التعريف المختار للسياحة
السياحة في المفهوم اللغوي والشرعي شاملة لمعان متعددة يجمع بينها مطلق التنقل في الأرض لأي غرض، وأما في المفهوم العصري فقد تركزت على معنى السفر لغير الهجرة والعمل وراعت التعاريف المعصرة ما عليه العمل في العالم المعاصر وما ضبطته المنظمات السياحية الدولية.
وحيث إن هذا البحث يتناول بعض أحكام السياحة المعاصرة من المنظور الشرعي فمن الواجب وضع تعريف للسياحة المعاصرة يتلاءم مع المفهوم الشرعي لها ليكون البحث منصباً على جانب من جوانب السياحة في المفهوم الشرعي دون إنكار شمول المفهوم الشرعي لألوان أخرى من السياحة وإن لم تسم في عرف المعاصرين سياحة، ولعل أقرب تعريف للسياحة التي هي محور هذا البحث هو:
(السفر لممارسة نشاط ترويحي في مدة لا تزيد عن سنة)(61).
شرح التعريف وبيان محترزاته:
(السفر): احتراز من الإقامة فالسياحة سفر، والإقامة فيها مؤقتة، وقد يكون هذا السفر مشروعاً أو غير مشروع ديانة أو نظاماً ولا أرى حاجة لتقييد السفر بالمشروعية لاشتراك السياحة المشروعة وغير المشروعة في بعض الأحكام كالترخص في سفر المعصية على قول، إلا أنه لا يعد السفر والتنقل غير المشروع نظاماً سياحة عند المعاصرين.
(لممارسة نشاط ترويحي): يتضمن بيان أغراض السياحة، والترويح يشمل التنزه والترفيه والتواصل الاجتماعي بين الأفراد والشعوب والدول، والتجارة والتسوق، والعلاج، والاستكشاف والاستطلاع، والعبادة، فالترويح عن النفس سمة مشتركة بينها وهذا يخرج الهجرة والسفر لإنجاز الأعمال الوظيفية، فالعامل ليس سائحاً في المفهوم المعاصر للسياحة.
وأغراض السياحة متنوعة ومتعددة وقد يغلب بعضها على مفهوم السياحة وذلك باختلاف الأشخاص والأزمان والأمكنة فقد تكون بعض الأمور من أغراض السياحة في زمن دون غيره وهكذا، كما أن من الأغراض ما هو مشروع ومنها ما ليس كذلك.
فإذا كانت أغراض السياحة في الأزمنة الفاضلة تتمثل في العبادة أو الهجرة أو الجهاد أو السفر لطلب العلم أو للدعوة إلى الله أو للتجارة وطلب الرزق فإنها في هذا الزمن تتناول غالباً السفر للمتعة والترفيه والاستكشاف والاستجمام والترويح عن النفس والبدن عموماً.
أما من كان غرضه الهجرة أو العمل الوظيفي أو الدراسة فقط فليس سائحاً في المفهوم المعاصر.
(في مدة لا تزيد عن سنة): لأن تجاوزها يحوله إلى مقيم وبهذا القيد تخرج الهجرة إذا كان باعثها الترويح.