تحلّي بالأمل ولا تيأسي
يجب أن تعلمي أن الرهان عليك أنتِ، أي أن رهان من يريدون للإسلام أن يكون بخير، وكذلك رهان من يريدون للإسلام أن ينتهي، يرتكز في الأساس على المرأة. الكل يراهن على المرأة. لو ظلت المرأة بخير سيتحقق الأمل. وإذا ظنت أن الدين يضطهدها ويعاملها معاملة سيئة ويكبتها وهي لا تريده، إذن، فقد انتهى كل شيء. أنت التي ستحددين مصيرنا في المئة سنة المقبلة.. وليس الرجال. لماذا؟ لأن المرأة نصف المجتمع، وهي، في الوقت نفسه، تُربي النصف الثاني. فإما أن تقومي بتربية شباب يقومون على خدمة هذا الدين. وإما أن تُعدّي شباباً يعيشون دون قيمة ولا هدف في الحياة. ولذلك، فإنني سعيد بأن هذا المقال للمرأة. هل تستشعرين هذا المعنى؟ إذا استشعرتِ المرأة أنها هي المسؤولة عن الإسلام، وأن نجاح الأمة بيديها، ستتغير الأمة تماماً، وستنهض نهضة عظيمة خلال العشرين سنة المقبلة. فالمفتاح في يد المرأة. لقد رأى أعداء الأمة أن مفتاح القضاء على هذا الدين وعلى هذه الأمة، يكمن في بُعد المرأة عن الإسلام. ومن ثم فقد ابتعدت المرأة جداً عن الإسلام، وبذلك وقعت الأمة. أما الخمس عشرة سنة الأخيرة، فقد شهدت تديناً للمرأة، ما أدى إلى اقتراب الناس من الله، وكانت المرأة هي الدافع، وكانت النتيجة، أن تديَّن الكثير من الرجال على أيدي زوجاتهم. أريد أن أطرح تساؤلاً مهماً: لماذا تكون معظم الشبهات التي توجه إلى الإسلام خاصة بالمرأة؟ ففي يوم، قمت بحصر كل الشبهات، التي توجه إلى الإسلام، ووجدت أن 60 في المئة من هذه الشبهات خاص بالمرأة. وقد كان كل ذلك زوراً، لأن الإسلام لم يفعل ذلك بالمرأة، إنما كانوا يفسرون أوامر الإسلام بالعكس، ليظهروه مضاداً للمرأة. ولكن، لماذا 60 في المئة، عن المرأة؟ لأنهم يريدون لها أن تشعر بأن الدين يضطهدها ويقلل من مكانتها. ولكن، كيف يمكن الظن أن الرسول (صلى الله عليه وسلم) يقلل من مكانتك، وهو رسول الإنسانية الذي يدرك دورك تماماً؟ بالتأكيد هناك سوء فهم. والآن، ننتقل إلى نقطة ثانية: يجب أن تدركي أنك مسؤولة عن المجتمع. فأنتِ مسؤولة عن المجتمع في بيتك، ومع أولادكِ، وفي الشارع، وفي العمل، ومع العائلة، ومع الجيران. عليكِ إذن أن تَهبي نفسك للإسلام خلال العشرين سنة المقبلة. لقد كانت النساء أمل الإسلام أيام النبي (صلى الله عليه وسلم). فلتجعلي لنفسك هدفاً، وهو أنك مسؤولة عن الإسلام. وإذا كانت معلوماتك الدينية محدودة، أنوي أن تنقلي إلى الناس ما تعرفينه. استمعي إلى أشرطة دينية، وتكلمي مع الناس عنها. كوني قدوة بأخلاقك، وإذا لم تكوني محجبة، لا تجعلي ذلك يمنعك من الكلام مع الناس في الدين، لأن كلامك مع الناس في الدين سيعينك على الحجاب. إذا لم تستشعر النساء المسؤولية ستضيع الأمة في المئة سنة المقبلة أيضاً. ولا يكفي أن يتحمل الرجال المسؤولية وحدهم، لأن المفتاح في يدكِ أنتِ.. هذه هي الحقيقة.. يجب أن تحملي الأمانة. إنهم يأخذون على القرآن، أنه مذكَّر ويتحدث بلغة الرجل، ولكنه يكلِّم مخاطَباً واحداً لأن متقضيات اللغة العربية تحتم ذلك. فليس من المعقول أن يخاطب الاثنين في كل آية. وعندما يقول القرآن }وضرب الله مثلاً للذين آمنوا...{ ماذا نتوقع؟ نتوقع أن يذكر الرجال العظام. ولكن القرآن يقول: }وضرب الله مثلاً للذين آمنوا امرأة فرعون..{. وهذه الآية كفيلة بالرد على الاتهامات، التي توجه إلى الدين، وأنه يقول إن النساء ناقصات عقل ودين. بالتأكيد، نحن لا نفهم هذا الحديث على الوجه الصحيح، وإلاّ، فكيف يمكن أن يحدث تناقض بين كلام الله وكلام رسوله.. حاشا لله. وقول الله: }وضرب الله مثلاً للدين آمنوا...{ يعني أنه يضع للرجال وللنساء على حد سواء، نموذجاً يُحتذى به في الإيمان، نموذجاً يصلح للبشرية كلها. وعندما يضرب الله سبحانه وتعالى المثل الثاني للمؤمنين، نتوقع أن يكون هذا المثل رجلاً، ولكن، للمرة الثانية، تكون القدوة امرأة، وهي مريم ابنة عمران. ولكن، لماذا يريد الله أن يكون مثال الإيمان في الأرض من النساء؟ ورمز الإيمان في الأرض من النساء؟ لأن المشكلتين الأساسيتين، اللتين تؤديان إلى الفساد في الأرض، هما الجاه والمال والعفة، وهما أكثر ما يلهي الرجال ويضيعهم ويؤدي إلى الفساد في الأرض. ومن ثم فقد ضرب الله هذين المثلين: 1 - }امرأة فرعون إذ قالت ربِّ ابن لي عندك بيتاً في الجنة{. لقد قالت بيتاً في الجنة، وليس قصراً في الجنة، وهي التي كانت تعيش في قصر على نهر النيل. وزوجها كان يقول: أليس لي مُلك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي؟ ولكنها لم تكن تريد كل هذا. فأعرضت عن المال والجاه وفضلت بيتاً في الجنة. وهي بصمودها أمام إغراء المال والجاه سبقت الرجال، وصارت مثالاً للرجال الذين فتن المال والجاه عيونهم. 2 - }مريم ابنة عمران التي أحصنت فرجها...{ وهي مثال للرجال الذين تفتنهم شهوة النساء، والنساء اللاتي تفتنهن شهوة الرجال. هذا هو ديننا الذي يُعلي من شأن المرأة. ولذلك، فأرجوكِ أن تحملي مسؤولية الإسلام. فنحن نحتاج إليك، والإسلام أمانة في رقبتك.