الإناء ينضح بما فيه ...!!!
العقل نعمة عظيمة من نعم الله على الإنسان و هو مناط التكليف و الحفاظ عليه من مقاصد الشريعة الخمسة ، فينبغي إذن أن نحافظ عليهو نرتقي به ، لا أن نمتهنه بالسخافات ، و لا أن نهمله فنعيش كالبهائم ( اجلكم الله )همنا الأكل و الشرب و اللهو و اللعب ، فنصبح كما قال أحدهم :إنما نيا طعام وشراب و منام ... فإذا فاتك هذا فعلى الدنيا السلامفهذا مما لا يليق بذلك المخلوق الذي كرمه الله بالعقل ، و جعله خليفة في الأرض .و من المؤسف حقا أننا نرى بعض الشباب ممن يدرسون في الجامعات لا يزالون يشاهدون الرسوم المتحركة وبرامج المسابقات التافهةوما يُسمى حالباً برامج تلفزيون الوااااقع !! و لو تحدثت مع أحدهم أو ناقشته في موضوع ما ، وجدت ضحالة في التفكيرمما لا يتناسب و لا ينسجم مع مرحلته الدراسية و لست أدري شباب كهذا كيف سينهض بأمته ؟!! .لابأس بالقوم من طول و من قصر ... جسم البغال و أحلام العصافيرفلابد إذن من أن نرتقي بعقولنا و أن نسمو بأفكارنا و لكن ... كيف يكون ذلك ، و ما هو السبيل ..؟؟!!في الحقيقة إنها سبل و ليست سبيل واحدة ، و أولها طلب العلم و أشرفه العلم الشرعي ، فبدونه لا يستطيع المسلم أن يقيم أمور دينه.يقول الإمام الشافعي : ليس بعد الفرائض أفضل من طلب العلم فهو نور يهتدي به الحائر .و يقول الإمام ابن حنبل : الناس إلى العلم أحوج منهم إلى الطعام و الشراب لأن الرجل يحتاج إلى الطعام و الشراب في اليوم مرة أو مرتين و حاجته إلى العلم بعدد أنفاسه .تعلم فإن العلم زين لأهله ... وفضل و عنوان لكل المحامدو كن مستفيدا كل يوم زيادة ... من العلم و اسبح في بحار الفوائدثم يأتي بعد ذلك طلب العلوم النافعة التي تعيننا على أمر دنيانا كالطب و الهندسة و الأحياء و الكيمياء .. و غيرها مما لابد منه و لا تستقيم الحياة إلا به ، فالعلم نور ، و الجهل ظلمات و باب لكثير من المفاسد .العلم ينهض بالخسيس إلى العلا ... والجهل يقعد بالفتى المنسوبو من السبل التي تؤدي إلى استنارة العقل و اتساع الأفق ، القراءة الجادة و المطالعة في الكتب النافعة ، فأنت بالقراءة تضيف عقولا إلى عقلك و تختصر تجارب و خبرات الأمم و الأشخاص في وريقات هذا عدا عن الأنس و المتعة التي تجدها في القراءة .يسلي الكتاب هموم قارئه ... ويبين عنه إذا قرأ نصبهنعم الجليس إذا خلوت به ... لا مكره يخشى و لا شغبهقيل لابن المبارك مرة : مالك لا تجالسنا ؟ فقال : أنا أذهب فأجالس الصحابة و التابعين و أشار بذلك إلى أنه ينظر في كتبه . و يقول ابن الجوزي : و إني أخبر عن حالي ، ما أشبع من مطالعة الكتب و إذا رأيت كتابا لم أره فكأني وقعت على كنز فلو قلت أني قد طالعت عشرين ألف مجلد كان أكثر و أنا بعد في طلب الكتب ، فاستفدت بالنظر فيها ملاحظة سير القوم ، و قدر هممهم ، و حفظهم ، و عاداتهم و غرائب علوم لا يعرفها من لم يطالع .لنا جلساء ما نمل حديثهم ...
ألباء مأمونون غيبا و مشهدايفيدوننا من علمهم علم ما مضى ... وعقلا و تأديبا و رأيا مسددابلا فتنة تخشى و لا سوء عشرة ... ولا يتقى منهم لسانا و لا يدافإن قلت : أموات فلا أنت كاذب ... وإن قلت : أحياء فلست مفندافاقرأ و طالع ، و تجول بين الحدائق ، و اقتبس من كل بستان زهرة و لا تقف عند علم واحد ، فإن المرء عدو لما يجهل .احرص على كل علم تبلغ الكملا ... لا تقف عند علم واحد كسلافالنحل ناحق من كل فاكهة ...
إياك بالحق هذا الشمع و العسلاالشمع فيه ضياء في ضياءته ... والشهد فيه شفاء يشفي العللاسبيل آخر يعين على الارتقاء بالعقل ، و هو مصاحبة و مجالسة ذوي العقول المستنيرة و هؤلاء يعرفون من خلال حديثهم ، فعقل المرء مخبوء تحت لسانه و المرء بأصغريه : عقله و لسانه ، فمن خلال الكلام تعرف إن كان صاحبه ذو عقل مستنير أو سقيم .وهذا اللسان بريد الفؤاد ...
يدل الرجال على عقله يقول أحمد بن عطاء : مجالسة الأضداد ذوبان الروح ، و مجالسة الأشكال تلقيح العقول .ذو النقص يصحب مثله ... والشكل يألف شكله فاصحب أخا الفضل لكي ... تقفو بفعلك فعلهو أخيرا أقول ,,, أن مخرجات المرء تأتي تبعا للمدخلات فالكتب و المجلات التي تقرأها ، و البرامجو الندوات التي تحضرها أو تسمعها و الأشخاص الذين تحتك بهم و تجالسهم كل ذلك يؤثر و يسهم في تشكيل و صياغة عقلك و فكرك فكل إناء بالذي فيه ينضح ...