۞▒◄ نور مكة في إبداع ثقافي معاصر ►▒۞

نور مكة في إبداع ثقافي معاصر
نموذج الحراك الثقافي في مكة المكرمة لوحة تاريخية حية حافلة، ولكنّها لا تبثّ الحياة في حراكنا الثقافي المعاصر إلا من خلال الجهود الثقافية المبذولة الآن، والمطلوبة مستقبلا، وهذا ما يحتاج إلى إحياء الهمم لتحقيقه، ولا يمكن أن يكتمل إلا من خلال عطاء جيل جديد، هو جيل المستقبل.
بين أيدينا واجب كبير جليل، فموقع الثقافة في تكوين إنسان النهضة المرجوة ليس موقعا جانبيا. والاستنارة في الحراك الثقافي بما حفل به نموذج مكة المكرمة لا تأتي من خلال قرار، والأمل في نهوض جيل المستقبل بهذه المسؤولية مرتبط باستيعاب أبعاد الواجب المرجوّ منه.
إذا كان من شروط سلامة الإبداع توافر عناصر العلم والمعرفة والوعي والالتزام، فمن شروط تحقيقه عمليا وجود المواهب ورعايتها، وهي موجودة، والرعاية ضعيفة، ثم تحريك عجلة التخطيط والتطبيق والتمويل في اتجاه استكشافها وتنميتها ونشر عطاءاتها والتفاعل معها، وجميع ذلك قليل في الاتجاه الذي نتطلّع إليه. وليس العائقَ الأكبر ما يصدر عن قوى مضادة وجهود معاكسة وتوجيه مضلِّل وتمويل منحرف، دوليا ومحليا، فجميع ذلك كان موجودا في حقبة النموذج المكي التي نتحدّث عنها، وكان موجودا في وجه كل من أراد تحقيق أهداف ثقافية في إطار صناعة الإنسان، بغضّ النظر عن سلامة اتجاه التغيير نفسه.
إنّ أوّل ما يجب أن يرسخ من نموذج الحراك الثقافي في مكة المكرمة، هو تحقيقه في العهد النبوي رغم الظروف المعيقة، فلا بدّ من تثبيت منطلق أساسي لجيل المستقبل يقوم على وجوب تحقيق الحراك الثقافي المطلوب الآن، رغم العوائق الخارجية، وأنّ هذا المنطلق شرط أساسي أوّل وفعال على المدى القريب والبعيد على طريق إزالتها.
ولئن طرحنا بهذا الصدد مطالب حيوية لا ينبغي أن ينقطع طرحها، تجاه مَن يملكون في الوقت الحاضر القسط الاكبر من أسباب السيطرة على الحراك الثقافي وتوجيهه، فإنّنا نحمل في الوقت نفسه مسؤولية تطوير البديل، أو توجيه الحراك الثقافي الفعّال وفق ما نقتنع به، اقتناعا يعبّر عن نفسه بجهود وإنجازات ذاتية مرئية.