الجزء الأول - قلت لابن القاسم : أرأيت من أحرم بالحج ففاته الحج فأقبل من السنة المقبلة حاجا يريد قضاء الحج الفائت ، أله أن يقرن ويضيف إلى هذه الحجة - التي هي قضاء لحجته - عمرة ؟ قال : لا ولكن يفرد كما كان حجه الذي أفسده مفردا .
تفسير من أفسد حجه من أين يقضيه والعمرة كذلك
قلت لابن القاسم : أرأيت من أفسد حجه أو عمرته بإصابة أهله من أين يقضيهما ؟
قال : قال مالك : من حيث أحرم بهما إلا أن يكون إحرامه الأول كان من أبعد من الميقات ، فليس عليه أن يحرم الثانية إلا من الميقات . قلت لابن القاسم : فإن تعدى الميقات في قضاء حجته أو عمرته فأحرم ؟
قال : أرى أن يجزئه من القضاء وأرى أن يهريق دما ، قلت : أتحفظه عن مالك ؟
قال : لا إلا أن مالكا قال لي في الذي يتعدى الميقات وهو ضرورة ثم يحرم ، أن عليه الدم فليس يكون ما أوجب على نفسه مما أفسده أوجب مما أوجب الله عليه من الفريضة ، ومما يبين ذلك : أن من أفطر في قضاء رمضان متعمدا أنه لا كفارة عليه وليس عليه إلا القضاء . قلت لابن القاسم : أرأيت إن تعدى الميقات فأحرم بعد ما جاوز الميقات بالحج وليس بضرورة ، أعليه الدم في قول مالك ؟
قال : نعم إن كان جاوز ميقاته حلالا وهو يريد الحج ثم أحرم فعليه الدم .
قلت : أرأيت من قرن الحج والعمرة فجامع فيهما فأفسدهما أيكون عليه دم القران أم لا ؟
قال : نعم يكون عليه دم القران الفاسد وعليه أن يقضيهما قابلا قارنا وليس له أن يفرق بينهما .
قال : وقال لي مالك : وعليه من قابل هديان ؛ هدي لقرانه وهدي لفساد حجه بالجماع . قلت : فإن قضاهما مفترقين قضى العمرة وحدها والحجة وحدها ، أيجزئانه في قول مالك أم لا وكيف يصنع بدم القران إن فرقهما ؟
قال : أرى أن لا تجزئانه وعليه أن يقرن قابلا بعد هذا الذي فرق وعليه الهدي إذا قرن هدي القران وهدي الجماع الذي أفسد به الحج الأول ، سوى هدي عليه في حجته الفاسدة يعمل فيها كما كان يعمل لو لم يفسدها ، وكل من قرن بين حج وعمرة فأفسد ذلك بإصابة أهله أو تمتع بعمرة إلى الحج فأفسد حجه لم يضع ذلك عنه الهدي فيهما جميعا وإن كانا فاسدين .
قلت : أرأيت المحصر بمرض إذا أصابه أذى فحلق رأسه فأراد أن يفتدي ، أينحر هدي الأذى الذي أماط عنه بموضعه حيث هو ، أم يؤخر ذلك حتى يأتي مكة في قول مالك ؟
قال : قال مالك : ينحره حيث أحب . قلت : أرأيت إن أفرد رجل الحج فجامع في حجه فأراد أن يقضي ، أله أن يضيف العمرة إلى حجته التي هي قضاء لحجته التي جامع فيها في قول مالك ؟
قال : لا ، في رأيي ، قلت : فإن أضاف إليها عمرة أتجزئه حجته من حجته التي أفسد أم لا في قول مالك حين أضاف إليها العمرة ؟
قال : لم أسمع من مالك في هذا شيئا ، ولا أرى أن يجزئه إلا أن يفرد الحج كما أفسده ، قال : لأن القارن ليس حجه تاما كتمام المفرد إلا بما أضاف إليه من الهدي .
قال : وقال مالك : يقلد الهدي كله ويشعر . - ص 456 - قال : وفدية الأذى إنما هو نسك ولا يقلد ولا يشعر ، قال : ومن شاء قلد وجعله هديا ومن شاء ترك ، قال : والإشعار في الجانب الأيسر ، والبقر تقلد وتشعر إن كانت لها أسنمة وإن لم تكن لها أسنمة فلا تشعر ، والغنم لا تقلد ولا تشعر والإشعار في الجانب الأيسر من أسنمتها . قال : وسألت مالكا عن الذي يجهل أن يقلد بدنته أو يشعرها من حيث ساقها حتى نحرها وقد أوقفها ، قال : تجزئه . قلت : هل كان مالك يكره أن يقلد بالأوتار ؟
قال : ما سمعت من مالك فيه شيئا ولا أرى لأحد أن يفعله .
قال ابن القاسم : بلغني عن مالك أنه قال : تشعر في أسنمتها عرضا ، قال : وسمعت أنا مالكا يقول : تشعر في أسنمتها في الجانب الأيسر ، قال : ولم أسمع منه عرضا .
قلت : أرأيت إذا حج رجل وامرأته فجامعها متى يفترقان في قول مالك في قضاء حجهما ؟
قال : قال مالك : إذا حجا قابلا افترقا من حيث يحرمان ولا يجتمعان حتى يحلا ، قلت : أرأيت إن جامع امرأته يوم النحر بمنى قبل أن يرمي جمرة العقبة ؟
قال : قال مالك : قد أفسد حجه .
قلت : أرأيت من قرن الحج والعمرة فطاف بالبيت أول ما دخل مكة وسعى بين الصفا والمروة ، ثم جامع أيكون عليه الحج والعمرة قابلا أم الحج وحده ؟
قال : لا بل يكون عليه الحج والعمرة ، قلت : وهو قول مالك ؟
قال : نعم ، قلت : ولم لا تكون عمرته قد تمت حين طاف بالبيت وسعى بين الصفا والمروة ؟ قال : لأن ذلك الطواف وذلك السعي لم يكن للعمرة وحدها ، وإنما كان للحج والعمرة جميعا فذلك لا يجزئه من العمرة ، ألا ترى أنه لو لم يجامع ثم مضى على القران صحيحا لم يكن عليه إذا رجع من عرفات أن يسعى بين الصفا والمروة لحجته وأجزأه السعي الأول بين الصفا والمروة ، فبهذا يستدل على أن السعي بين الصفا والمروة في أول دخوله إذا كان قارنا إنما هو للحج والعمرة جميعا ليس للعمرة وحدها .