۞ منتديات كنوز الإبداع ۞
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

۞ منتديات كنوز الإبداع ۞


 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

  ¤ô§ô¤ الأعتصام بالكتاب والسنه سفينة نجاتك ¤ô§ô¤

اذهب الى الأسفل 
3 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
السموأل

عضو نشيط  عضو نشيط
السموأل


الجنس : ذكر
العمر : 44
الموقع دواوين الشعر
التسجيل : 06/09/2011
عدد المساهمات : 147

 ¤ô§ô¤ الأعتصام بالكتاب والسنه سفينة نجاتك ¤ô§ô¤ Empty
مُساهمةموضوع: ¤ô§ô¤ الأعتصام بالكتاب والسنه سفينة نجاتك ¤ô§ô¤    ¤ô§ô¤ الأعتصام بالكتاب والسنه سفينة نجاتك ¤ô§ô¤ Icon_minitimeالخميس 15 سبتمبر 2011, 7:18 pm

 ¤ô§ô¤ الأعتصام بالكتاب والسنه سفينة نجاتك ¤ô§ô¤ 12950144811989

₪₪₪₪₪₪₪₪₪₪₪₪₪₪₪₪₪₪₪₪₪

¤ô§ô¤ الأعتصام بالكتاب والسنه سفينة نجاتك ¤ô§ô¤

₪₪₪₪₪₪₪₪₪₪₪₪₪₪₪₪₪₪₪₪₪


الاعتصام بالكتاب والسنة هو أساس وأصل النجاة في الدنيا والآخرة .

قال الله عز وجل : { وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا } ، حدث أبو شريح الخزاعي رضي الله عنه قال : خرج علينا رسول الله صلّى الله عليه فقال : " أبشروا ، أبشروا ، أليس تشهدون أن لا إله إلا الله ، وأني رسول الله ؟ قالوا : بلى ، قال : " إن هذا القرآن سبب طرفه بيد الله ، وطرفه بأيديكم ، فتمسكوا به فإنكم لن تضلوا ، ولن تهلكوا بعده أبداً " حديث صحيح أخرجه الإمام ابن حبان وغيره .

وقال الله –جل وعلا-: { وَمَن يَعْتَصِم بِالله فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }

والمسلم في كل وقت وعلى أي حال يرد أمره إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم .

قال تعالى : { فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى الله وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِالله وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً } .

قال الإمام ابن كثير – رحمه الله -: ( قال مجاهد وغير واحد من السلف : أي إلى كتاب الله وسنة رسوله صلّى الله عليه ، وهذا أمر من الله عز وجل بأن كل شيء تنازع الناس فيه من أصول الدين وفروعه أن يرد التنازع في ذلك إلى الكتاب والسنة ، كما قال تعالى : { وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى الله } .

والقرآن الكريم أَمَرَ بالأخذ بكل ما جاء به الرسول صلّى الله عليه ، والانتهاء عن كل ما نهى عنه ، قال الله عز وجل : { وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا الله إِنَّ الله شَدِيدُ الْعِقَابِ } .

ولا شكّ أنّ الأخذ بالكتاب والسنة من أهم الواجبات وأعظم القربات ؛ لأن الأخذ بالرأي المجرّد عن الدليل الشرعي يُوصل إلى المهالك .

الهداية والصلاح والفلاح لمن اتبع القرآن والسنة وتمسك بذلك قال ابن عباس رضي الله عنهما : " تكفّل الله لمن قرأ القرآن وعمل بما فيه : أن لا يضل في الدنيا ، ولا يشقى في الآخرة ، ثم قرأ هذه الآية { فَإِمَّا يَأتِيَنَّكُم مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلاَ يَضِلُّ وَلاَ يَشْقَى } ) .

وقال الله تعالى : { قَدْ جَاءَكُم مِّنَ الله نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ * يَهْدِي بِهِ الله مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } .

الاعتصام بالكتاب والسنة طريق يوصل إلى الجنة ، ومن حاد عنهما أو عن أحدهما خاب وخسر في الدنيا والآخرة ، وقد دلت الأدلة والآثار على تلازمهما معاً ووجوب الاعتصام والتمسك بهما ، ولا يجوز بأي حال من الأحوال التقديم على قول الله وقول رسوله.

فَإِنَّ الاعْتِصَامَ بِالكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مِنَ الأُمُورِ الْمُقَرَّرَةِ في دِيْنِ اللهِ تَعَالَى، وَلاَ يُمْكِنُنَا تَصَوّرُ مُسْلِمٍ إِلاَّ وَهُوَ مُعْتَصِمٌ بِالكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَلاَ يُمْكِنُنَا تَصَوّرُ مُؤْمِنٍ إِلاَّ وَهُوَ مُوْقِنٌ أَنَّهُ لاَ إِيْمَانَ مَعَ تَرْكِ الاعْتِصَامِ بِهِمَا.

أَهَمِّيَّةُ الاعْتِصَامِ بِالكِتَابِ وَالسُّنَّةِ :

وَتَظْهَرُ أَهَمِّيَّةُ الاعْتِصَامِ بِالكِتَابِ وَالسُّنَّةِ في أُمُورٍ عِدَّةٍ، دِيْنِيَّةٌ وَدُنْيَوِيَّةٌ؛ فَمِنْهَا:

1-أَنَّ الاعْتِصَامَ بِالكِتَابِ وَالسُّنَّةِ إِطَاعَةٌ لأَمْرِ اللهِ تَعَالَى وَأَمْرِ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم، وَفي ذَلِكَ الفَوْزُ وَالفَلاَحُ في الدَّارَينِ.
قال الله تعالى : [ وَمَن يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ] [سورة الأحزاب، الآية 71].

2-أَنَّ النَّجَاةَ مِنْ سُبُلِ الغِوَايَةِ وَالضَّلاَلَةِ مَنُوطَةٌ بِالاعْتِصَامِ بِالكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، فَمَهْمَا شَهِدَ الْمُسْلِمُ في حَيَاتِهِ مِنْ فِتنٍ وَمِحَنٍ، وَمَهْمَا تَعَرَّضَ لَهُ مِنْ رُؤْيَةٍ لأَصْحَابِ الأَهْوَاءِ وَالبِدَعِ، وَمَهْمَا كَانَ حَالُ هَؤُلاَءِ مِنْ ظُهُورٍ وَتَسَلُّطٍ، فَإِنَّ الْمُعْتَصِمَ بِالكِتَابِ وَالسُّنَّةِ لاَ تَخْتَلِفُ أُمُورُهُ، وَلاَ تَخْتَلِطُ أَوْرَاقُهُ، وَيَظَلُّ عَلَى طَرِيْقٍ مُسْتَقِيْمَةٍ لاَ يَحِيْدُ عَنْهَا وَلاَ يَمِيْدُ، لأَنَّهُ مُتَمَسِّكٌ بِالأَصْلِ الأَصِيْلِ الَّذِي لاَ تَعْبَثُ بِهِ الأَهْوَاءُ، وَلاَ تُزَحْزِحُهُ الفِتَنُ، وَهُوَ الاعْتِصَامُ بِالكِتَابِ وَالسُّنَّةِ.

3-أَنَّ الاعْتِصَامَ بِالكِتَابِ وَالسُّنَّةِ يَجْعَلُ بَصِيْرَةَ الْمُسْلِمِ نَافِذَةٌ في كُلٍّ مَا يَسْتَجِدُّ مِنْ أُمُورٍ، فَمَهْمَا تَجَدَّدَ مِنْ فِتَنٍ، وَمَهْمَا خَرَجَ أَهْلُ البِدَعِ وَالْمِحَنِ بِبِدَعِهِمْ وَشُبَهِهِمْ، وَمَهْمَا كَثُرَ أَتْبَاعُهُمْ فَإِنَّ الْمُعْتَصِمَ بِالكِتَابِ وَالسُّنَّةِ يَظَلُّ كَالطَّوْدِ الشَّامِخِ الَّذِي لاَ تَهُزُّهُ الرِّيَاحُ مَهْمَا قَوِيَتْ، وَالعَوَاصِفُ مَهْمَا عَصَفَتْ، وَيَكُونُ أَهْلُ الشُّبُهَاتِ وَالْمِحَنِ وَالبِدَعِ وَالفِتَنِ مَعَهُ مَهْمَا كَثُرَ عَدَدُهُمْ وَعَلَتْ أَصْوَاتُهُمْ وَتَمَكَّنُوا مِنْ النَّاسِ كَمَا قَالَ القَائِلُ:

كَنَاطِحِ صَخْرَةٍ يَوْماً لِيُوهِنَهَافَلَمْ يَضِرْهَا وَأَعْيَا قَرنَهُ الوَعِلُ

ثُمَّ لَوْ قَالَ قَائِلٌ: وَمَاذَا تَعْنِي بِالاعْتِصَامِ ؟

فَنَقُولُ: الاعْتِصَامُ: مَأْخُوذٌ مِنَ الفِعْلِ الثُّلاَثِيِّ: عَصَمَ، وَمَعَانِيْهِ تَدُورُ حَوْلَ الإِمْسَاكِ وَالْمَنْعِ وَالْمُلاَزَمَةِ.

فَالْمُعْتَصِمُ بِالكِتَابِ وَالسُّنَّةِ: مُتَمَسِّكٌ بِهِمَا تَمَسُّكاً مُلاَزِماً لَهُ في عَقِيْدَتِهِ وَعِبَادَتِهِ وَمُعَامَلَتِهِ، مَانِعاً لَهُ مِنْ تَرْكِهِمَا إِلَى غَيْرِهِمَا.

وَهَذَا حَقٌّ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ: أَنْ يُؤْمِنَ أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ لَهُ تَرْكُ التَّمَسُّكِ بِالكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَأَنَّهُ لاَبُدَّ أَنْ يَكُونَ مُلاَزِماً لَهُمَا، غَيْرَ خَارِجٍ عَنْهُمَا، وَأَنَّهُ لَنْ يَكُونَ في حِمَايَةٍ مِنَ الزَّيْغِ وَالضَّلاَلِ إِلاَّ بِالتَّمَسُّكِ بِهِمَا.

3- مِنْ نُصُوصِ الوَحْيَينِ في الاعْتِصَامِ بِالكِتَابِ وَالسُّنَّةِ: الاعْتِصَامُ بِالكِتَابِ وَالسُّنَّةِ في القُرآنِ الكَرِيْمِ:

*قَالَ اللهُ تَعَالَى: [ وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ إِنَّا لاَ نُضِيْعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ ] [سورة الأعراف، الآية 170].

أَيْ الَّذِينَ تَمَسَّكُوا بِالوَحِي الَّذِي جَاءَهُمْ مِنَ اللهِ تَعَالَى إِيْمَاناً وَتَصْدِيْقاً بِهِ، وَتَمَسُّكاً وَعَمَلاً بِهِ، فَهَؤُلاَءِ هُمُ الْمُتَمَسِّكُونَ حَقاً بِمَا أَرَادَ اللهُ مِنْهُمْ، الْمُعْتَصِمُونَ بِوَحي رَبِّهِمْ، العَامِلُونَ بِمَا اعْتَصَمُوا بِهِ، وَمِنْ أَبْرَزِهِ: إِقَامَةُ الصَّلاَةِ، فَهَؤُلاَءِصَالِحُونَ في نِيَّاتِهِمْ وَأَقْوَالِهِمْ وَأَفْعَالِهِمْ، مُصْلِحُونَ بِدَعْوَتِهِمْ غَيْرَهُمْ إِلَى الْحَقِّ الَّذِي اعْتَصَمُوا بِهِ.

وَهَذِهِ الآيَةُ دَلِيْلٌ عَلَى أَنَّ الاعْتِصَامَ بِالكِتَابِ وَالسُّنَّةِ صَلاَحٌ لِلْبِلاَدِ وَالعِبَادِ، وَأَنَّ تَرْكَ ذَلِكَ أَشَدُّ أَنْوَاعِ الفَسَادِ.

*وَقَالَ تَعَالَى : [ فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوْحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيْمٍ] [سورة الزخرف، الآية 43].

فَهَذَا أَمْرٌ مِنَ اللهِ تَعَالَى لِنَبِيّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَعْتَصِمَ بِمَا جَاءَهُ مِنَ اللهِ تَعَالَى، وَأَنْ يُوْقِنَ أَنَّهُ حَقٌّ لاَ بَاطِلَ فِيْهِ، وَصِدْقٌ لاَ كَذِبَ فِيْهِ، وَيَقِيْنٌ لاَ شَكَّ يَعْتَرِيْهِ، وَهُدَىً لاَ ضَلاَلَ فِيْهِ، وَعَدْلٌ لاَ جَوْرَ فِيْهِ. وَالعِلْمُ بِخَصَائِصِ مَا نَزَلَ مِنَ الوَحْي يَجْعَلُ العَبْدَ يَزْدَادُ في تَمَسُّكِهِ وَاعْتِصَامِهِ؛ لأَنَّ اعْتِصَامَهُ حِيْنَئِذٍ يَكُونُ اعْتِصَاماً عَلَى هُدَىً وَبَصِيْرَةٍ.

وَمِمَّا وَرَدَ أَيْضاً:

*قَوْلُ اللهِ تَعَالَى: [ قُلْنَا اهْبِطُواْ مِنْهَا جَمِيْعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدَىً فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ، وَالَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَآ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيْهَا خَالِدُونَ ] [سورة البقرة، الآيتان 38و39].

فَرَتَّبَ تَعَالَى عَلَى الاعْتِصَامِ بِالكِتَابِ وَالسُّنَّةِ أَرْبَعَةَ أُمُورٍ؛ وَهِيَ:

1-نَفْيُ الْخَوفِ: وَهُوَ تَرَقُّبُ وُقُوعِ الْمَكْرُوهِ، وَالتَّحَسُّسُ مِنْ كُلِّ مَا يُثِيْرُ ذِكْرَهُ في نَفْسِ الْمُتَرَقِّبِ.

2-نَفْيُ الْحُزْنِ: وَهُوَ آثَارُ وُقُوعِ الْمَكْرُوهِ، وَآثَارُ طُولِ انْتِظَارِ وُقُوعِهِ.

3-إِثْبَاتُ الْهُدَى: بِاتِّبَاعِ الْحَبْلِ الْمَعْصُومِ؛ وَهُوَ الكِتَابُ وَالسُّنَّةُ، وَأَمَّا مَا عَدَاهُمَا فَغَيٌّ وَضَلاَلٌ وَتِيهٌ.

4-إِثْبَاتُ السَّعَادَةِ: وَذَلِكَ أَنَّ مَنِ اعْتَصَمَ بِالكِتَابِ وَالسُّنَّةِ اعْتَصَمَ بِعَظِيْمٍ، وَتَمَسَّكَ بِحَبْلِ اللهِ الْمَتِيْنِ، فَيَحْصُلُ لَهُ مِنَ الأَمْنِ وَالطُّمَأْنِيْنَةِ مَا يَجْعَلُهُ يَعِيْشُ في سَعَادَةٍ لاَ يَشْعُرُ بِقَدْرِهَا إِلاَّ مَنْ عَاشَ مَرَارَةَ فَقْدِهَا.


وَرَتَّبَ تَعَالَى ذِكْرُهُ في هَاتَيْنِ الآيَتَيْنِ عَلَى تَرْكِ الاعْتِصَامِ بِالكِتَابِ وَالسُّنَّةِ أَرْبَعَةَ أُمُورٍ أُخَرَ تُضَادُّ مَا سَبَقَ ذِكْرُهُ؛ وَهِيَ:

1-وُقُوعُ الْخَوْفِ وَسَيْطَرَتُهُ عَلَى قَلْبِ صَاحِبِهِ، فَلاَ يَعْرِفُ قُوَّةَ القَلْبِ وَطُمَأْنِيْنَتَهُ.

2-وُقُوعُ الْحُزْنِ في قَلْبِ صَاحِبِهِ، فَهُوَ دَائِماً في تَرَقُّبٍ وَقَلَقٍ وَتَوَجُّسٍ.

3-وَنَفْيُ الهُدَى: حِيْنَ لاَ يَكُونُ لِلإِنْسَانِ عَاصِمٌ يَعْصِمُهُ مِنَ الضَّلاَلِ، فَتَرَاهُ تَابِعاً كُلَّ نَاعِقٍ، مُتَأَثِّراً بِكُلِّ ضَلاَلَةٍ، لاَ يَسْتَقِرُّ عَلَى أَمْرِ رُشْدٍ إِلاَّ وَيَتْرُكُهُ إِلَى غَيْرِهِ مِنْ سُبُلِ الغِوَايَةِ.

فَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه، قَالَ: خَطَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم خَطّاً بِيَدِهِ ثُمَّ قَالَ: هَذَا سَبِيلُ اللهِ مُسْتَقِيماً، قَالَ: ثُمَّ خَطَّ عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ، ثُمَّ قَالَ: هَذِهِ السُّبُلُ، وَلَيْسَ مِنْهَا سَبِيلٌ إِلاَّ عَلَيْهِ شَيْطَانٌ يَدْعُو إِلَيْهِ، ثُمَّ قَرَأَ [ وَإِنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُوا السُّبُلَ ] [سورة الأنعام، الآية 153].

وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَتَعَوَّذُ مِنَ الْحَورِ بَعدَ الكَونِ. [رواه مسلم: كتاب الدعوات/باب ما يقول إذا ركب إلى سفر الحج وغيره 2/979].

4-وَنَفْيُ السَّعَادَةِ: وَذَلِكَ أَنَّ السَّعَادَةَ لاَ تُطْلَبُ إِلاَّ مِمَّنْ خَلَقَهَا، وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى تَسْهِيْلِ أَمْرِهَا، وَالتَّعَلُّقُ بِالعَظِيْمِ القَدِيْرِ الْمُهَيْمِنِ ، يُوْرِثُ في النَّفْسِ طُمَأّنِيْنَةً وَفَرَحاً بِاللهِ وَبِدِينِ اللهِ، وَهَذَا أَعْظَمُ أَنْوَاعِ السَّعَادَةِ الْحَقِيْقِيَّةِ، الَّتِي عَبَّرَ عَنْهَا ذَلِكَ الرَّجُلُ الفَقِيْرُ الزَّاهِدُ الْمُسَافِرُ الَّذِي حَمَلَ عَصَاهُ عَلَى عَاتِقِهِ، وَقَدْ لَبِسَ إِزَاراً وَرِدَاءً مُرَقَّعَيْنِ، ثُمَّ لَمَّا وَصَلَ تَحْتَ ظِلِّ شَجَرَةٍ، جَلَسَ تَحْتَهَا، وَحَلَّ مِنْدِيلاً فِيْهِ مِلْحٌ خَشِنٌ وَكِسْرَةُ خُبْزِ شَعِيْرٍ يَابِسٍ، وَأَكَلَ وَحَمِدَ اللهَ تَعَالَى، فَقِيْلَ لَهُ: كَيْفَ أَنْتَ ؟ قَالَ: أَنَا في نِعْمَةٍ لَوْ عَلِمَتْ بِهَا مُلُوكُ فَارِسَ وَالرُّومِ لَجَالَدَتْنِي عَلَيْهَا بِالسِّيُوفِ!

*وَقَولُ اللهِ تَعَالَى : [ اتَّبِعُواْ مَآ أُنْزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلاَ تَتَّبِعُواْ مِنْ دُوْنِهِ أَوْلِيَآءَ قَلِيْلاً مَا تَذَكَّرُونَ] [سورة الأعراف، الآية 3].

أَيْ اتَّبِعُوا الوَحْيَ الَّذِي أَنْزَلْتُهُ عَلَيْكُمْ وَتَمَسَّكُوا بِهِ وَاعْتَصِمُوا بِهِ، وَلاَ تَتَّبِعُوا غَيْرَهُ مِنْ أَهْلِ الأَهْوَاءِ وَالانْحِرَافِ، وَلَوْ تَذَكَّرْتُمْ لَعَرَفْتُمْ أَنَّ اتِّبَاعَكُمْ لِهَؤُلاَءِ الأَوْلِيَاءِ لَيْسَ في مَصْلَحَتِكُمْ، بَلْ مَصْلَحَتُكُمْ الدِّيْنِيَّةِ وَالدُّنْيَوِيَّةِ تَكْمُنُ في اتِّبَاعِ وَحْي اللهِ تَعَالَى الْمُنَزَّلِ.

*أَمَّا الاعْتِصَامُ بِالسُّنَّةِ فَهُوَ قَرِيْنُ الاعْتِصَامِ بِالكِتَابِ، وَاللهَ تَعَالَى جَعَلَ وَحْيَهُ في كِتَابِهِ وَفي سُنَّةِ نَبِيّهِ صلى الله عليه وسلم؛ لِذَلِكَ جَاءَتِ النُّصُوصُ تَتْرَى في الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ تَأْمُرُ بِالتَّمَسُّكِ بِالسُّنَّةِ الْمُطَهَّرَةِ كَمَا تَأْمُرُ بِالتَّمَسُّكِ بِالقُرآنِ الكَرِيْمِ.

وَذَلِكَ أَنَّ السُّنَّةَ:

1-مُبَيّنَةٌ مُفَسِّرَةٌ لِلْقُرْآنِ الكَرِيْمِ.
2-وَالسُّنَّةُ مُفَصِّلَةٌ لِمَا أُجْمِلَ في القُرْآنِ الكَرِيْمِ.

قَالَ اللهُ تَعَالَى: [ وَمَآ آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُواْ ] [سورة الحشر، الآية 7].

وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه، قَالَ: لَعَنَ اللهُ الْوَاشِمَاتِ وَالْمُتَوَشِّمَاتِ، وَالْمُتَنَمِّصَاتِ وَالْمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ الْمُغَيّرَاتِ خَلْقَ اللهِ. فَبَلَغَ ذَلِكَ امْرَأَةً مِنْ بَنِي أَسَدٍ يُقَالُ لَهَا: أُمُّ يَعْقُوبَ، فَأَتَتْهُ فَقَالَتْ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، بَلَغَنِي أَنَّكَ لَعَنْتَ الْمُتَفَلِّجَاتِ، وَالْمُتَنَمِّصَاتِ، وَالْمُتَوَشِّمَاتِ، فَقَالَ: أَلاَ أَلْعَنُ مَنْ لَعَنَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَفي كِتَابِ اللهِ؟ قَالَتْ: قَدْ قَرَأْتُ مَا بَيْنَ اللَّوْحَيْنِ فَمَا وَجَدْتُ مَا قُلْتَ، قَالَ: لَئِنْ كُنْتِ قَرَأْتِ مَا بَيْنَ اللَّوْحَيْنِ، إِنَّهُ لَفِي كِتَابِ اللهِ، مَا وَجَدْتِ [ وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ] فَقَالَتْ: إِنِّي لأُرَاهُ فِي بَعْضِ أَهْلِكَ، قَالَ: اذْهَبِي فَانْظُرِي، فَإِنْ كَانُوا يَفْعَلُونَ لاَ يَبِيْتُونَ عِنْدِي لَيْلَةً! قَالَ: فَذَهَبَتْ فَنَظَرَتْ، ثُمَّ جَاءَتْ، فَقَالَتْ: مَا رَأَيْتُ شَيْئاً، مَا رَأَيْتُ شَيْئاً، فَقَالَ عَبْدُ اللهِ: لَوْ كَانَ لَهَا مَا جَامَعْنَاهَا. [رواه الإمام أحمد 1/433، والطبراني في الكبير 9/291، والشاشي 1/339].

*وَقَالَ تَعَالَى: [ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِّبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ، قُلْ أَطِيْعُواْ اللهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّواْ فَإِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ الكَافِرِينَ ] [سورة آل عمران، الآيتان 31و32].

وَهَذِهِ الآيَةُ مِيْزَانُ مَحَبَّةِ اللهِ تَعَالَى وَمَحَبَّةِ رَسُولِهِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، فَمَنْ كَانَ مُحِبّاً للهِ تَعَالَى مُحِبّاً لِرَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم فَإِنَّ دَلِيْلَ صِدْقِهِ: اتِّبَاعُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَلاَ سَبِيْلَ إِلَى مَحَبَّةِ اللهِ إِلاَّ بِاتِّبَاعِ رَسُولِ اللهِ، بِامْتِثَالِ أَمْرِهِ وَاجْتِنَابِ نَهْيِهِ، فَمَنْ كَانَ كَذَلِكَ غَفَرَ اللهُ لَهُ ذُنُوبَهُ وَسَتَرَ عُيُوبَهُ وَرَفَعَ دَرَجَتَهُ وَأَعَلَى مَقَامَهُ، وَمَنْ لاَ فَلاَ، الكُلُّ بِالكُلِّ وَالْحِصَّةُ بِالْحِصَّةِ.

وَحَقِيْقَةُ هَذَا الاتِّبَاعِ الَّذِي أَمَرَنَا اللهُ تَعَالَى بِهِ هُنَا؛ هُوَ: إِطَاعَةُ اللهِ تَعَالَى وَإِطَاعَةُ رَسُولِهِ؛ لِذَلِكَ قَالَ: قُلْ أَطِيعُواْ اللهَ وَالرَّسُولِ، وَمَنْ تَرَكَ طَاعَةَ اللهِ وَرَسُولِهِ فَهُوَ الكَافِرُ الَّذِي لاَ يُحِبُّهُ اللهُ تَعَالَى؛ لِذَلِكَ خَتَمَ الآيَةَ بِقَوْلِهِ: فَإِنْ تَوَلَّواْ فَإِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ الكَافِرِينَ.

وَفي سُنَّةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَثِيرٌ في هَذَا البَابِ؛ وَمِنْهُ:

*عَنْ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ رضي الله عنه قَالَ: حَرَّمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ خَيْبَرَ أَشْيَاءَ، ثُمَّ قَالَ: ((أَلاَ إِنِّي أُوتِيتُ الْكِتَابَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ، أَلاَ إِنِّي أُوتِيتُ الْقُرْآنَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ، لاَ يُوشِكُ رَجُلٌ يَنْثَنِي شَبْعَاناً عَلَى أَرِيكَتِهِ [يُكَذِّبُنِي] يَقُولُ: عَلَيْكُمْ بِالْقُرْآنِ فَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَلاَلٍ فَأَحِلُّوهُ، وَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَرَامٍ فَحَرِّمُوهُ، أَلاَ وَإِنَّ مَا حَرَّمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلُ مَا حَرَّمَ اللهُ)).

[رواه الإمام أحمد 4/132، وأبو داود: كتاب السنة/باب في لزوم السنة، وابن ماجه: المقدمة/باب تعظيم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، والدارمي 1/153، وابن حبان 1/188، والطبراني في الكبير20/274، والدارقطني 4/287، والترمذي: كتاب العلم/باب ما نهي عنه أن يقال عند حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: حديث حسن غريب].

قَالَ السِّنْدِيُّ –رَحِمَهُ اللهُ-: هَذَا بَيَانٌ لِبَلاَدَتِهِ وَسُوءِ فَهْمِهِ، أَيْ حَمَاقَتُهُ وَسُوءُ أَدَبِهِ كَمَا هُوَ دَأْبُ الْمُتَنَعِّمِينَ الْمَغْرُورِينَ بِالْمَالِ وَالْجَاه.

وَقَالَ: أَيْ أَلاَ إِنَّ مَا فِي الْقُرْآن حَقّ وَأَنَّ مَا حَرَّمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلُ مَا حَرَّمَ الله، أَيْ عَطْف فِي الْقُرْآنِ وَإِلاَّ فَمَا حَرَّمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم هُوَ عَيْنُ مَا حَرَّمَ اللهُ فَإِنَّ التَّحْرِيمَ يُضَافُ إِلَى الرَّسُولِ بِاعْتِبَارِ التَّبْلِيغِ وَإِلاَّ هُوَ فِي الْحَقِيقَةِ للهِ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ مِثْلُهُ فِي وُجُوبِ الطَّاعَةِ وَلُزُومِ الْعَمَلِ بِهِ، قَالَ الْخَطَّابِيُّ: يُحَذِّرُ بِذَلِكَ مُخَالَفَةَ السُّنَنِ الَّتِي سَنَّهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِمَّا لَيْسَ لَهُ فِي الْقُرْآنِ ذِكْرٌ عَلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْخَوَارِجُ وَالرَّوَافِضُ، فَإِنَّهُمْ تَعَلَّقُوا بِظَاهِرِ الْقُرْآنِ وَتَرَكُوا الَّتِي قَدْ ضُمِّنَتْ بَيَان الْكِتَابِ فَتَحَيَّرُوا وَضَلُّوا، قَالَ: وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لاَ حَاجَةَ بِالْحَدِيثِ أَنْ يُعْرَضَ عَلَى الْكِتَابِ وَأَنَّهُ مَهْمَا ثَبَتَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ حُجَّةً بِنَفْسِهِ.

وَقَالَ الطِّيبِيُّ –رَحِمَهُ اللهُ-: فِي تَكْرِيرِ كَلِمَةِ التَّنْبِيهِ تَوْبِيخٌ وَتَقْرِيعٌ نَشَأَ مِنْ غَضَبٍ عَظِيمٍ عَلَى مَنْ تَرَكَ السُّنَّةَ وَالْعَمَلَ بِالْحَدِيثِ اِسْتِغْنَاءً بِالْكِتَابِ، فَكَيْفَ بِمَنْ رَجَّحَ الرَّأْيَ عَلَى الْحَدِيث.

*وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: ((مَنْ أَطَاعَنِي فَقَدْ أَطَاعَ اللهَ وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ عَصَى اللهَ وَمَنْ أَطَاعَ أَمِيرِي فَقَدْ أَطَاعَنِي وَمَنْ عَصَى أَمِيرِي فَقَدْ عَصَانِي)).[متفق عليه: صحيح البخاري: كتاب الجهاد والسير/باب يقاتل من وراء الإمام، ومسلم: كتاب الإمارة/باب وجوب طاعة الأمراء].

قَالَ النَّوَويُّ –رَحِمَهُ اللهُ-: لأَنَّ اللهَ تَعَالَى أَمَرَ بِطَاعَةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَمَرَ هُوَ صلى الله عليه وسلم بِطَاعَةِ الأَمِير, فَتَلاَزَمَتْ الطَّاعَة.

*وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((عَلَيْكَ السَّمْعَ وَالطَّاعَةَ فِي عُسْرِكَ وَيُسْرِكَ وَمَنْشَطِكَ وَمَكْرَهِكَ وَأَثَرَةٍ عَلَيْكَ)).[رواه مسلم: كتاب الإمارة/باب وجوب طاعة الأمراء].

- خَصَائِصُ اعْتِصَامِ السَّلَفِ بِالكِتَابِ وَالسُّنَّةِ:

1-مَعْرِفَتُهُمْ بِالتَّنْزِيْلِ.
2-أَنَّهُمْ أَعْظَمُ النَّاسِ إِيْمَاناً.
3-أَنَّهُمْ أَكْثَرُ النَّاسِ تَمَسُّكاً بِالكِتَابِ وَالسُّنَّةِ.
4-أَنَّهُمْ أَكْثَرُ النَّاسِ تَوَرُّعاً وَبُعْداً عَنِ الْمُتَشَابِهَاتِ.
5-غَلَبَةُ الصَّوَابِ في أَقْوَالِهِمْ إِذَا مَا قِيْسَتْ بِمَنْ بَعْدَهُمْ.
6-مَعْرِفَتُهُمْ بِالعَرَبِيَّةِ وَفَهْمُهُمْ لِلنُّصُوصِ.

لِذَلِكَ كَانَ التَّمَسُّكُ بِهَدي السَّلَفِ وَالسَّيْرِ في رِكَابِهِمْ مِنَ الاعْتِصَامِ بِالكِتَابِ وَالسُّنَّةِ.

قال ابن عباس : " ضمن الله لمن تبع القرآن أن لا يضل في الدنيا ولا يشقى في الآخرة " أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف وسنده حسن.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " وعامة هذه الضلالات إنما تطرق من لم يعتصم بالكتاب والسنة ، كما كان الزهري يقول : كان علماؤنا يقولون الاعتصام بالسنة هو النجاة " .

وقال مالك :" السنة كسفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق وهوى " .

قالابن القيم : "وهذا لأن الطريق الموصل إلى الله واحد ، وهو ما بعث به رسله وأنزل به كتبه ، ولا يصل إليه أحد إلا من هذه الطريق ، ولو أتى الناس من كل طريق واستفتحوا من كل باب ، فالطرق عليهم مسدودة ، والأبواب عليهم مغلقة ، إلا من هذا الطريق الواحد ، فإنه متصل بالله موصل إلى الله" (التفسير القيم).

فيا من تريد النجاة والشرب من الحوض تدبر قول نبيك « خلفت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما : كتاب الله وسنتي ، ولن يتفرقا حتى يردا على الحوض »[صحيح الجامع: 3232].

وجاء في تفسير ابن كثير قَوْلُهُ :{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا}هَذِهِ أَكْبَرُ نِعَمِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، عَلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ حَيْثُ أَكْمَلَ تَعَالَى لَهُمْ دِينَهُمْ ، فَلَا يَحْتَاجُونَ إِلَى دِينِ غَيْرِهِ ، وَلَا إِلَى نَبِيٍّ غَيْرِ نَبِيِّهِمْ ، صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ ; وَلِهَذَا جَعَلَهُ اللَّهُ خَاتَمَ الْأَنْبِيَاءِ ، وَبَعَثَهُ إِلَى الْإِنْسِ وَالْجِنِّ ، فَلَا حَلَالَ إِلَّا مَا أَحَلَّهُ ، وَلَا حَرَامَ إِلَّا مَا حَرَّمَهُ ، وَلَا دِينَ إِلَّا مَا شَرَعَهُ ، وَكُلُّ شَيْءٍ أَخْبَرَ بِهِ فَهُوَ حَقٌّ وَصِدْقٌ لَا كَذِبَ فِيهِ وَلَا خُلْفَ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى:{وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا}[الْأَنْعَامِ: 115]؛ أَيْ : صِدْقًا فِي الْأَخْبَارِ، وَعَدْلًا فِي الْأَوَامِرِ وَالنَّوَاهِي، فَلَمَّا أَكْمَلَ الدِّينَ لَهُمْ تَمَّتِ النِّعْمَةُ عَلَيْهِمْ ؛ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا}؛ أَيْ: فَارْضَوْهُ أَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ، فَإِنَّهُ الدِّينُ الَّذِي رَضِيَهُ اللَّهُ وَأَحَبَّهُ وَبَعَثَ بِهِ أَفْضَلَ رُسُلِهِ الْكِرَامِ، وَأَنْزَلَ بِهِ أَشْرَفَ كُتُبِهِ.

قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلَهُ: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ}وَهُوَ الْإِسْلَامُ ، أَخْبَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُؤْمِنِينَ أَنَّهُ أَكْمَلَ لَهُمُ الْإِيمَانَ ، فَلَا يَحْتَاجُونَ إِلَى زِيَادَةٍ أَبَدًا ، وَقَدْ أَتَمَّهُ اللَّهُ فَلَا يَنْقُصُهُ أَبَدًا ، وَقَدْ رَضِيَهُ اللَّهُ فَلَا يَسْخَطُهُ أَبَدًا. انتهى

فالاعتصام بالكتاب والسنة هما الأمان عند الفتنة ، هذه وصية نبيكم فلاتنسوها ، وتدبروها كلمة كلمة ، عن العرباض بن سارية : صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم ، ثم أقبل علينا ، فوعظنا موعظة بليغة ، ذرفت منها العيون ، ووجلت منها القلوب . فقال قائل : يا رسول الله ! كأن هذه موعظة مودع ، فماذا تعهد إلينا ؟ فقال: « أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن عبدا حبشيا ، فإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافا كثيرا ، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهديين الراشدين تمسكوا بها ، وعضوا عليها بالنواجذ ، وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة »[صحيح أبي داود: 4607].

فعند الخلاف ابحثوا عن السنة وتمسكوا بها ولا يغرنكم من خالفها.

ولكن هل يمكن أن تكون المصلحة في مخالفة الكتاب والسنة ؟
وماذا نفعل إذا رأينا أن مصلحة أمتنا الإسلامية في مخالفة الكتاب والسنة ؟
هل نخالفهما ونطيع عقولنا؟ أم ننفذ أمر الله ورسوله ؟


لننظر ماحدث في الحديبية بعد الصلح وثب عمر بن الخطاب، فأتى أبا بكر فقال: يا أبا بكر، أليس برسول الله؟، قال: "بلى"، قال: "أولسنا بالمسلمين؟"، قال: "بلى"، قال: "أوليسوا بالمشركين؟"، قال: "بلى"، قال: "فعلام نعطي الدنية في ديننا؟"، قال أبو بكر: "يا عمر، الزم غرزة، فإني أشهد أنه رسول الله"، قال عمر: وأنا أشهد أنه رسول الله، ثم أتى رسول الله فقال: "يا رسول الله ألست برسول الله؟"، قال: "بلى"، قال: "أو لسنا بالمسلمين؟"، قال: "بلى"، قال: "أوليسوا بالمشركين؟"، قال: "بلى"؛ قال فعلام نعطي الدينة في ديننا؟ قال:«أنا عبد الله ورسوله، لن أخالف أمره، ولن يضيعيني»[صحيح مسلم: 1785].

فهل أدت طاعة الله ورسوله للدنية ؟
هل جلبت الذل للأمة ؟
أم جاءت بالنصر وفتح مكة ؟


قال تعالى:{فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا}[طه: 123 – 125].

قال الشاطبي :" العقل لا يُجعل حاكماً بإطلاق، وقد ثبت عليه حاكم بإطلاق وهو الشرع، بل الواجب أن يقدم ما حقه التقديم-وهو الشرع- ويؤخر ما حقه التأخير-وهو نظر العقل- لأنه لا يصح تقديم الناقص حاكماً على الكامل ؛ لأنه خلاف المعقول والمنقول" (الاعتصام 2/326).

قال العلامة ابن أبي الأصبع رحمه الله :
والاجتهاد إنما يكون **** في كل ما دليله مظنون
أما الذي فيه الدليل القاطع **** فهو كما جاء ولا منازع.

جاء في تفسير الطبري{فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}[النور: 63]. قال : " يطبع على قلبه ، فلا يأمن أن يظهر الكفر بلسانه فتضرب عنقه .


وطرق الاعتصام بالكتاب والسنة كثيرة نقتصر منها على ثلاثٍ هي :

1- العمل بها وتطبيقها في الواقع وعلى السلوك : وبه يكون الفوز برضا الله - تبارك وتعالى - في الدنيا أولاً , ثم في الآخرة ثانياً , أما في الدنيا فيرضى الله عنك ، ويرزقك أحسن الرزق لتعيش في سعادة عظمى لا يعلمها إلا الله ، وأما في الآخرة فبمغفرة الله - تبارك وتعالى - لك ، وإكرامك بإدخالك دار كرامته - سبحانه - في جنة عدن.

والعمل لا يقتصر على واحد منهما بل لا بد منهما جميعاً فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " خلفت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما: كتاب الله ، وسنتي ، ولن يفترقا حتى يردا على الحوض " .

قال العلامة ابن قيم الجوزية - رحمه الله تعالى -: "فلا يجوز التفريق بين ما جمع الله بينهما، ويرد أحدهما بالآخر، بل سكوته عما نطق به، ولا يمكن أحداً أن يطرد ذلك، ولا الذين أصلوا هذا الأصل، بل قد نقضوه في أكثر من ثلاثمائة موضع منها ما هو مجمع عليه، ومنها ما هو مختلف فيه " ـ, وقوله - عليه الصلاة والسلام -: " حتى يردا علي الحوض " يعني إلى يوم القيامة، فيجب على الإنسان أن يعمل بالكتاب والسنة حتى يموت دون أن يفرق بينهما بالعمل بأحدهما دون الآخر؛ كالذين يردُّون السنة من الذين يقولون : نعمل بالقرآن ولا نعمل بالسنة, أو يردونها بقولهم : إن السنة إذا جاءت بنص زائد عن القرآن فهذا نسخ, فإن في هذا الحديث رد عليهم، وفيه الحث على الإتباع، ولقد كان الصحابة - رضوان الله عليهم - أشد الناس حرصاً على العمل بالكتاب والسنة، وأشدهم عداوة وبغضاً للبدع وأهلها .

2- تدريسها وتعليمها وتقريرها في المدارس والجامعات : فإن ذلك من العمل بهما, وعلى العلماء والدعاة وطلاب العلم القيام بهذا الواجب, فإن الصحابة الكرام - رضوان الله عليهم - كانوا يحضرون عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فيتعلمون منه، ثم ينطلقون في مشارق الأرض ومغاربها يعلمون الناس هذا الدين، حتى إنك لتجد منهم من مات في اليمن، ومنهم من مات في بلاد ما وراء النهر، والبعض مات في بلاد السند وهكذا, فإذا ما تم تدريس الكتاب والسنة على فهم السلف, وأقول على فهم السلف لأنهم هم الذين عاصروا التنزيل, وكانوا أحرص الناس على الإتباع, وقد قال الله - تبارك وتعالى -: { أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ }, وقال : { وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيراً }, وسبيل المؤمنين يدخل فيهم الصحابة والتابعين دخولاً أولياً في المدارس والجامعات كان ذلك سبب لنشرهما والاعتصام بهما.

3- تبليغهما للناس : وهو أمر مهم جداً وذلك لأنه سبب في نشر هذا الخير بين الناس, فإذا ما انتشر عُمل بهما، وكان سبباً في الاعتصام بهما, وقد أمر الله - تبارك وتعالى - نبيه - صلى الله عليه وسلم - بتبليغ ما أنزل إليه فقال - جل جلاله -: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ}, وأمرنا النبي - صلى الله عليه وسلم - بالبلاغ كما ثبت ذلك في الصحيح عن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((بلغوا عني ولو آية، وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، ومن كذب عليَّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار)), وعن عثمان بن عفان - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((خيركم من تعلم القرآن وعلمه)).

ونسأل الله - تبارك وتعالى - أن يجعلنا من المتمسكين بهما، العاملين بهما, الذابين عنهما, ونسأله أن يرزقنا تبليغهما على الوجه المطلوب بمنه وكرمه، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.


₪₪₪₪₪₪₪₪₪₪₪₪₪₪₪₪₪₪₪₪₪
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الشبح

عضو فضي  عضو فضي
الشبح


الجنس : ذكر
العمر : 36
الموقع كوكب الأشباح
التسجيل : 06/09/2011
عدد المساهمات : 512

 ¤ô§ô¤ الأعتصام بالكتاب والسنه سفينة نجاتك ¤ô§ô¤ Empty
مُساهمةموضوع: رد: ¤ô§ô¤ الأعتصام بالكتاب والسنه سفينة نجاتك ¤ô§ô¤    ¤ô§ô¤ الأعتصام بالكتاب والسنه سفينة نجاتك ¤ô§ô¤ Icon_minitimeالثلاثاء 20 سبتمبر 2011, 4:03 pm

 ¤ô§ô¤ الأعتصام بالكتاب والسنه سفينة نجاتك ¤ô§ô¤ 1aba5b3a12[center]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الفيروزي

عضو ذهبي  عضو ذهبي
الفيروزي


الجنس : ذكر
العمر : 38
الموقع المدينة المنورة
التسجيل : 30/09/2011
عدد المساهمات : 706

 ¤ô§ô¤ الأعتصام بالكتاب والسنه سفينة نجاتك ¤ô§ô¤ Empty
مُساهمةموضوع: رد: ¤ô§ô¤ الأعتصام بالكتاب والسنه سفينة نجاتك ¤ô§ô¤    ¤ô§ô¤ الأعتصام بالكتاب والسنه سفينة نجاتك ¤ô§ô¤ Icon_minitimeالسبت 05 نوفمبر 2011, 3:00 pm



۩۞۩ السلام عليكم ورحمةالله وبركاته ۩۞۩

ماشاء الله تبارك الله
مشاركة جميلة ومتميزة
نبارك هذا الجهد الرائع
ونتطلع لمزيد من الإبداع


۩ حفظكم الله ورعاكم ۩


♥♥ تقبلوا محبتي وتقديري ♥♥


₪₪₪₪₪₪₪
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الشبح

عضو فضي  عضو فضي
الشبح


الجنس : ذكر
العمر : 36
الموقع كوكب الأشباح
التسجيل : 06/09/2011
عدد المساهمات : 512

 ¤ô§ô¤ الأعتصام بالكتاب والسنه سفينة نجاتك ¤ô§ô¤ Empty
مُساهمةموضوع: رد: ¤ô§ô¤ الأعتصام بالكتاب والسنه سفينة نجاتك ¤ô§ô¤    ¤ô§ô¤ الأعتصام بالكتاب والسنه سفينة نجاتك ¤ô§ô¤ Icon_minitimeالإثنين 19 مارس 2012, 11:16 pm

 ¤ô§ô¤ الأعتصام بالكتاب والسنه سفينة نجاتك ¤ô§ô¤ 8
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
¤ô§ô¤ الأعتصام بالكتاب والسنه سفينة نجاتك ¤ô§ô¤
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» سفينة مولى الرسول

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
۞ منتديات كنوز الإبداع ۞ :: ۞ المنتديات الإسلامية ۞ ::  ۩ الإسلام .. دين السلام ۩-
انتقل الى: