مَن مِنّا لم يرسم في مخيلته صورة باهية وزاهية لشريك العمر؟!, من منا لم يعتقد أن شريكه كامل الأوصاف.. مثل الملاك الطاهر, هادئ, صبور, مرح, منظم, نظيف وأنيق!, صمته حكمة وكلامه ينقّط العسل, لا يكذب ولا يفقد أعصابه ولا يصرخ في وجه أحد ..
مَن منّا لا يُراهن على أنه يعرف الطرف الآخر أثناء الخطوبة أو الفترة التي تسبق الزواج ؟!
ماذا لو اتضّح لك بعد موقف صغير أو خلاف عابر أنك لم تعرف شريكك الذي اخترته بقلبك وعقلك وإرادتك الكاملة بشكلٍ كافٍ كما ظننت في الماضي ؟!
هل سنكون أقوياء بما يكفي للاستمرار بالحياة الزوجية بعد أن تسقط الأقنعة وتظهر الحقائق أم أنه سيكون لزاماً علينا أن نتوقف عند هذه النقطة ونتراجع لأن شريكنا لم يكُن مثالياً كما تصورنا ؟!
خالد 28 سنة متزوج منذ 4 سنوات يحكي تجربته بحسرة :
أعيش في مجتمع يفصل الأولاد عن البنات إلا أنني رأيتها بالمصادفة في حفل زفاف إحدى شقيقاتي, وكُنت قد سمعت الكثير عنها من أمي وشقيقاتي ولكني لم أفكر بها, وبعد أن رأيتها بالخطأ وهي في أبهى حلة بفستان سهرة وماكياج صارخ تعلّق قلبي بها وطلبتها للزواج .
في أيام الخطوبة لم أكترث كثيراً بمزاجيتها الواضحة وبرودها الغريب فقد شغلني جمالها وشلّتني أناقتها عن التفكير, وبعد الزواج لاحظت أنها بدأت تهمل حتى جمالها وأناقتها وأصبحت مثل الدمية القبيحة في بيتي وأنا قد علقت بعد أن أنجبت مولودنا الأول, حاولت إصلاح الوضع ولكن لا حياة لمن تنادي !
سناء 35 سنة مطلقة روت تجربتها بمرارة :
عشنا لأكثر من عشر سنوات في قصة حب مميزة, وكان رجلاً خلوقاً حقاً وغاية في اللطف والطيبة, تكلّل حبنا بالزواج ومنذ الليلة الأولى بدأت تتكشّف لي المفاجآت وتتوالى الصدمات تباعاً ..
لطالما كنت أنا إنسانة نظيفة ومنظمة ودقيقة جداً, بينما كان زوجي فوضوياً للغاية!, حاولت السيطرة على الوضع ومحاولة التأثير عليه برفق ولكنه لم يستجب..
كنت أعود من عملي ظهراً وأجد غرفة الجلوس في فوضى عارمة وكأن من بها قد فرغ للتو من معركة حامية, يعود هو من عمله ويرمي ملابسه وجواربه على الأرض ويمشي بأحذيته المتسخة على الموكيت ويترك بقايا سجائره على الطاولات.. لم أحتمل الوضع وطلبت الطلاق منذ عامين بعد 3 أشهر فقط من زواجي, ومع ذلك لم أتزوج ثانية ولا زلت أحنّ إلى طليقي وآمل أن يعود بعد أن يتمكن من التحكم بتصرفاته وتنظيم حياته فأنا لن أكون سعيدة إلا معه .
مروان 35 سنة يحكي ضاحكاً :
تزوجتها بعد قصة حب عنيفة, طوال فترة صداقتنا وخطوبتنا كانت إمرأة لطيفة ورقيقة ولم يدُر بخٌلدي أنها تخبئ وراء هذه الرقة بركاناً يمكن أن يثور ويدمر كل ما حوله إذا غضبت, فهي تنفعل وأعصابها تثور لأتفه الأسباب, غير أنها سرعان ما تعود للاعتذار والتباكي ولا أملك سوى أن أسامحها وأحياناً أبادر بنفسي لإرضائها..
اختصاصي الطب النفسي الإماراتي الدكتور " علي الحرجان " :
النجاة من ورطة حقيقية كهذه يتطلب درجة من الوعي والنضج العاطفي والنفسي بين الطرفين للاختيار السليم وتحمل مسؤولية الزواج, وليس بالضرورة أن التعارف قبل الزواج يقلل من احتمال حدوث الاصطدام وخيبات الآمال فهناك الكثير من الأزواج ربطتهم علاقات حب مميزة قبل الزواج غير أنهم فشلوا, ولكن من الواجب توعية كلا الطرفين بأن الواقع يختلف عن الخيال وضرورة التعامل بواقعية وإقناعهما بأن الطرف الآخر بشر يُصيب ويُخطئ ولا وجود للصورة المثالية الكاملة !!