الجنس : العمر : 42 المدينة المنورة التسجيل : 05/09/2011عدد المساهمات : 564
موضوع: ₪♥₪ هداية الحيران فى مسألة الاستعانة بالجان ₪♥₪ السبت 03 ديسمبر 2011, 4:11 pm
الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على عبده الذى اصطفى .. وبعد فقد أكثر الناس الكلام فى مسالة حكم الاستعانة بالجن المسلم فذهب البعض إلى جواز ذلك كالعبيكان وغيره واستدل هؤلاء بكلام لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كما استدلوا بتعليق ابن العثيمين رحمه الله على كلام شيخ الإسلام وذهب الاخرون وهم الأكثرون إلى عدم جواز ذالك وإليك بيان المسألة فى المطالب التالية :
المطلب الأول : ما استدل به المجيزون المطلب الثانى : مناقشة أدلة المجيزين المطلب الثالث: ما استدل به المانعون المطلب الرابع: القول الصحيح فى المسألة
المطلب الأول : ما استدل به المجيزون
أكثر من قالوا بجواز الإستعانة بالجن استدلوا بأمور منها : 1- كلام شيخ الإسلام ابن تيمية . 2- نقل الشيخ ابن عثيمين لكلام ابن تيمية . 3- فتوى الشيخ العبيكان بجوازالذهاب للسحرة لفك السحر وجواز الاستعانة بالجن فى فك السحر . 4- بعض الأدلة التى تبيح ذلك .
أولا : كلام شيخ الإسلام : قال شيخ الإسلام ابن تيمية: في مجموع الفتاوى الجزء الحادي عشر(( والمقصود هنا أن الجن مع الإنس على أحوال فمن كان من الإنس يأمر الجن بما أمر الله به رسوله من عبادة الله وحده وطاعة نبيه فهذا من أفضل أولياء الله تعالى وهو فى ذلك من خلفاء الرسول ونوابه . ومن كان يستعمل الجن فى أمور مباحة له فهو كمن استعمل الإنس فى أمور مباحة له وهذا كأن يأمرهم بما يجب عليهم وينهاهم عما حرم عليهم ويستعملهم فى مباحات له فيكون بمنزلة الملوك الذين يفعلون مثل ذلك وهذا إذا قدر أنه من أولياء الله تعالى فغايته أن يكون فىعموم أولياء الله مثل النبى الملك مع العبد الرسول كسليمان ويوسف مع إبراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين . ومن كان يستعمل الجن فيما ينهى الله عنه ورسوله إما فى الشرك وإما فى قتل معصوم الدم أو فىالعدوان عليهم بغيرالقتل كتمريضه وإنسائه العلم وغير ذلك من الظلم ، وإما فى فاحشة كجلب من يطلب منه الفاحشة فهذا قد استعان بهم على الإثم والعدوان ثم إن استعان بهم على الكفر فهو كافر . وإن استعان بهم على المعاصى فهو عاص إما فاسق وإما مذنب غير فاسق . وإن لم يكن تام العلم بالشريعة فاستعان بهم فيما يظن أنه من الكرامات مثل أن يستعين بهم على الحج أو أن يطيروا به عند السماع البدعى أو أن يحملوه إلى عرفات ولا يحج الحج الشرعى الذى أمره الله به ورسوله ،وأن يحملوه من مدينة إلى مدينة ،ونحو ذلك فهذا مغرور قد مكروا به. وكثير من هؤلاء قد لا يعرف أن ذلك من الجن بل قد سمع أن أولياء الله لهم كرامات وخوارق للعادات وليس عنده من حقائق الإيمان ومعرفة القرآن ما يفرق به بين الكرامات الرحمانية وبين التلبيسات الشيطانية فيمكرون به بحسب اعتقاده فإن كان مشركا يعبد الكواكب والأوثان أوهموه أنه ينتفع بتلك العبادة ويكون قصده الاستشفاع والتوسل ممن صور ذلك الصنم على صورته من ملك أو نبى أو شيخ صالح فيظن أنه صالح وتكون عبادته فى الحقيقة للشيطان قال الله تعالى "ويوم نحشرهم جميعا ثم نقول للملائكة أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون قالوا سبحانك أنت ولينا من دونهم بل كانوا يعبدون الجن أكثرهم بهم مؤمنون"
ثانيا : تعليق الشيخ العثيمين على كلام شيخ الإسلام : سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله - ما حكم خدمة الجن للإنس ؟: فأجاب بقوله : ذكر شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ في المجلد الحادي عشر من مجموع الفتاوى ما مقتضاه أن استخدام الإنس للجن له ثلاث حالات :- - أن يستخدمه في طاعة الله كأن يكون نائبا عنه في تبليغ الشرع ، فمثلا إذا كان له صاحب من الجن مؤمن يأخذ عنه العلم فيستخدمه في تبليغ الشرع لنظرائه من الجن ، أوفي المعونة على أمور مطلوبة شرعا فإنه يكون أمرامحمودا أو مطلوبا وهو من الدعوة إلى الله عز وجل . والجن حضروا للنبي ، صلى الله عليه وسلم ، وقرأ عليهم القرآن وولوا إلى قومهم منذرين ، والجن فيهم الصلحاء والعباد والزهاد والعلماء لأن المنذر لا بد أن يكون عالما بما ينذرعابدا. - أن يستخدمهم في أمور مباحة فهذا جائز بشرط أن تكون الوسيلة مباحة فإن كانت محرمة فهو محرم مثل أن لا يخدمه الجني إلا أن يشرك بالله كأن يذبح للجني أو يركع له أو يسجد ونحو ذلك . - أن يستخدمهم في أمور محرمة كنهب أموال الناس وترويعهم وما أشبه ذلك ، فهذا محرم لمافية من العدوان والظلم .ثم إن كانت الوسيلة محرمة أو شركا كان أعظم وأشد . ثالثا : فتوى العبيكان: فقد أفتى بأنه من الممكن الإستعانة بالجن الصالحين لفك السحر. رابعا : ورد عن أبى موسى الأشعرى وأبى هريرة ما يجيز ذلك .
المطلب الثانى : مناقشة أدلة المجيزين
أولا : تعليق العلماء على كلام شيخ الإسلام رحمه الله : 1- قال الشيخ ابن عثيمين في مجموع الفتاوى( 2/239-240 ): (( وقد اتخذ بعض الرقاة كلام شيخ الإسلام رحمه الله متكئاً على مشروعية الإستعانة بالجن المسلم في العلاج بأنه من الأمور المباحة ولا أرى في كلام شيخ الإسلام ما يسوغ لهم هذا فإذا كان من البدهيات المسلّم بها أن الجن من عالم الغيب يرانا ولا نراه الغالب عليه الكذب معتد ظلوم غشوم مجهولة عدالته لذا روايته للحديث ضعيفة فما هو المقياس الذي نحكم به على أن هذا الجني مسلم وهذا منافق وهذا صالح وذاك طالح ؟ )) . هذا النقل من فتاوى الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - لأبي المنذر خليل بن إبراهيم في رسالته " الرقية والرقاة بين المشروع والممنوع "وهي من تقديم فضيلة الشيح / صالح الفوزان - حفظه الله - وبتأييد من سماحة الشيخ / عبد العزيز بن باز - رحمه الله - في وقته 2- يعقب الشيخ سعيد عبد العظيم على كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله فيقول(( هذا الكلام القيم لشيخ الإسلام – يدلك على كثرة المغرورين الذين مكرت بهم الجن في زماننا، نتيجة قلة العلم وبسط الجهل، ومن أمثلة ذلك هؤلاء الجهال الذين ينادون الجني، وقد تعلقت قلوبهم بالجن – من دون الله – في جلب النفع ودفع الضر، ولبست عليهم الشياطين أمر دينهم ؛ فاختلطوا بالنساء وواقعوا ما حرم الله وشغلوا أنفسهم والدنيا من حولهم بالمحاورات والخزعبلات عن واجب العبودية والقيام بإضاعة الوقتفأين هذا الانحراف مما ذكره ابن تيمية في حكم استخدام الجن؟! لقد أساء البعض فهم نصوص الشريعة ، وبالتالي فلا غرابة في إساءة فهم كلام الأئمة ، يدلك على ذلك جحافل المعالجين ، الذين أهدروا معاني العقيدة والشريعة في علاجهم بزعم أن شيخ الإسلام ابن تيمية أجـاز استخدام الجن !! ) ( الرقية النافعة للأمراض الشائعة – ص 41 ) يقف د. فهد اليحيى على ضوء ما قاله بن تيمية عند عدد من الأمور يلخصها فيما يلي : - من فهم من كلامه - رحمه الله - الاستعانة المطلقة وعلى الصورة التي يفعلها من يدعي الاستعانة بالجن المسلمين من تحضير الجن فقد أبعد النجعة وحمل كلام الشيخ - رحمه الله - ما لا يحتمل ، بل قد سمعت شيخنا ابن باز - رحمه الله - وقد ذكر له ذلك يشكك في نسبته إلى شيخ الإسلام. - لو ثبت ذلك عن شيخ الإسلام - رحمه الله - ، وتنزلنا أن كلامه يقتضي جواز مثل هذه الصور التي يفعلها البعض ، فإن العصمة للرسل عليهم السلام وماذا يضير الشيخ إذا كان اجتهاده في هذه المسألة مما له فيه أجر واحد حيث لم يصب فيه ؟! وماذا ينقص من قدره إذا تبين أنه أخطأ في هذه المسألة ، بل في مائة مثلها وقد أصاب في آلاف من المسائل ؟! .. وإذا اجتهد فأخطأ في هذه المسألة وهو من أئمة المجتهدين فله عذره ، وينطبق عليه ما ذكره هو - رحمه الله - في كتابه (رفع الملام عن الأئمة الأعلام). ولكن من احتج بمجرد كلامه فلا عذر له ، إذ لا حجة في قول أحد سوى الوحي المنزل. - أن كلام بن تيمية - رحمه الله - في المواضع السابقة قد تضمن من التنبيهات ما يجب أن يقف معه من يأخذ بظاهر كلامه ، ومن هذه التنبيهات ما يلي : * إن الشياطين أهل مكر وغدر وتلبيس وخداع ، حتى أن بعض الشيوخ انخدع بهم ولبسوا عليه ، فصار يظن ما يحصل له كرامة من الله وإنما هو استدراج من الشيطان وتغرير وتلبيس ، فلما تبين لبعضهم الحق تابوا وأنابوا. وإذا كانت الشياطين كذلك فمن الذي قد ضمن لهذا المستعين بمن يسميهم مسلمين ألا يكونوا شياطين تخدع وتمكر به، لأجل استدراجه والإيقاع به وبقاصديه ؟! * من خداع هؤلاء الجن أن يخدعوا الإنسي بتحقيق غرضه وهم في الحقيقة لم يفعلوا فقد يزعمون أنهم أحضروا السحر ، ويحملون له عقداً وطلاسم ليست من السحر المزعوم في شيء ، بل قد لا يكون المريض أصلاً مسحوراً ، يوضح هذا ما قاله الشيخ - رحمه الله - في موضع آخر حيث قال فيمن يعزمون على الجن : (والمقصود أن أرباب العزائم من كون عزائمهم تشتمل على شرك وكفر لا تجوز العزيمة والقسم به ، فهم كثيراً ما يعجزون عن دفع الجني وكثيراً ما تسخر منهم الجن ، إذا طلبوا منهم قتل الجني الصارع للإنس أو حبسه فيخيلوا إليهم أنهم قتلوا أو حبسوه ويكون ذلك تخييلاً وكذباً). * إن سؤال الجن على وجه التصديق لهم لا يجوز ، ومن تأمل الاستعانة بهم وجدها أعظم من مجرد التصديق بل هي في الغالب متضمنة له مبنية عليه. * إن المواضع من كلام شيخ الإسلام التي قد يُفهم منها جواز الاستعانة بالجن المسلمين قد عارضها من كلامه ما يمنع الاستعانة مطلقاً منها قوله: ومن استمتاع الإنس بالجن استخدامهم في الإخبار بالأمور الغائبة كما يخبر الكهان ، فإن في الإنس من له غرض في هذا ، لما يحصل به من الرياسة والمال وغير ذلك ، ومنها قوله وأما سؤال الجن وسؤال من يسألهم فهذا إن كان على وجه التصديق لهم في كل ما يخبرون به والتعظيم للمسئول فهو حرام ، كما ثبت في صحيح مسلم وغيره : عن معاوية بن الحكم السلمي قال : قلت : ( يا رسول الله اموراً كنا نصنعها في الجاهلية كنا نأتي الكهان قال : فلا تأتوا الكهان ) . ومنها ما نقله الشيخ محمد بن مفلح - رحمه الله – عن شيخ الإسلام من قوله ( رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن مستخدما الجن ، لكن دعاهم إلى الإيمان بالله ، وقرأ عليهم القرآن ، وبلغهم الرسالة ، وبايعهم كما فعل بالإنس ، والذي أوتيه النبي صلى الله عليه وسلم أعظم مما أوتيه سليمان ، فإنه استعمل الجن والإنس في عبادة الله وحده وسعادتهم في الدنيا والآخرة ، لا لغرض يرجع إليه إلا ابتغاء وجه الله وطلب رضاه ) ( مصائب الإنسان – 156 ) ومنها قول شيخ الإسلام رحمه الله (مجموع الفتاوى 1/181) " وسؤال الخلق في الأصل محرم لكنه أبيح للضرورة " واحتج على ذلك بأدلة كثيرة . ومنها ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله - في النبوات أنه ليس من هدي السلف الاستعانة بالجن 4- يقول صاحب كتاب القول المعين في مرتكزات معالجي الصرع والسحر والعين معلقا على كلام شيخ الإسلام :إن قول بعض علماء الأمة كشيخ الإسلام ( ابن تيمية ) بجواز الاستعانة ضمن كلام موزون يوجب وقفة وتذكرا بالعصر الذي عاشوا فيه حيث كان الإسلام قويا ، ويحكم فيه بشرع الله ومنهجه ، وكان الوعي والإدراك الديني آنذاك - عند العلماء والعامة - أعظم بكثير مما نعيشه اليوم ، والاعتقاد الجازم أن الاستعانة لا يمكن أن تفهم بمفهومها الدقيق في هذا العصر كما فهمت أيام شيخ الإسلام ابن تيمية ، ولا بد من وقفة تأمل مع كلامه - رحمه الله – فأقول : أ)- إن الكلام في المسألة عام :ولم يتطرق - رحمه الله - إلى قضايا الاستعانة في التطبب والرقية والعلاج ب)- ذكر في النقطة الرابعة كلاما يقول فيه : وإن لم يكن تام العلم بالشريعة فاستعان بهم فيما يظن أنه من الكرامات مثل أن يستعين بهم على الحج ، أو أن يطيروا به عند السماع البدعي ، أو أن يحملوه إلى عرفات ، ولا يحج الحج الشرعي الذي أمره الله به ورسوله ، وأن يحملوه من مدينة إلى مدينة ، ونحو ذلك فهذا مغرور قد مكروا به ) (الفتاوى – 11 / 307 ) فمن يدعي أن تسخير الجن له من باب الكرامة فدعواه ليست صحيحة، لأن الكرامة لا تأتي لإنسان يريدها،وصاحبها لايظهرها وإنما هي تفضل من الله على أوليائه، قد يطلبونها فتحصل، وقد يطلبونها فتتخلف، وعلينا أن ننظر إلى حال الشخص للحكم عليه لا إلى كراماته والمتأمل في كلام شيخ الإسلام يلاحظ : أن توفر العلم الشرعي شرط أساسي للاستعانة ، فالعالم وطالب العلم أكثر حرصا ودقة من غيرهما في المسائل والأحكام الشرعية ، فكل منهما يقارن بين المصالح والمفاسد ، ويفرق بين الحلال والحرام ، وله اطلاع بأمور كثيرة تخفى على كثير من الناس ، وبإلقاء نظرة سريعة في يومنا هذا ، يلاحظ أن معظم من طرقوا هذا الباب واستعانوا بالجن جهلة بالعلم الشرعي لا يفقهونه ولا يدركون أصوله ، ولا يفرقون بين الركن والواجب ، ونجزم أن شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - لو عاش بين أظهرنا لما أجاز الاستعانة بمضمونها الحالي ، لما يترتب عليها من مفاسد عظيمة قد تؤدي إلى خلل في العقيدة ، بل قد تدمرها من أساسها جـ)- موقف طالب العلم :إن العالم أو طالب العلم ، إذا كان ملما بالعلم الشرعي ومتفقها فيه ، عالما بأحكامه ، مدركا لأحواله ، سواء كان من الإنس أو الجن ، لا يمكن أن يزعزع ويدمر عقائد الناس ، أو أن يتصرف وفق أهوائه وشهواته – فيدور في رحى الكتاب والسنة ، ولن ترى مثل ما يحصل اليوم من تجاوزات وانحرافات عند الذين يزعمون أنهم يستعينون بجن صالح فيخربون عقائد الناس ، ويحيدون بهم عن الفطرة السوية . وأنقل كلاما لشيخ الإسلام – رحمه الله – يؤكد المفهوم الدقيق الذي عناه من سياق كلامه حيث نقل الشيخ محمد بن مفلح - رحمه الله – كلاما له ، يقول فيه : ( قال شيخ الإسلام تقي الدين ابن تيمية : رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن مستخدما الجن ، لكن دعاهم إلى الإيمان بالله ، وقرأ عليهم القرآن ، وبلغهم الرسالة ، وبايعهم كما فعل بالإنس ، والذي أوتيه النبي صلى الله عليه وسلم أعظم مما أوتيه سليمان ، فإنه استعمل الجن والإنس في عبادة الله وحده وسعادتهم في الدنيا والآخرة ، لا لغرض يرجع إليه إلا ابتغاء وجه الله وطلب رضاه ) ( مصائب الإنسان – ص 156 ) 0 يقول الشيخ محمد بن محمد عبد الهادي في رده على هذه الشبهة: (( ذكر ابن تيمية في كتابه الفتاوى : فمن كان من الإنس يأمر الجن بما أمر الله به ورسوله من عبادة الله وحده وطاعة نبيه إلى أن يقول : فيكون بمنزلة الملوك فقد حمل البعض كلام ابن تيمية على تجويز وإباحة استعمال الجن في العلاجات وفي طلب الإخبار عن أمور مباحة كنوع المرض وعلاجه وكشف مفقود وغير ذلك, والحق أن هذا فهم غير صحيح فالإمام ابن تيمية ما ذكر هذه العبارات إلا للمقارنة بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان الذين يتحدث عنهم في كتابه والمتأمل لعباراته يجد أنه وضح وقيد هذا الاستعمـال بقوله : كأن يأمرهم بما يجب عليهم وينهاهم عما حرم عليهم ويستعملهم في مباحات لهم وشبه – رحمه الله – أولياء الرحمن الصالحين الذين يأتمر الجن بأمرهم بمنزلة الملوك ومثلهم بالنبي الملك مع العبد الرسول فالملوك الصالحون يأمرون بطاعة الله وينهون عن معصية الله وحيث إن ابن تيمية مثل لذلك فبماذا كان يأمر هؤلاء الأنبياء عليهم الصلاة والسلام الناس ؟ لا شك بأنهم كانوا يأمرون بعبادة الله وحده وينهون عن كل عمل يـؤدي إلى الشرك وصرف القلب عن الله وعدم التوكل عليه والمتأمل إلى نهج وعقيدة ابن تيمية يجد أنه أحرص الناس على تثبيت العقيدة في قلوب المسلمين وأشدهم تحذيراً من كل عمل يتنافى مع جانب التوحيد أو فيه شبهة شرك فالإمام ابن تيمية – رحمه الله – لم يتطرق إلى إباحة استخدام الجن في العلاجات ولو جاز استخدامهم واستعمالهم في ذلك لاستشارهم النبي محمد صلى الله عليه وسلم عندما سحر كما ذكر قصة سحره عليه الصلاة والسلام الإمام البخاري في صحيحه ولم يستخدم الأوائل من المسلمين الجن في قضاياهم كالحروب التي دارت بينهم وبين المشركين ولا استعملوهم في علاج مرضاهم أم أننا أقوى عقيدة من أولئك الأولين فلا نقع في الشرك ؟ فابن تيمية - رحمه الله - عندما أشار إلى استخدام الجن حسب زعم الزاعمين لم يقل يجوز أن تصاحب جنياً بإشارة معينة مثل رمزاً أو قراءة أو نحو ذلك فإذا حضر الجني طلبت منه ما تحتاج إليه من تشخيص داء أو معرفة دواء أو الاستدلال على مخفى ولكنه قصد والله أعلم أنك إذا قرأت على مصروع فحضر الجني الصارع وتكلم على لسانه هنا عليك أن تأمره بالمعروف وتنهاه عن المنكر ولو سألته عن مباحات جاز لك ذلك وإن كان خلاف الأولى مع العلم بأن فيهم كذباً كثيراً فلا يصدقوا في كل ما يخبرون به ، ولو صح أنه كان يقصد جواز اتخاذ جني بطريقة ما كقراءة سورة معينه أو تسبيحات معينة فإن ذلك لا يجوز لمخالفـة ذلك لأفعال السلف الصالح وأن ابن تيمية - رحمه الله - ليس بحجة على الشرع بل الشرع حجة على الجميع والله أعلم ( كتاب عالج نفسك بنفسك – ص 35 – 36 ) 6- يقول الشيخ إبراهيم بن عبد الرحمن الموسى المرشد الديني بهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمنطقة الرياض وعلى أي حال لو كان شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عليه قد افتى بمشروعية الاستعانةبالجن فإنما هو بشر يخطئ ويصيب والعمدة في ذلك بما جاء في الكتاب والسنة وما أجمع عليه سلف الأمة. وقد اخترت باقات جميلة من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تبين لمن أراد الحق أنه لا يقصد مشروعية الاستعانة بالجن ومن ذلك ما ذكره عمن تكون لهم خوارق عادات - قال رحمه الله (ولما كانت الخوارق كثيراً ما ينقص بها درجة الرجل، كان كثير من الصالحين يتوب من ذلك ويستغفر الله تعالى، كما يتوب من الذنوب كالزنى والسرقة وتعرض على بعضهم فيسأل الله زوالها، وكلهم يأمر المريد السالك ألا يقف عندها ولا يجعلها همته، ولا يتبجح بها، مع ظنهم أنها كرامات فكيف إذا كانت بالحقيقة من الشياطين تغويهم بها؟ أعرف من يخاطبه النبات بما فيها من المنافع وإنما يخاطبه الشيطان الذي دخل فيها، ومنهم من يخاطبه الحجر والشجر، وتقول: هنيئاً لك يا ولي الله، فيقرأ آية الكرسي فيذهب ذلك وأعرف من منهم يقصد صيد الطيور، فتخاطبه العصافير وغيرها وتقول: خذني حتى يأكلني الفقراء، ويكون الشيطان قد دخل فيها، كما يدخل في الأنسي، ويخاطبه بذلك ومنهم من يكون في البيت وهو مغلق فيرى نفسه خارجه وهو لم يفتح، وبالعكس، وكذلك في أبواب المدينة وتكون الجن قد أدخلته وأخرجته بسرعة، أو تريه أنواراً، وتحضر عنده من يطلبه، ويكون ذلك من الشياطين يتصورون بصورة صاحبه فإذا قرأ آية الكرسي مرة بعد مرة ذهب ذلك كله) انتهى كلامه رحمه الله. وقال فى موضع ءاخروالذين يستخدمون الجن فى المباحات يشبه استخدام سليمان لكن أعطى ملكا لا ينبغى لأحد بعده وسخرت له الانس والجن وهذا لم يحصل لغيره والنبى صلى الله عليه وسلم لما تفلت عليه العفريت ليقطع عليه صلاته قال فأخذته فذعته حتى سال لعابه على يدى وأردت أن أربطه الى سارية من سوارى المسجد ثم ذكرت دعوة أخى سليمان فأرسلته فلم يستخدم الجن لكن دعاهم الى الايمان بالله وقرأ عليهم القرآن وبلغهم الرسالة وبايعهم كما فعل بالانس والذى أوتيه صلى الله عليه وسلم أعظم مما أوتيه سليمان فإنه استعمل الجن والانس فى عبادة الله وحده وسعادتهم فى الدنيا والآخرة لا لغرض يرجع اليه الا ابتغاء وجه الله وطلب مرضاته واختار أن يكون عبدا رسولا على أن يكون نبيا ملكا فداود وسليمان ويوسف أنبياء ملوك وابراهيم وموسى وعيسى ومحمد رسل عبيد فهو أفضل كفضل السابقين المقربين على الأبرار أصحاب اليمين وكثير ممن يرى هذه العجائب الخارقة يعتقد أنها من كرامات الاولياء . فتاوى ابن تيمية ج13/ص89 . - وقال في موضع ثالث : وأما سؤال الجن وسؤال من يسألهم فهذا إن كان على وجه التصديق لهم في كل ما يخبرون به والتعظيم للمسئول فهو حرام ، كما ثبت في صحيح مسلم وغيره : عن معاوية بن الحكم السلمي قال : قلت : ( يا رسول الله اموراً كنا نصنعها في الجاهلية كنا نأتي الكهان قال : فلا تأتوا الكهان) .. وفي صحيح مسلم أيضاً عن عبيد الله عن نافع عن صفيه عن بعض أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ( من أتى عرافاً فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين يوماً). ثم ذكر - رحمه الله - ضابطاً مهماً للتفريق بين الكرامة وخوارق العادات فذكر أن كرامات الأولياء لا بد أن يكون سببها الإيمان والتقوى، أما ما كان سببه الكفر والفسوق العصيان فهو من خوارق أعداء الله، لا من كرامات أولياء الله، ؟!. وهنا مسألة قد تخفى على بعض الرقاة وهي أن الشياطين قد تظهر التأثر وتخرج الأعراض واضحة جلية عند الرقية بالطرق البدعية أو الشركية، أما عند الرقية الشرعية فإنها تتحمل أشد التحمل ولا تظهر التأثر.. والمقصود من ذلك فتنة الراقي والمرقي عليه، فإذا ذهب المريض إلى الراقي الذي يرقي بالطرق البدعية التي تتضمن استعانة بالشياطين سرعان ما يصرح الممسوس ويتكلم المس على لسانه فيقتنع المريض بهذا الراقي الخرافي ويترك الراقي الشرعي، وهذا أعظم مقصود للشيطان المريد من إضلال العبيد فتجده يتحول من الرقية الشرعية المشروعة إلى الرقية المحرمة، وينتقل من السنة إلى البدعة ويتغير بدلا من أن يكون حرباً على الشياطين يكون ولياً وأعظم من ذلك قد يرتد عن الإسلام لخدمة الشياطين وتقديم القرابين لهم حتى تخدمه وتظهر الأعراض وتساعده في تشخيص الحالات بأساليب عديدة فلا يستطيع الاستغناء عنهم في تشخيص الحالات مما يضطره إلى تقديم القرابين لهم ليخدموه. ثانيا : التعليق على نقل الشيخ العثيمين لكلام ابن تيمية أنه أراد منه المعنى الذى أراده شيخ الإسلام رحمه الله وهو ما أوضحناه من خلال كلام العلماء السابق وهو أبعد ما يكون عما يفعله هؤلاء اليوم من استعانة بالجن فىهذا النوع من العلاج وليس أدل على ذلك من قول العثيمين رحمه الله (( وقد اتخذ بعض الرقاة كلام شيخ الإسلام رحمه الله متكئاً على مشروعية الإستعانة بالجن المسلم في العلاج بأنه من الأمور المباحة ولا أرى في كلام شيخ الإسلام ما يسوغ لهم هذا فإذا كان من البدهيات المسلّم بها أن الجن من عالم الغيب يرانا ولا نراه الغالب عليه الكذب معتد ظلوم غشوم مجهولة عدالته لذا روايته للحديث ضعيفة فما هو المقياس الذي نحكم به على أن هذا الجني مسلم وهذا منافق وهذا صالح وذاك طالح ؟ )) هذا النقل من فتاوى الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - لأبي المنذر خليل بن إبراهيم في رسالته " الرقية والرقاة بين المشروع والممنوع " وهي من تقديم فضيلة الشيح / صالح الفوزان - حفظه الله - وبتأييد من سماحة الشيخ / عبد العزيز بن باز - رحمه الله - في وقت ونقله أيضا حسن سلمان فى هامش كتابه "فتح المنان في جمع كلام شيخ الإسلا م ابن تيمية عن الجان .
ثالثا: فتوى الشيخ العبيكان بجوازالذهاب للسحرة لفك السحر وجواز الاستعانة بالجن فى فك السحر 1- رد فضيلة الشيخ الدكتور صالح بن سعد اللحيدان المستشار القضائي الخاص والأمين العام للجمعية العالمية للصحة النفسية في المملكة والخليج على العبيكان في فتواه فقال (( الاستعانة بالمشعوذين محرَّم.. ولا تُقوّل فقهاء الحنابلة مالم يقولوا! وحرمة الذهاب للسحرة والمشعوذين أمر لا شك فيه وأن من يقل بجواز الذهاب إليهم يرد الكلام على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم،، وقد أخطأ الشيخ العبيكان عندما أعلن ذلك دون أن يستشير العلماء حفاظ الحديث ويجمع عقله لعقولهم .وبيّن اللحيدان أن العبيكان طالب علم وينبغى أن لا يخوض فى مثل هذه المسائل دون الرجوع للعلماء وسؤالهم ويستشهد بأقوال ويعممهاعلى فقهاء الحنابلة ويُقَوِلُهُم ما لم يقولواوقال اللحيدان(للمدينة) رداً على تصريحات العبيكان حول جواز الذهاب للسحرة والمشعوذين وحل السحر بالسحر تأصيل المسائل العلمية دون معرفة مايَرِد عليها وما يورد إليها من أدلة ومن عام وخاص ومطلق ومقيد وناسخ ومنسوخ لابد من إدراكه ووعيه لأن الحكم على الشيء لابد أن يتفرع عن تصوره لكن الأمر الأول : هو التصور المطلق الكامل السالم من المُعارض . الأمر الثانى : لابد من معرفة صحة الأقوال المنسوبة إلى أهلها . الأمر الثالث : خطورة التأويل وتحميل أهل العلم السابقين مالم يحتملوا لأن التأويل يحتاج إلى عقلية كبيرة تساوى عقلية ذلك الذي تكلم فى مثل هذه المسائل الدقيقة والأمر الرابع أيضاً مهم هو معرفة قواعد النظر العقلى الذي يتساوى مع النص الشرعى الصحيح لأن مُنَزِلَ الوحى هو الله جل وعلا وخالق العقل هو الله جل وعلا ولا يتعارض النص الصحيح مع العقل فإن تَعَاَرَض العقل مع النص الصحيح فإن العقل يكون مشبوهاً يعنى فيه نظر من حيث استيعابه ومن حيث حسن التصور والتصرف والأمر الخامس: أن فقه النص لا يتعدى المراد فيما يتعلق بالعبادات لأن الأصل فى العبادات القطع والمنع إلا ماشرعه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم . والأمرالسادس: لابد من إستشارة أهل العلم الحفظة الذين أحاطواعلماً بفقه النصوص والنوازل والمستجدات وغالب هؤلاء اليوم لا يكتبون ولا يلقون الدروس وأمثال هؤلاء دخولهم فى مثل هذه المسائل يثري القضية إثراءً عظيماً وكذلك أدعو كافة العلماء الرسميين والمستقلين أن يتقوا الله جل وعلا جميعاً وأن يدخلوا فى الميدان لكن بعقل وحكمة وروِية واختصار دون الذهاب إلى مجرد الإنشاء أو الخطاب المباشر أو الميل إلى مجرد الوعظ والإرشاد هذه مقدمة تأصيلية لابد منها،، وأضاف اللحيدان أما فيما يتعلق بالذهاب الى السحرة والكهان فإنه لا يجوز وهذا مجمع عليه علمياً وهو مما عُلم من الدين بالضرورة لأن الذهاب الى السحرة محرم, والحديث الصحيح فى هذا معروف (من ذهب إلى ساحر فصدقه فقد كفر بما أنزل على محمد) وأيضاً الذهاب إلى الكهان مثل هؤلاء..وأمر الذهاب إلى الساحر والكهان يعطى قطعاً للأدلة يعنى الذي يذهب إلى الساحر أو الكاهن يعنى أنه يلغى النصوص التى تزيل السحر ويلغى النصوص التى تزيل مرض الكهانة ومرض العين ومرض المس .. وقال الدكتور اللحيدان ليس هناك ضرورة مقتضية أن يذهب المسحور للساحر وليس هناك ضرورة مقتضية أن يذهب الممسوس إلى من يخرج الجن عن طريق الجن لأن النبى صلى الله عليه وسلم وضع حداً لهذا كما فى الترمذى والبخارى وكما فى سورة البقرة فيما قوله تعالى(كالذي يتخبطه الشيطان من المس) فحينما يذهب الممسوس أوالمسحور الى راقٍ من التقاة البررة العارفين المدركين البعيدين عن الظلم وعن الغلو والبعيدين عن الإشراك وعن الحرام لاشك أن القرآن يؤثر تأثيراً عظيما ًفى المسحور وأيضاً يؤثر تأثيراً عظيما ًفى نفسية الذى مسته الكهانة أو أصيب بالعين أو أصيب بالمس ولذلك قال الله تعالى (مافَرَطنَا فى الكتاب من شيء) وأضاف فضيلته لكن المسألة تحتاج الى أن العالم يرتفع قليلاً قليلاً إلى فهم مراد النص لأن القرآن نزل بلغة عربية وأدلة الأدعية وأدلة الأذكار وأدلة الموجبات كلها واضحة كذلك أحاديث البخارى ومسلم والأربعة وابن أبى شيبة وأحمد والمصنف لعبد الرزاق النصوص موجودة متواترة لإزالة السحر بالرقية وإزالة المس بالرقية وإزالة الكهانة والعين بالرقية كلها موجودة فكيف يمكن لمسلم عاقل مميز أن يذهب الى ساحر.. نعم ابن تيمية تكلم عن هذا لكن التكلم عندالإمام ابن تيمية غير واضح100% ولذلك لا يُحَمَل إبن تيمية محمل حسب ما يراه أحد (ما) ولا يمكن أن يحمل الإمام البخارى فى تبويبه لبعض الأبواب غير ما تحمله.. والشيخ عبدالمحسن العبيكان أعرفه معرفة جيدة أعرفه طالب علم متمكنا وجيدا لكن الثقة قد يجوز عليه الخطأ وهذا مذهب أهل الجرح والتعديل من علماء الحديث ولذلك أنصح كافة العلماء بالتريث وعدم التعجل فحينما يسأل عالم عن مسألة مثل هذه المسائل يجب أن يراجعها ويتصل بالحفظة من أهل الحديث الذين يعرفون النواسخ والمنطلقات والعمومات وأدلة الاختلاف والاستنتاجات العقلية والنظرية وأسأل الله للشيخ عبدالمحسن التوفيق والهداية وأدعوه إلى التريث قليلاً. وأضاف اللحيدان لا أظن أن عبدالمحسن العبيكان يقصد أن يحث الناس على الذهاب للسحرة بكلامه المنشورفى (المدينة) أمس لأنه رجل طالب علم ورجل مأمون وأثق به شخصيا ثقة كبيرة فيما أعلم عنه والنوايا لا أعلمها أحسبه كذلك وحسبه الله .. لكن كان الأولى أن لا يفعل هذا الشيء أنا من رأيي حسب علمى وحسب حفظى للآثار والقرآن ولله الحمد ..أرى أنه لا يصلح أن يذيع هذا إلا أن يجعل هناك شرطا وضوابط قوية جيدة فهو يختم هذا بعدم جوازالذهاب الى السحرة خاصة فى هذه الفترة التى كثرت فيها البدع وكثر فيها المتطرفون والمتعالمون ولو تتبعت مايجرى فى العالم عبر الأنترنت لوجدت أن المفتين أكثر من الذي يحفظ كل من بدأ يقرأ يفتى كل من بدأ يلقى محاضرة يفتى كل من بدأ يؤلف يفتى والأولى والأرفق بالشيخ عبدالمحسن العبيكان أنه لا يظهر هذه الأمور يجعلها بينه وبين نفسه ثم يستشير ويستشير ويجمع عقله الى عقول الآخرين.واختتم اللحيدان قائلاً أما ما يتعلق فى فقه الحنابلة فالشيخ عبدالمحسن عمم هنا والصحيح أنهم جزء قليل وهم ليسوا من أهل الحديث إنما فقهاء وهذه اجتهادات شخصية من هؤلاء الفقهاء لا يحسن تعميمها على عامة الفقهاء. جريدة المدينة . 2- رد الشيخ سعد بن عبد الرحمن الحصين: الشيخ عبد المحسن العبيكان زاده الله من فضله وتوفيقه ميزه الله بالعلم والعمل والدعوة إلى الله على بصيرة، وأحسبه اليوم من خير من جمع الله له بين العلم والعمل الشرعي، وبين الولاء لدولة التوحيد والسنة ومناصحة ولاة أمرها، وكانت وما زالت تهوي إليه أفئدة طلاب العلم الشرعي ، أما الاستعانة بالجن فقد استدل على جوازه ببعض الحديث أو الأثر الذي لا يسلم من مقال، وأما استدلاله برأي ابن تيمية رحمه الله فالحجة في روايته ( إذا صحّت سنداً ومتناً ) وليست الحجة في رأيه، كما قال الفقهاء عمن هو خير منه، ولذلك لم يأخذ الشيخ ابن باز رحمه الله (وأحسبه خير من جمع الله له العلم والعمل والدعوة على بصيرة وحسن الخلق ـ ومنه الصبر والعفو والكرم بالنفس والوقت والمال ـ في عصره ) برأي ابن تيمية رحمه الله بل منع الاستعانة بالجنّ مطلقاً، وهذا لا يعني منع الإعانة في الخير، وبينهما فرق كبير وأحسب الاستعانة بالجنّ (لغير الشّرّ والفتنة) من مُلْك سليمان الذي خصّه الله به فلا ينبغي لأحدٍ من بعده ، ومَنْ مِنَ الإنس يجوز له الحكم بالصلاح على أحدٍ من الجن؟ . و يرى الشيخ العبيكان أن غير الصالحين من الجن لن يعينوا مُسْلماً! والصحيح أنهم قد يعينونه فتنةً وابتلاء وقد رأيت كثيراً من الدّجّالين في البلاد المجاورة يدّعون الاستعانة بالجن الرحمانيين، وانخدع بهذه الحجة بعض خريجي كليات الشريعة في المملكة المباركة؛ فالواجب قطع هذه الذريعة وسد هذا الباب الذي ولج منه الدجل وإذا كان الشيخ علم مشاهدة بوجود عمليات جراحية جنيّة فلعله من التّخييل، كما خُيّل لموسى عليه السلام أنَّ حبال السّحرة وعصيهم حيّات تسعى .
رابعا : بعض الأدلة التى تبيح ذلك : الأول :- حديث أبي هريرة لما جاءه الشيطان على صورة آدمي يحثو من طعام الصدقة.. حتى أوصاه بقراءة آية الكرسي وقال فإنه لا يزال عليك من الله حافظ ولا يقربك شيطان حتى تصبح، ثم جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال (صدقك وهو كذوب) رواه البخاري برقم 3275. فيقولون: ما المانع من الاستفادة من الجن في إعانتهم لنا في تشخيص أو علاج الحالات فإن هذا يختصر الوقت والجهد.. والجواب : أن قصة الشيطان مع أبى هريرة لا يقاس عليها ما يفعله المعالجون اليوم وذلك لما يلى : 1- أن الذى حكم على صدق الشيطان فى هذه الواقعة هو النبى صلى الله عليه وسلم وذلك لأنه نبى يوحى إليه والوحى قد انقطع بعده لذا لايمكن أن نقول للمعالج اليوم صدقك وهوكذوب لأنه لااطلاع لناعلى ذلك ومن ادعى اطلاعه على صدق الجن وكذبهم بعد النبي صلى الله عليه وسلم فإنما هو الكذوب 2- أن أبا هريرة قد أمسك الشيطان وأطلقه وسمع منه ولم يعلم أنه شيطان إلا بعدما أخبره النبي صلى الله عليه وسلم بذلك فهل يقاس هذا على من يعلم أنه يتعامل مع الجن ويقصد سؤالهم والاستعانة بهم لاشك أن هذا قياس مع الفارق . 3- أن أبا هريرة لم يسأله عن شىء وإنما الشيطان هو الذى أخبره بذلك فأقره النبي صلى الله عليه وسلم وهذا الإقرار هو الذى يجعلنا نقرأها عند النوم وليس مجرد كلام الشيطان 4 - لا حاجة للجن في إعانة أحد من الإنس إلا بمقابل،وهذا ما حدث فى قصة أبى هريرة عندما كان المقابل أن يطلقه دون أن يعلم أنه الشيطان فماذا سيجدون منك أيها الراقي حتى يساعدوك في تشخيص الحالات وعلاجها؟!.أم أنهم سوف يساعدونك دون مقابل . الثانى :- روي عن أبي موسى الأشعري أنه أبطأ عليه خبر عمر ، وكان هناك امرأة لها قرين من الجن فسأله عنه فأخبره أنه ترك عمر يسم إبل الصدقة ، وفي خبر آخر أن عمر أرسل جيشاً فقدم شخص إلى المدينة فأخبر أنهم انتصروا على عدوهم وشاع الخبر فسأل عمر عن ذلك فذكر له فقال : هذا أبو الهيثم يريد المسلمين من الجن وسيأتي بريد الإنس بعد ذلك بعدة أيام. والجواب كما ذكر الدكتور فهد اليحيى من وجوه : الوجه الأول : أين هذا الأثر في كتب الأثر ؟ فإني لم أجده إلا في كتاب : فضائل الصحابة للإمام أحمد من رواية ابنه عبد الله ، قال : ثنا داود بن رشيد قال : ثنا الوليد يعني بن مسلم عن عمر بن محمد قال : ثنا سالم بن عبد الله قال : راث على أبي موسى الأشعري خبر عمر وهو أمير البصرة ، وكان بها امرأة في جبتها شيطان يتكلم فأرسل إليها رسولاً فقال لها : مري صاحبك فليذهب فليخبرني عن أمير المؤمنين ، قال : هو باليمن يوشك أن يأتي ، فمكثوا غير طويل قالوا اذهب فأخبرنا عن أمير المؤمنين فإنه قد راث علينا ، فقال : إن ذاك لرجل ما نستطيع أن ندنو منه إن بين عينيه روح القدس ، وما خلق الله عز وجل شيطاناً يسمع صوته إلا خر لوجهه. وقد أخرجه أيضاً بأخصر منه من طريق يحيى بن يمان عن سفيان عن عمر بن محمد بن سالم بن عبد الله. وهذا الأثر ضعيف لما يلي : 1- في السند الأول : الوليد بن مسلم وهو عند ابن حجر من الطبقة الرابعة من الموصوفين بالتدليس ، وهم من اتفق على أنه لا يحتج بشيء من حديثهم إلا بما صرحوا فيه بالسماع ، ولم يصرح الوليد هنا بالسماع من عمر بن محمد. 2- في السند الثاني : يحيى بن يمان العجلي ، قال في التقريب : صدوق عابد ، يخطئ كثيراً وقد تغير. 3- مدار الأثر بروايتيه على سالم بن عبد الله يروي القصة لأبي موسى رضي الله عنه ولم يذكر له سماع من أبي موسى ، وهذا الأثر ضعفه محقق كتاب فضائل الصحابة ، 4- الآثار الواردة آنفا جاءت بصيغة ( روي ) وهذا ما يعتبره أهل العلم صيغة ( تمريض ) أي عدم ثبوت تلك الآثار بسندها عن الرواة0وقد أورده شيخ الإسلام - كما تقدم - بصيغة التمريض (روي). الوجه الثاني: أن القصة لو ثبتت لم يكن فيها الاستعانة التي يقوم بها من يزعم ذلك من التحضير في الغرف المظلمة، والتمتمات، والحركات المستغربة، إذ هي لا تزيد على مخاطابة مصروع فيما لا يترتب عليه أدنى عمل، فهي كمن يسأل الجني المتلبس بالمصروع عن سبب دخوله ومتى دخل ونحو ذلك، وسياق إيراد هذه القصة من قبل شيخ الإسلام يدل على هذا المعنى، فإنه استشهد بها على سؤال الجن من غير تصديق لهم، ولم يستشهد بها على الاستعانة . فإن قيل : فالاستعانة كالسؤال ، فإذا جاز السؤال جازت الاستعانة . فيقال: إذا كان كذلك فيستعان إذاً حتى بالكفار!! لأن كثيراً من المتلبسين بالإنس إنما هم كفار، هذا من وجه .. ومن وجه آخر فإن السؤال الذي تسأله الجني المتلبس بالمصروع ليس سؤال استعانة ، وإنما هو كالتحقيق مع المجرم ، ولذا لا ينبغي سؤال عن العائن في العين ، وعن السحر أين هو ؟ ومن سحره ؟ .. إلخ إلا على وجه التحقيق والاستدراج له ، وليس على وجه الاستعانة ، وكم كذب الشياطين في ذلك كثيراً ، ولبسوا ، وخلطوا ، وزرعوا الشحناء والبغضاء. ولذا فإني أكبر فقه شيخنا ابن باز - رحمه الله - وبُعد نظره حين سُئل عما يفعله البعض مما يُسمى بالتخييل ، وهو أن يقول مخاطباً الجني : اخرج على صورة العائن ، أو على خيال العائن ، ثم يسأل الشخص : ماذا ورد في خاطرك ؟ فيذكر أسماء أناس يعتبرهم (الراقي) هم من أصاب هذا الشخص بالعين. فلما سُئل الشيخ عن ذلك قال بكل بداهة وبساطة مع الفقه وقوة البصيرة : لا يصدقهم ، هم يكذبون (يعني الجن) يقولون : عانه (أي أصابه بالعين) أبوه ، أخوه ، فلان ، فلانة ، هم يكذبون ، يريدون أن يوقعوا الشحناء والبغضاء. الوجه الثالث: أن القصة لو أخذنا منها جواز الاستعانة للزم من ذلك جواز مطلق الاستعانة من غير فرق بين جن مسلمين أو كافرين ، وذلك لأن قرين تلك المرأة لم يُذكر أنه مسلم بل الأظهر أنه كافر ، وإذا قيل بمطلق الاستعانة فهذا هو السحر بعينه والشعوذة أو قرينهما. الوجه الرابع : أن هذه القصة - على فرض صحتها - هي بعد ذلك كله حادثة واحدة قد يصح فيها ما يطلقه بعض العلماء فيما هو أصح منها وأوضح أنها حادثة عين لا عموم لها ، فكيف يؤخذ بها ويطرح ما ذكرنا من الوجوه التي يكفي بعضها في الدلالة على المنع. والله أعلم. وقال غيره من الوجوه أيضا : الوجه الخامس: ولو لم يذكر أي من النقاط السابقة ، فالقاعدة الفقهية ( باب سد الذرائع ) تغنينا عن ذلك كله ودرء المفسدة مقدم على جلب المصلحة والناس اليوم يدركون ويعلمون كم من المفاسد العظيمة ترتبت على هذا الأمر ! وبنحو أصبح الولوج فيه أقرب إلى طرق السحر والشعـوذة والكهانة والعرافة فنسأل الله العفو والعافية 0
المطلب الثالث: ما استدل به المانعون
استدل الذين منعوا الاستعانة بالجن بأمور عديدة منها كما يقول صاحب كتاب القول المعين في مرتكزات معالجي الصرع والسحر والعين ص (37- 173 (. 1- لم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عن خلفائه الراشدين وأصحابه والتابعين وسلف الأمة - رضوان الله عليهم أجمعين - فعلهم ذلك ، أو استعانتهم بالجن ، واللجوء إليهم ، والتعلق بهم ، وقد رسخ رسول الله صلى الله عليه وسلم في نفوس المسلمين، عقائد سامية، ومبادئ أخلاقية ، تأصيلا للعقيدة الصحيحة التي توجه السلوك والتصرف، وذلك بالاعتماد والتوكل على الله سبحانـه وتعالى وحده ، وقد ثبت من حديث أبي مسلم الخولاني، قال : حدثني الحبيب الأمين، أما هو إلي فحبيب، وأما هو عندي فأمين: عوف بن مالك ، قال : كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، سبعة – أو ثمانية أو تسعة – فقال: ( ألا تبايعون رسول الله صلى الله عليه وسلم ) وكنا حديثي عهد ببيعة، قلنا: قد بايعناك، حتى قالها ثلاثا، فبسطنا أيدينا فبايعناه، فقال قائل: يا رسول الله: إنا قد بايعناك! فعلام نبايعك؟ قال ( أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا، وتصلوا الصلوات الخمس، وتسمعوا وتطيعوا ) وأسر كلمة خفية، قال : ( ولا تسألوا الناس شيئا ) قال : فلقد كان بعض أولئك النفر يسقط سوطه ، فما يسأل أحدا أن يناوله إياه ) ، ( أخرجه الإمام مسلم في صحيحه . - وعن ثوبان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن يتقبل لي بواحدة أتقبل له بالجنة ) قلت: أنا0 قال: (لا تسأل الناس شيئا) قال ، فكان ثوبان يقع سوطه ، وهو راكب ، فلا يقول لأحد : ناولنيه 0 حتى ينزل فيأخذه )0 قال الألباني حديث صحيح ، أنظر صحيح أبي داوود 1446 ، صحيح ابن ماجة 1487 ) 0 قال النووي قوله : " فلقد رأيت أولئك النفر يسقط سوط أحدهم فما يسأل أحدا يناوله إياه " فيه التمسك بالعموم لأنهم نهوا عن السؤال ، فحملوه على عمومه ، وفيه الحث على التنزيه عن جميع ما يسمى سؤالا وإن كان حقيرا 0 والله أعلم ) 0( صحيح مسلم بشرح النووي - 7،8،9 - 109 ) 0 2- السمة العامة لأقوال الجن والشياطين الكذب والافتراء ، وقد ثبت من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم( أما إنه قد صدقك وهو كذوب ، تعلم من تخاطب منذ ثلاث ليال يا أبا هريرة ؟ " قلت: لا0 قال: " ذاك شيطان (أخرجه الإمام البخاري في صحيحه قال المباركفوري (صدقك وهي كذوب) هو من التتميم البليغ، لأنه لما أوهم مدحها بوصفه الصدق في قوله صدقت استدرك نفي الصدق عنها بصيغة مبالغة، والمعنى: صدقك في هذا القول مع أنه عادته الكذب المستمروهو كقولهم : (قد يصدق الكذوب ) تحفة الأحوذي . 3- جهل عامة الناس في العصر الحاضر، والبعد عن منهج الكتاب والسنة ، وقلة طلب العلم الشرعي، كل ذلك جعل الكثيرين منهم لا يفرقون بين السحـرة وغيرهـم ممن يدعـون الاستعانة بالجن الصالح - بزعمهم- وبذلك تختلط الأمور وتختل العقائد التي تعتبر أغلى ما يملكه المسلم، ولأن في صحة العقيـدة وسلامتها ضمان للفوز والنجاة في الدارين0 4- يترتب على الاستعانة فتنة للعامة ، نتيجة التعلق والارتباط الوثيق بالأشخاص من الإنس والجن ، دون الارتباط والاعتماد والتوكل على الخالق سبحانه وتعالى . 5- الجن مكلفون وغير معصومين من الأهواء والزلل ، وقد يخطئون ، وينقاد المستعين بهم وراء ذلك الخطأ ، وقد يقع في الكفر أو الشرك أو محظور شرعي بحسب حال مخالفته الشرعية 0 6- إن اللجوء إلى الجن والاستعانة بهم تجعل المستعين ضعيفا في نظرهم وفي نظر غيرهم من الجن والإنس ، وأما الاستعانة بالله سبحانه وتعالى فتجعل الإنسان قويا واثقا لاستعانته بخالق الكون ، المتصرف الذي له ملك السماوات والأرض وهو على كل شيء قدير 7- الاستعانة غالبا ما تكون نتيجة تلبس الجني لبدن المعالج أو أحد أفرادأسرته وهـذا مشاهد محسوس ملموس ، تقره الخبرة والتجربة العملية ، وفي ذلك مخالفة شرعية صريحة لنص الآية الكريمة : ( الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَالا يَقُومُونَ إلا كَمَا يَقُومُ الَّذِى يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ الْمَسِّ ) ووجود الجني داخل جسد الإنسان بهذه الكيفية وعلى هذا النحو غير جائز وغير مسوغ من الناحية الشرعية ، وليس من عقيدة المسلم أن الغاية تبرر الوسيلة ، إنما الوسيلة كما بينها الشرع الحنيف هي اتخاذ الأسباب الشرعية الثابتة في الكتاب والسنة والأثر ، وكذلك الأسباب الحسية المباحة لعلاج تلك الأمراض الروحية 0 8- استدراج الشيطان للمستعين بكافة الطرق والوسائل والسبل للايقاع به في الكفر أو الشرك أو المحرم ، وقد سمعنا من القصص قديما وحديثـا ما يؤيد ذلك ويؤكده ، فكم من رجال عرفوا بالاستقامة والصلاح ، وتم استدراجهم ، وماتوا على الكفر أو المعصية والعياذ بالله ! . قال ابن كثير : ( قال عبدالله بن مسعود في هذه الآية : ( كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ للإِنسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّى بَرِىءٌ مِنْكَ إِنِّى أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ ) كانت امرأة ترعى الغنم وكان لها أربعـة إخوة ، وكانت تأوي بالليل إلى صومعة راهب قال : فنزل الراهب ففجر بها فحملت فأتاه الشيطان فقال له : اقتلها ثم ادفنها فإنك رجل مصدق يسمع قولك 0 فقتلها ثم دفنها ، قال : فأتى الشيطان إخوتها في المنام فقال : لهم إن الراهب صاحب الصومعة فجر بأختكم فلماأحبلها قتلها ثم دفنها في مكان كذا وكذا ، فلما أصبحوا قال رجل منهم : والله لقد رأيت البارحة رؤيا ما أدري أقصها عليكم أم أترك ؟ قالوا لا بل قصها علينا فقصها فقال الآخر : وأنا والله لقد رأيت ذلك ، فقال الآخر : وأنـا والله لقد رأيت ذلك 0 قالوا : فوالله ما هذا إلا لشيء ، قال : فانطلقوا فاستعدوا ملكهم على ذلك الراهب ، فأتوه فأنزلوه ثم انطلقوا به فلقيه الشيطان فقال : إني أنا الذي أوقعتك في هذا ولن ينجيك منه غيري فاسجد لي سجدة واحدة وأنجيك مما أوقعتك فيه 0 قال : فسجد له ، فلما أتوا به ملكهم تبرأ منه وأخذ فقتل ، وكذا روي عن ابن عباس وطاوس ومقاتل بن حيان نحو ذلك ، واشتهر عند كثير من الناس أن هذا العابد هو برصيصا فالله أعلم ) ( تفسير القرآن العظيم - 4 / 341 ) . قال الأخ فتحي الجندي: ( وقد اشتهر عند كثير من الناس أن هذا العابد هو برصيصا والله أعلم0 وأيا ما كانت هذه القصص لعابد واحد هو برصيصا، أو كانت لغيره فهي لا تثبت من رواية مرفوعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم والصحيح أنها موقوفة، وغايتها أن تكون مأخوذة عن أهل الكتاب، وفي تدبرها عبرة لمن سمع بها - على أي حال - فالحذر الحذر من هذا الشرك الخادع ، والذي كم صاد به إبليس ، وما فتئ يصطاد 0 وليعلم أن الفتنة تبدأ بنظرة محرمة تزني فيها العين )0 ( النذير العريان - ص 259 )0 قلت : واستدراجات الشيطان في هذا المجال كثيرة ومتشعبة، ومن ذلك استخدام الأمور المباحة في العلاج للإيقاع في المحظور ومن ثم الكفر بالله عز وجل وهدم العقيدة والدين ، أو ادخال أمور مبتدعة في الرقية الشرعية كما يفعل كثير من الجهلة اليوم ، أو الخلوة المحرمة بالنساء بقصد طيب دون معرفة الحكم الشرعي لذلك ، فينقلب الأمر ويحصل المحظور ، ناهيك عن أمور كثيرة قد يستدرج بها الشيطان بعض المعالجين لا داعي لذكرها إنما أريد التنبيه على هذا الأمر وخطورته ومزالقه 0 9- تكون الاستعانة حجة لكثير من السحرة على ادعاء معالجتهـم بالرقية الشرعية وقراءة القرآن ، لعلمهم أن الناس أدركت خطورتهم وكفرهم ، فيدعون الرقية والاستعانة بالصالحين من الجن ، فيطرق الناس أبوابهم ، ويطلبون العلاج على أيديهم ، وكثير من أولئك ينساقون وراءهم إما لضعف اعتقادهم ، أو خوفا منهم ومن إيذائهم وبطشهم ، والقصص والشواهد على ذلك كثيرة جدا ، والواقع الذي يعيشه الناس يؤكد ذلك أيضا 0 10- ولو جاز استخدامهم واستعمالهم في