أقلقني"
* التعريف العلمي للهم : هو شعور نفسي يتمثل في انقباض المزاج مع غم وفقد للمتعة والبهجة وضيق في الصدر وتتفاوت درجاته في الشدة من شخص لآخر.
::::::::::::::::::
* أنواع الهموم :
1. هموم عصامية : وهي الهموم السامية مثل هموم الداعية في نشر الدين، وهم بتصحيح عباده في القصد أو الأداء، وهم الراعي في رعيته، وهم المسلم بما يصيب إخوانه في أقطار الأرض. 2. هموم تافهة : مثل هم شراء فستان............. وإلخ. 3. هموم ناشئة عن المعصية : وأكبر الهموم التي تكون لها دلالات مثل هم الزنا الذي ينتج عنه الحمل. 4. هموم ناتجة عن المظلوم. 5. هم الصادق بتكذيبه. 6. هم البرئ إذا ألقيت عليه تهمة. 7. هم الخوف من المستقبل : ومنها ما يكون بما قد يحصل للزوجة والذرية بعد الموت. 8. هم الدين. 9. هم الرؤيا التي ترى في المنام.
::::::::::::::::::
خلق الله الإنسان وهو العليم بخلقه يتأثر بالصدمات النفسيَّة هلوعاً عند الخطوب جزوعاً إذا مسَّه الشر مما يجعل هذه الهموم والخطوب تصيب الإنسان بالجزع والخوف والتوتر النفسي والعصبي وخطورة هذا الهلع والجزع والاضطراب النفسي على الإنسان أنه يعرِّضه للإصابة بكثير من الأمراض مثل الضغط والسكر وتصلُّب الشرايين والذبحة الصدرية والجلطة وانفجار شرايين المخِّ والجنون وكثير مما نرى من الأمراض وما علاج هذا الهلع والجزع ؟ وكل إنسان معرض لما يثير فيه الهلع والجزع ؟
أرشدنا الله إلى علاج الفزع والجزع في قرآنه حيث يقول(إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً إِلَّا الْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ) فكلما قوى إيمان العبد كلما قلَّ تأثره بالنوائب والكوارث وقلَّ تأثره بالهلع والجزع وتعوَّد على الصبر والرضا بالقضاء والإنسان المؤمن لإحساسه بالضعف وشعوره بالحاجة الدائمة إلى عون الله سبحانه وتعالى يفتح الله تعالى له بابا من أبواب رحمته فيقف عليه بأدب الشرع فيواجه الله باللطف والسكينة والطمأنينة وبرد الرضا ويكشف عنه ما نزل به من ضرٍّ وذلك مأخوذ من قوله عزَّ شأنه{وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ}فهي مفاتح من " الفتح "، لأنها فتحٌ من الله فيفتح الله له بـاب الدعـاء لقول النبى(لاَ يَرُدُّ الْبَلاءَ إِلاَّ الدُّعَاءُ)ورواية سلمان «لاَ يَرُدُّ الْقَضَاءَ إِلاَّ الدُّعَاءُ، وَلاَ يَزِيدُ فِي الْعُمُرِ إِلاَّ الْبِرُّ»– جامع الأحاديث والمراسيل ومشكاة المصابيح والفتح الكبير.
وهذا الدعاء قد يفتحه الله له في الصلاة فيوفِّقه لأداء صلاة الحاجة وقد يكون دعاء الله بالأسماء الحسنى أو باسم الله الأعظم الذي يفتح به عليه الله وقد يكون بالأدعية الواردة في القرآن الكريم أو في السنَّة النبوية الشريفة وقد يكون بصيغ للصلاة على رسول الله فيها الفرج بعد الشدَّة واليسر بعد العسر وقد يكون الفتح بأدعية يلهم الله بها عباده الصالحين ويسمونها أحزاباً لأن الله ألهمهم بها في وقت الشدة فقد روت السيدة عائشة عن رسول الله (أَنَّهُ كَانَ إِذَا حَزَبَهُ أَمْرٌ فَزِعَ إلَى الْصَّلاة) مسند الإمام أبي حنيفة وفتح الباري حزبه : أهمَّه وأفزعه وأقلقه .
::::::::::::::::::
فَائِـدَةُ الْدُّعَاءِ عِلْمِيَّا
وقد أثبت العلم حديثاً فائدة الدعاء والصلاة والأذكار في منع الهلع والجزع والأضرار المترتِّبة عليهم وقد أشار إلى ذلك الدكتور " طاهر توفيق " في كتــابه ( القرآن والإعجاز في خلق الإنسان - صفحة 98 ) فقال { إن الإنسان إذا ســـمع خبراً سيئاً أو جزع من أي خبر أو هلع من أي حادث فإن المخَّ يرسل شحنة كهربائية جبَّارة ضاربة تخترق الجزء الأسفل منه وهو قناة (الهيبوثالاماس) لتنزل إلى أي مركز من المراكز اللاإرادية فإن أصابت هذه الشحنة مكان التمثيل الغذائي فقد تضرُّ هذا المركز ويصاب الإنسان بالسكر مثلاً أو بارتفاع الكولسترول وإن نزلت هذه الشحنة إلى مكان تنظيم ضغط الدم قد يصاب الإنسان بمرض ارتفاع ضغط الدم وإذا أصابت أحد الغدد الصماء أصيب الإنسان بخلل في وظائف هذه الغدد وإذا نزلت هذه الشحنة إلى مراكز إفراز حامض الهيدروكلوريك مثلاً بالمعدة فقد يصاب بفقد الشهية لنقص إفراز هذا الحامض أو بعسر الهضم وقرحة المعدة نتيجة زيادة إفراز هذا الحامض في المعدة وهكذا كثيراً من الوظائف اللاإرادية تتأثر بالشحنة الكهربائية التي تنزل من المخِّ وتخترق (الهيبوثالاماس) وتتوجه إلى أي مركز لاإرادي فتتسبب في إصابته بإصابات تختلف من شخص إلى أخر }
ثم يوضح تأثير الدُّعـــاء والذكـــر فيقول فى صفحة 189 من نفس الكتاب{ وهذه الإشارات الضَّارة المفاجئة تمرُّ عند نزولهـــــــــا بقنــــاة عصبيَّة تسمى (هيبوثالاماس) : و وظيفتها امتصاص هذه الإشارات الضَّارة والحدُّ من وصولها للجسم ووظيفة هذه القناة تقوى بالصلاة والإيمان والرضى بقضاء الله وقدره وتضعف هذه القناة وتفشل في أداء وظيفتها الهامة بالبعد عن الله وترك الصـــلاة ، وعدم الصــبر والــرضى عند الشدائد فإذا قويت هذه القناة منعت جميع الإشارات الضارة من الوصول إلى أعضاء الجسم مسببة ضررها وإذا ضعفت اختلَّت وظيفتها ما يؤدي لوصول هذه الإشارات إلى أجزاء الجسم المختلفة محدثة ما ذكرناه سلفاً وقد تكون هذه الإشارات الواردة للجسم شديدةً نتيجة حزن شديد أو صدمة عنيفة وهنا تصبح قناة (الهيبوثالاماس) غير قادرة على منع كل هذه الإشارات من الوصول لأجزاء الجسم وهنا يحوِّل المخُّ الباقي من هذه الإشارات ويوجهها إلى أجهزة وأعضاء بالجسم يكون زيادة نشاطها وعملها غير مضرمثل الغدة الدمعية فيذرف الدمع وهو كما نعلم مفيد جداً في غسيل العين أو مثل عضلات القفص الصدري والتي تتحرك سواء في الضحك أو البكاء فيُزيد وينشِّط ذلك من عمل الرئتين مما يفيد في تنقيَّة الدم من ثاني أكسيد الكربون وقد تفيد الإشارات في تحريك بعض عضلات الوجه وهذا مطلوب بين آنٍ وآخر ولذلك كله فإن البكاء أو الضحك يفيد في صرف مثل تلك الإشارات الضارة والزائدة عن قدرة قناة (الهيبوثالاماس) عن الأعضاء الحيوية بالجسم ويحولها إلى أعضاء أخرى كون زيادة عملها مفيد للجسم فسبحان الخالق العظيم القائل {وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى }
::::::::::::::::::
* علاج الهموم :
1) التسلح بالإيمان المقرون بالعمل الصالح. 2) معرفة حقيقة الحياة الدنيا. 3) التأسي بالرسل والصالحين. 4) أن يجعل العبد الآخرة همه. 5) ذكر الموت. 6) الإكثار من ذكر الله عز وجل. 7) الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ﴿ وهي من أعظم ما يفرج الله بها الهموم ﴾. دعاء الله عز وجل. 9) التوكل على الله وتفويض الأمر إليه. 10) اللجؤ إلى الصلاة. 11) التحدث بنعم الله الظاهرة والباطنة. 12) أن يعلم المهموم إن بعد العسر يسرا وان بعد الضيق فرجا. 13) الانشغال بعمل من الأعمال أو بعلم من العلوم النافعة. 14) النظر إلى الجوانب الايجابية من الأحداث. 15) التوقع المستمر والاستعداد النفسي لكل حدث. 16) الشكوى إلى أهل العلم والدين وطلب المشورة منهم. 17) عدم العمل على تراكم الأعمال والواجبات. 18) ومن العلاجات ما يكون بالأطعمة وهي التلبينة. التلبينة : هي حساء يعمل من دقيق أو نخالة ويجعل فيه العسل.
::::::::::::::::::
* أدعية لإزالة الهموم :
•اللهم إني عبدك (أمتك) ابن (بنت) عبدك ابن (بنت) أمتك ناصيتي بيدك ماض فيّ حكمك عدل فيّ قضاؤك أسالك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو علمته أحدا من خلقك أو أنزلته في كتابك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن ربيع قلبي ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همي وغمي.
• اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري، وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي، وأصلح لي آخرتي التي فيها معادي، واجعل الحياة زيادة لي في كل خير واجعل الموت راحة لي من كل شر.
• اللهم إليك اشكو ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس يا أرحم الراحمين ، انت ارحم الراحمين انت رب المستضعفين وانت ربي ، إلى من تكلني إلى عدو يتجهمني ام إلى قريب ملكته أمري؟ إن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي ، ولكن عافيتك هي اوسع لي ، أعوذ بنور وجهك الذي أضاءت له السموات والارض واشرقت له الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة أن ينزل بي غضبك أو يحل علي سخطك لك العتبى حتى ترضى ولا حول ولا قوة إلا بك.
• اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن والعجز والكسل وأعوذ بك من الجبن والبخل وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال.