موضوع: الإنترنت يتسلل إلى لوحات القيادة في السيارات الخميس 15 سبتمبر 2011, 8:08 am
اكتشفت شركات تصنيع السيارات وشركات التقنية العالية مكانا جديدا لوضع أجهزة كومبيوتر حديثة متصلة بالإنترنت: المقعد الأمامي في السيارة، الأمر الذي أثار هلع المدافعين عن السلامة على الطرق، الذين يشعرون بالقلق من تشتيت انتباه قائد السيارة. وقد تحول اهتمام الشركات التقنية العملاقة، مثل «إنتل» و«غوغل»، إلى لوحة القيادة في السيارات، على أمل نقل إمكانات جهاز الكومبيوتر الشخصي إلى السيارات. وترى هذه الشركات فرصة كبيرة لتحقيق أرباح، من خلال العمل مع شركات تصنيع السيارات، من أجل إنتاج الجيل الجديد من الأجهزة التي لا يمكن مقاومتها.
وقد عرضت هذه الشركات في معرض الإلكترونيات الاستهلاكية - وهو معرض تجاري سنوي جذاب - إنجازاتها الرئيسية، مثل شاشات مساحتها 10 بوصات، أعلى ذراع نقل السرعات، تعرض مقاطع مرئية فائقة الدقة، وخرائط ثلاثية الأبعاد، وصفحات الإنترنت.
وسيجري طرح الجيل الأول من هذه «الأنظمة المعلوماتية الترفيهية»، كما يطلق عليها في صناعات السيارات والتقنية، في الأسواق العام الحالي. وفيما كانت خصائص الملاحة المدمجة كماليات مكلفة، فإن من المحتمل أن تصبح الأنظمة الجديدة أجهزة قياسية على نطاق واسع في سيارات القريب العاجل. وإذ تحول هذه الأنظمة دون مشاهدة سائقي السيارات المقاطع المرئية واستخدام بعض الوظائف الأخرى أثناء تحرك السيارة، فلا يزال في مقدورها عرض محتوى متنوع، مثل: استعراض المطاعم، وأغلفة الألبومات الموسيقية بلمسة من إصبع اليد.
ويقول المدافعون عن السلامة على الطريق إن الشركات التي تقف وراء هذه التقنيات لا تلقي بالا للأبحاث المتزايدة، التي توضح مخاطر تشتيت ذهن قائد السيارة، و لا تلقي بالا أيضا للنقاش العام المتنامي بشأن استخدام الهاتف الجوال أثناء قيادة السيارات، وكيفية تجنب الآلاف من حوادث التصادم والإصابات التي يسببها هذا النوع من التشتيت كل عام.
ويقول نيكولاس إيه. أشفورد، أستاذ التقنية والسياسة في معهد ماساتشوستس للتقنية، عن الجهود الرامية إلى إدماج أجهزة الكومبيوتر في السيارات، بـ«أنها في أفضل الأحوال خطوة غير مسؤولة، وفي أسوئها ضارة». ويضيف «من المؤسف والمحزن أنها تعتبر استمرارا لقضية تغليب الأرباح على السلامة، بالنسبة إلى كل من السائقين والمشاة».
ويتيح أحد هذه الأنظمة، التي تطرحها «شركة أودي» في خريف العام الحالي، للسائقين الحصول على المعلومات أثناء القيادة. إذا كنت تريد أن تتجه، على سبيل المثال، إلى ملعب «ماديسون سكوير غاردن» لحضور مباراة لكرة السلة، فما عليك إلا التعامل مع لوحة تعمل باللمس، والكتابة بأصابعك كلمة «نيكس»، وهو نادي كرة سلة في نيويورك، وستحصل على مقالة من موقع ويكيبيديا الإلكتروني حول المنطقة، والصور، واستعراض للمطاعم القريبة، ورسوم الطرق التي تؤدي إلى هذا المكان.
وتقول الرسالة التي تظهر عند تشغيل نظام «أودي»: «من فضلك، استخدم خدمات الإنترنت فقط عندما تتيح لك ظروف المرور القيام بذلك بشكل آمن».
وتقول شركات التقنية والسيارات إن السلامة على الطريق تظل أحد الأولويات. وتشير هذه الشركات إلى أنها تعمل على تصنيع تقنية مثل الأوامر الصوتية والشاشات، التي تستطيع بالتزامن عرض الخرائط للسائق وفيلم للراكب على المقعد الأمامي، كما هو الحال في الموديل الجديد «جاغوار إكس جيه».
ويقول جيم باكزكوسكي، مدير هندسة النظم الإلكترونية والكهربائية العالمية في «شركة فورد»، «إننا نحاول أن نجعل تجربة القيادة جذابة للغاية». ويضيف «نريد أيضا التأكد من أن بها قدرا متزايدا من الأمان. هذا جزء أساسي من تركيبتنا التي نطورها».
ويتيح نظام «ماي فورد» الجديد في «سيارة فورد» للسائق ضبط أوضاع درجات الحرارة، أو الاتصال بصديق أثناء سير السيارة، فيما يعمل متصفح الإنترنت المدمج فقط عندما تكون السيارة متوقفة. وتقول «شركة أودي» إنها ستقيد على نحو مماثل القدرة على التعامل مع الخصائص المعقدة، والتي من المحتمل أن تشتت انتباه السائق. لكن بشكل عام سيتحمل السائقون جزءا كبيرا من مسؤولية تحجيم استخدام هذه الأجهزة. وتتطور شرائح الكومبيوتر والمكونات الأخرى كل عام فيما تنخفض تكلفتها، مما يتيح لشركات تصنيع السيارات طرح أجهزة أكثر تتطورا. وأنشأت «شركة هارمان»، أحد مصنعي مثل هذه الأنظمة للسيارات ومقرها ستامفورد بولاية كونيتيكت، اثنين من الأنظمة عالية الجودة ومتعددة الوسائط من المقرر طرحها العام الحالي، وهي تستخدم شرائح كومبيوتر مطورة بالكامل في شركتي «إنتل» و«نفيديا». وكانت هذه الشرائح تستهلك مقدارا كبيرا من الطاقة الكهربائية، لذا لم تكن تستخدم في السيارات.
ويقول ساتشين لاوندي، كبير العاملين في مجال التقنية في «شركة هارمن» التي تعمل مع «أودي» و«بي إم دبليو» و«مرسيدس» و«تويوتا» وشركات سيارات أخرى: «ننظر دائما إلى أسواق أجهزة الكومبيوتر الشخصي بشيء من الغيرة». ويضيف: «لقد امتلكوا دائما هذه الشرائح العظيمة التي لا يمكننا استخدامها، لكن ذلك يتغير الآن».
وتضع إحدى لوحات القيادة الجديدة والمعقدة من «فورد» السيارة في عالم الأجهزة الإلكترونية الصغيرة بشكل كامل. وتعرض الشاشة الملونة، التي تبلغ مساحتها 4.2 بوصة، والمركزة على يسار عداد السرعة، معلومات عن السيارة، مثل: مستوى الوقود، فيما تعرض شاشة أخرى على الجانب الأيمن أمورا أخرى، مثل: اسم المتصل على الهاتف الجوال، أو عنوان ملف الأغاني التي تذاع. وفي الجزء العلوي من لوحة التحكم المركزية شاشة تعمل باللمس، مساحتها 8 بوصات، تعرض أمورا مثل لوحات التحكم وصفحات الإنترنت، وذلك عندما تكون السيارة في وضعية «غير متحرك». ويحتوي هذا النظام على تقنية الـ«واي فاي» ومدخلي «يو إس بي» ومكان لإدخال قابس لوحة مفاتيح، أو باختصار الكثير من خصائص جهاز الكومبيوتر الشخصي.
وتلقى جهود شركات تصنيع السيارات دعم الشركات التي تصنع الشرائح الإلكترونية لأجهزة الكومبيوتر الشخصي، والتي تريد رؤية أجهزة المعالجة الخاصة بها مستخدمة في الـ70 مليون سيارة تباع في العالم سنويا.
وقال مايكل رايفيلد، المدير العام بشركة «نيفادا» التي تصنع الشرائح الإلكترونية: «ستصبح السيارات على الأرجح أكثر الأجهزة الإلكترونية الاستهلاكية التي ننتجها من حيث الاستخدام. وفي عام 2010، ستجلس في هذه السيارات، وستعيش تجربة مختلفة تماما». وتؤكد الشركات العملاقة في هذه الصناعة أنها تعطي العملاء ما يريدون، والخدمات التي عودتهم شركات الجوال والإنترنت أن يتوقعوها.
ويقول ماثياس هاليغر، كبير المهندسين في أنظمة «أودي» متعددة الوسائط في الواجهة: «يتوقع العملاء المزيد والمزيد، خصوصا رجال الأعمال الذين يتوقعون أن يجدوا في السيارة ما يجدونه في أجهزة الجوال. وينبغي أن نوفر لهم التجربة نفسها، أو تجربة أفضل». وتضيف قدرة صناعة الكومبيوتر عنصر دعم جديدا وقويا إلى جهود شركات تصنيع السيارات لتقديم تقنيات جديدة كأحد مصادر تحقيق الربح. وقد سبق لهم أن روجوا أجهزة ستريو متقدمة، لكن الملاحة وأنظمة الهواتف المدمجة في الوقت الحالي هي البنود الأكثر طلبا.
ويقول أرت سبينيلا، أحد المحللين في صناعة السيارات في شركة «CNW» للأبحاث: «شأنها شأن معظم المستهلكين، تفترض شركات تصنيع السيارات أن معظم السيارات متشابهة من حيث الجودة والأمان، وجميع الصفات القديمة. والطريقة التي تميز نفسك بها الآن هي التقنية العالية». وأضاف: «لكنهم يتجاهلون تماما إحدى القضايا الرئيسية في مستقبل قيادة السيارات، ألا وهي القيادة المشتتة».
ويتنامى الوعي بهذه الناحية، ففي عام 2003 قدر الباحثون في هارفارد أن سائقي السيارات الذين يستخدمون الهاتف الجوال أثناء القيادة تسببوا في 2600 حادثة مميتة، و570 ألف من حوادث الإصابات كل عام.
وتقول تشاري كلاور، الباحثة في معهد فيرجينيا لتقنية النقل، إن سائقي السيارات يواجهون مخاطر أكبر تتعلق بالاصطدام عند النظر إلى الشاشات، حتى وإن كانت هذه الشاشة تعرض فقط خريطة بسيطة من خلال نظام تحديد المواقع العالمية.
وتضيف أن الخطر الكلي بالنسبة إلى السائقين سيزداد حين توفر هذه الشاشات الكثير من البيانات الإضافية.
وقالت كلاور إنه كلما طالت الفترة التي يشيح فيها نظر السائق عن الطريق، «فإن مخاطر الاصطدام أو الاقتراب من الاصطدام تتضاعف. وعليه، فعندما تبدأ في طرح أشياء مثل البريد الإلكتروني والقدرة على استخدام الإنترنت وخيارات المطاعم أو أي شيء من هذا القبيل.. ترتفع المخاطر كثيرا».
ويشعر المنظمون أيضا بالقلق إزاء هذه التطورات. ويعتبر راي لحود، وزير النقل الأميركي، أن الشركات المعنية تسير في طريق خطأ. ويوضح أن القضية هي أنهم يعبئون السيارات بمختلف الأشياء التي تؤدي إلى تشتيت انتباه السائق «وهذا ليس الاتجاه الذي نسير فيه، وسوف أعارضه بشدة».
وتؤكد الشركات أنها تطور أنظمة مفيدة تعرض المعلومات المهمة، وتعتبر أن المزيد من الإقبال على استخدام الكومبيوتر من الممكن أن يعني أيضا تقنية أفضل، مثل أجهزة الاستشعار التي تحاول التنبؤ بأوضاع القيادة الخطيرة.
وتقول «فورد» و«أودي» إنهما اختبرتا أنظمتهما على نطاق واسع، وأدخلتا تغييرات طفيفة عليها بهدف خفض الوقت الذي ينظر فيه السائقون إلى الشاشات. وقال براد ستيرتز، المتحدث باسم «أودي أوف أميركا»، إن هذا الاختبار كان طوعيا. ويقول ستيرتز «نظرا إلى أن الكثير من ذلك جديد للغاية، فإن المطلوب إجراء الكثير من الاختبارات النظامية، مثلما هو مطلوب إجراء اختبارات للتصادم». ويضيف: «أن الشركة تأمل أيضا تجنب المشكلات القانونية، إذ من الممكن أن تثار قضية قانونية إذا صدمت سيارة أحد الأفراد واتهمت الشرطة شركة السيارات بها».
ويقول دارين شيوتشوك، المتحدث الرسمي باسم «هارمان»، إن شركته تعمل بشأن تقنية السلامة، مثل: أنظمة الصوت للاستماع إلى رسائل البريد الإلكتروني، وكتابتها. ولكنه يعتبر اختبار السلامة «مسؤولية شركات تصنيع السيارات».
- شارك في هذا التقرير أشلي فانس من لاس فيغاس، ومات ريتشل من سان فرانسيسكو.