۞♥۞ شذرات من دلائل النبوة ۞♥۞

نطق الحجر، وانقاد الشجر، وسبّح الطعام، وحنّ الجذع، واشتكى الجمل، كلّها عباراتٌ ليست من قبيل المجاز اللغويّ، ولكنّها آياتٌ كريمة ومعجزاتٌ عظيمة سخّرها الله تعالى لتشهد بصدق النبي – – في دعوته، وتبيّن حقيقة تأثّر الحيوان والجماد فضلاً عن بني البشر بالقرب منه والاستماع إليه، في أخبار ثابتةٍ بالنصوص الصحيحة التي لا مجال للشكّ فيها .

فمن الجمادات التي أنطقها الله عز وجل لنبيه الطعام، وذلك في رحلةٍ سافر فيها النبي – - مع بعض أصحابه، قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : " كنا مع رسول الله - - في سفر، فقلّ الماء فقال : ( اطلبوا فضلة من ماء ) ، فجاؤوا بإناء فيه ماء قليل، فأدخل يده في الإناء، فلقد رأيت الماء ينبع من بين أصابع رسول الله - -، ولقد كنا نسمع تسبيح الطعام وهو يؤكل " . رواه البخاري .

وجاءت عددٌ من نصوص السنة لتثبت تسليم الحجر والشجر وغيرهما من الجمادات على النبي – – بصوتٍ يسمعه من كان حاضراً، فعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : " كنت مع النبي بمكة، فخرجنا في بعض نواحيها، فما استقبله جبل ولا شجر إلا وهو يقول : السلام عليك يا رسول الله " رواه الترمذي ، وفي حديث جابر بن سمرة رضي الله عنه أن رسول الله - – قال : ( إني لأعرف حجراً بمكة، كان يُسلِّم عليّ قبل أن أُبعث، إني لأعرفه الآن ) رواه مسلم .

وعندما حاول اليهود أن يقتلوا رسول الله – – بالشاة المسمومة التي قدّموها له، أنطقها الله تعالى بقدرته، لتخبره بأنها مسمومة، رواه أبوداود .

ومن معجزات النبي – – انقياد الشجر له، فقد روى جابر رضي الله عنه أن النبي - - نزل واديا في إحدى أسفاره، فذهب رسول الله يقضى حاجته، وتبعه جابر ليعطيه الماء، ولم يجد النبي – – شيئاً يستتر به سوى شجرتين متباعدتين، فانطلق رسول الله إلى إحداهما فأخذ بغصن من أغصانها فقال : ( انقادي علي بإذن الله ) ، فانقادت معه حتى وصل إلى الشجرة الأخرى، فأخذ بغصن من أغصانها وقال : ( انقادي علي بإذن الله ) فانقادت معه كذلك، ثم أمرهما النبي – – أن يلتئما بإذن الله، فلما قضى حاجته وانصرف عادت كل شجرةٍ إلى موضعها، وتفاصيل القصّة مذكورة في صحيح مسلم .

وقد ورد ما يفيد تكرار تلك المعجزة في حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنه أنه كان مع رسول الله - - في سفر، فأقبل عليهم أعرابي، فعرض عليه رسول الله - – الإسلام، فقال الأعرابي : " ومن يشهد على ما تقول؟ " فقال : ( هذه السمرة ) ، فدعاها رسول الله - - وهي بطرف الوادي فأقبلت تشقّ طريقها حتى وقفت بين يديه، فشهدت بصدق نبوّته، ثم عادت إلى موضعها، فأسلم الأعرابي وعاد إلى قومه داعيا لهم، رواه الدارمي .

ولا تقف المعجزات النبويّة عند حدود النطق والكلام والحركة من الجماد، بل امتدّت لتشمل المشاعر والأحاسيس، فجاءت النصوص لتثبت مدى محبّة جبل أحد للنبي – –، كما في قوله : ( هذا جبل يحبنا ونحبه ) رواه البخاري ، وحين صعد - - الجبل بصحبة أبي بكر و عمر و عثمان رضي الله عنهم رجف بهم الجبل، فقال النبي – - : ( اثبت أحد ؛ فإنما عليك نبي وصديق وشهيدان ) .

بل جاء في السنّة ما يشير إلى شوق الجمادات إلى النبي – - وجزعها من فراقه، فقد روى الإمام البخاري عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي - - كان يخطب الجمعة إلى جذع نخلة، فقال أحدهم : " يا رسول الله، ألا نجعل لك منبرا؟"، فقال : ( إن شئتم ) ، فجعلوا له منبرا، وفي الجمعة التالية وقف على المنبر فصاحت النخلة صياح الصبي، ثم نزل النبي فضمها إليه حتى سكنت، وفي رواية ابن ماجة قال : ( لو لم أحتضنه لحنّ إلى يوم القيامة ) .

أما نطق الحيوان، فتلك معجزةٌ أخرى لنبيّنا ، فقد اشتكى إليه جملٌ من ظلم صاحبه له، وذلك عندما دخل بستاناً لأحد الأنصار كان فيه جملٌ له، فإذا بالجمل تدمع عيناه عند رؤية النبي - - ويرفع صوته، ولم يتوقّف عن ذلك حتى مسح النبي - - على ظهره، وعاتب صاحب الجمل فقال له : ( أفلا تتقي الله في هذه البهيمة التي ملّكك الله إياها ؟، فإنه شكا إليّ أنك تجيعه وتُدئبه – أي تتعبه - ) رواه أبو داود .

والأعجب من ذلك إخبار الذئب بنبوّته – -، فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، أن راعياً رأى ذئباً يريد أن يعتدي على غنمه، فلما منعه من ذلك أنطق الله الذئب فقال : " يا عبد الله، تحول بيني وبين رزق ساقه الله إلي ؟ "، فوقف الرجل مذهولاً مما سمعه، فقال الذئب : " ألا أخبرك بأعجب مني ؟، رسول الله - - بين الحرتين – أي في المدينة - يخبر الناس بأنباء ما قد سبق "، فانطلق الرجل إلى النبي – – وأخبره بما حصل له، فقال : ( صدق والذي نفسي بيده ) رواه الحاكم .

فسبحان من أنطق لنبيه الجماد والحيوان، والحجر والشجر، وجعلها معجزة تدل على صدق نبوته، وصحة دعوته .

» *¤ô§ô¤* دلائل النبوة *¤ô§ô¤*
» [◕◙◕] « معجزة النبوة في شفاء المرضى » [◕◙◕]
» روعة ابداع صناعة الحب بيت النبوة
» ~¤¦¦۞¦¦ دلائل التوحيد العقلية في القرآن الكريم ¦¦۞¦¦¤~
» ©«« أربعون عاماً قبل النبوة »»©