صفة طوافه صلوات الله وسلامه عليه
قال البخاري حدثنا أصبغ بن الفرج، عن ابن وهب، أخبرني عمرو بن محمد، عن محمد بن عبد الرحمن، قال ذكرت لعروة قال: أخبرتني عائشة: أن أول شيء بدأ به حين قدم النبي صلى الله عليه وسلم أنه توضأ ثم طاف ثم لم تكن عمرة ثم حج أبو بكر وعمر مثله، ثم حججت مع أبي الزبير، فأول شيء بدأ به الطواف، ثم رأيت المهاجرين والأنصار يفعلونه، وقد أخبرتني أمي أنها أهلت هي وأختها والزبير وفلان وفلان بعمرة، فلما مسحوا الركن حلوا.
هذا لفظه. وقد رواه في موضع آخر عن أحمد بن عيسى ومسلم عن هارون بن سعيد، ثلاثتهم عن ابن وهب به. وقولها: ثم لم تكن عمرة يدل على أنه عليه السلام لم يتحلل بين النسكين.
ثم كان أول ما ابتدأ به عليه السلام استلام الحجر الأسود قبل الطواف، كما قال جابر حتى إذا أتينا البيت معه استلم الركن فرمل ثلاثا ومشى أربعا.
قال البخاري حدثنا محمد بن كثير، حدثنا سفيان، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن عابس بن ربيعة، عن عمر، أنه جاء إلى الحجر فقبله وقال إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت رسول اللة صلى الله عليه وسلم يقبلك ماقبلتك
ورواه مسلم عن يحيى بن يحيى وأبي بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب وابن أبي نمير، جميعا عن أبي معاوية، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن عابس بن ربيعة، قال: رأيت عمر يقبل الحجر ويقول إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك وقال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن عبيدة وأبومعاوية قا لا: حدثنا الأعمش، عن إبراهيم عن عابس بن ربيعة، قال: رأيت عمر أتى الحجر فقال أما والله لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبلك ما قبلتك، ثم دنا فقبله
فهذا السياق يقتضي أنه قال ما قال ثم قبلة بعد ذلك، بخلاف سياق صاحبي الصحيح. فالله أعلم.
وقال أحمد: حدثنا وكيع ويحيى واللفظ لوكيع، عن هشام، عن أبيه، أن عمر بن الخطاب أتى الحجر فقال إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك وقال: ثم قبله .
وهذا منقطع بين عروة بن الزبير وبين عمر.
وقال البخاري أيضا حدثنا سعيد بن أبي مريم، حدثنا محمد بن جعفر بن أبي كثير، أخبرني زيد بن أسلم، عن أبيه، أن عمر بن الخطاب قال للركن أما والله إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت رسولى الله صلى الله عليه وسلم استلمك ما استلمتك فاستلمه
ثم قال: ما لنا وللرمل إنما كنا راءينا به المشركين ولقد أهلكهم الله.
ثم قال: شيء صنعه رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا نحب أن نتركه.
وهذا يدل على أن الاستلام تأخر عن القول.
وقال البخاري : حدثنا أحمد بن سنان، حدثنا يزيد بن هارون، حدثنا ورقاء، حدثنا زيد بن أسلم، عن أبيه، قال: رأيت عمر بن الخطاب قبل الحجر وقال لولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك
وقال مسلم بن الحجاج حدثنا حرملة، حدثنا ابن وهب، أخبرني يونس، هو ابن يزيد الأيلي، وعمرو، وهو ابن دينار. ح . وحدثنا هارون بن سعيد الأيلي، أنبأنا ابن وهب، أخبرني عمرو، عن ابن شهاب، عن سالم، أن أباه حدثه أنه قال: قبل عمر بن الخطاب الحجر ثم قال أما والله لقد علمت أنك حجر، ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك
زاد هارون في روايته: قال عمرو: وحدثني بمثلها زيد بن أسلم، عن أبيه أسلم- يعني عن عمر- به
وهذا صريح في أن التقبيل تقدم على القول. فالله أعلم.
وقال الإمام أحمد حدثنا عبد الرزاق، أنبأنا عبد الله، عن نافع، عن ابن عمر أن عمر قبل الحجر ثم قال قد علمت أنك حجر، ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبلك ما قبلتك
هكذا رواه الإمام أحمد.
وقد أخرجه مسلم في صحيحه عن محمد بن أبي بكر المقدمي، عن حماد بن زيد، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر، أن عمر، قبل الحجر وقال إني لأقبلك وإني لأعلم أنك حجر، ولكني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك
ثم قال مسلم حدثنا خلف بن هشام والمقدمي وأبو كامل وقتيبة، كلهم عن حماد قال خلف: حدثنا حماد بن زيد، عن عاصم الأخول، عن عبد الله بن سرجس، قال: رأيت الأصلع- يعني عمر- يقبل الحجر ويقول والله إني لأقبلك وإني لأعلم أنك حجر، وأنك لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك .
وفي رواية المقدمي وأبى كامل: رأيت الأصيلع.
وهذا من أفراد مسلم دون البخاري.
وقد رواه أحمد عن أبي معاوية عن عاصم الأحول، عن عبد الله بن سرجس به. ورواه أحمد أيضا عن غندر عن شعبة، عن عاصم الأحول به.
وقال الإمام أحمد حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان، عن إبراهيم بن عبد الأعلى، عن سويد بن غفلة، قال: رأيت عمر يقبل الحجر ويقول إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولكني رأيت أبا القاسم صلى الله عليه وسلم بك حفيا
ثم رواه أحمد عن وكيع عن سفيان الثوري به. وزاد: فقبله والتزمه. هكذا رواه مسلم من حديث عبد الرحمن بن مهدي بلا زيادة، ومن حديث وكيع بهذه الزيادة: قبل الحجر والتزمه وقال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بك حفيا.
وقال الإمام أحمد حدثنا عفان، حدثنا وهيب، حدثنا عبد الله بن عثمان بن خثيم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، أن عمر بن الخطاب أكب على الركن وقال إني لأعلم أنك حجر، ولو لم أر حبيبي صلى الله عليه وسلم قبلك واستلمك ما استلمتك ولا قبلتك لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة
وهذا إسناد جيد قوي، ولم يخرجوه.
وقال أبو داود الطيالسي حدثنا جعفر بن عثمان القرشي، من أهل مكة، قال: رأيت محمد بن عباد بن جعفر قبل الحجر وسجد عليه ثم قال: رأيت خالك ابن عباس قبله وسجد عليه، وقال ابن عباس: رأيت عمر بن الخطاب قبله وسجد عليه، ثم قال عمر: لو لم أر النبي صلى الله عليه وسلم قبله ما قبلته. وهذا أيضا إسناد حسن، ولم يخرجه إلا النسائي عن عمرو بن عثمان، عن الوليد بن مسلم، عن حنظلة ابن أبي سفيان، عن طاوس، عن ابن عباس، عن عمر فذكر نحوه.
وقد روى هذا الحديث عن عمر الإمام أحمد أيضا من حديث يعلى بن أمية عنه وأبو يعلى الموصلي في مسنده من طريق هشام بن حبيش بن الأشقر، عن عمر.
وقد أوردنا ذلك كله بطرقه وألفاظه وعزوه وعلله في الكتاب الذي جمعناه فإن مسند أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه. ولله الحمد والمنة.
وبالجملة فهذا الحديث مروي من طرق متعددة عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه. وهي تفيد القطع عند كثير من أئمة هذا الشأن.
وليس في هذه الرواية أنه عليه السلام سجد على الحجر، إلا ما أشعربه رواية أبي داود الطيالسي، عن جعفر بن عثمان، وليست صريحة في الرفع.
ولكن رواه الحافظ البيهقي من طريق أبي عاصم النبيل، حدثنا جعفر بن عبد الله، قال: رأيت محمد بن عباد بن جعفر قبل الحجر وسجد عليه ثم قال: رأيت خالك ابن عباس قبله وسجد عليه. وقال ابن عباس: رأيت عمر قبله وسجد عليه، ثم قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل هكذا ففعلت.
قال الحافظ البيهقي أنبأنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عبدان، أنبأنا الطبراني أنبأنا أبو الزنباع، حدثنا يحيى بن سليمان الجعفي، حدثنا يحى ابن يمان، حدثنا سفيان بن أبي حسين، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم سجد على الحجر
قال الطبراني: لم يروه عن سفيان إلا يحيى بن يمان.