يقصد بمصطلح الاكتفاء الذاتي هو أن يعتمد بلد ما على إمكانياته الخاصة للحصول على احتياجاته من السلع الاستهلاكية والاستثمارية، بهدف التقليل من مستوى التبعية السياسية والاقتصادية للدول الأخرى وبالتالي تحقيق درجة أعلى من الاستقلالية في قراراته ومواقفه الدولية والداخلية.
الاكتفاء الذاتي لايعني بأي حال من الأحوال وقف أو قطع التبادل التجاري مع الدول الأخرى وإنما إعداد وتأمين شروط وظروف داخلية وطنية لتحقيق ربحية أعلى للتبادل الاقتصادي عبر قنوات تقسيم العمل الدولي وذلك رغبة منه في تنمية الإنتاج المحلي كميا ونوعيا.
بالتالي تحقيق مستوى إشباع نوعي وكمي أعلى لاحتياجات المواطنين الاستهلاكية والاستثمارية. من جهة أخرى يؤدي هذا الوضع الجديد إلى ارتفاع مستوى الرفاهية الاقتصادية والاجتماعية بشكل عام.
كل هذه التحولات لا تحدث تلقائيا ولابد من بذل الجهود المكثفة والحثيثة من جميع الوحدات الاقتصادية، أفرادا ومؤسسات وعلى كافة المستويات، ضمن أجواء الديموقراطية والشفافية الاقتصادية، السياسية والاجتماعية.
وهو إحدى السياسات الاقتصادية التي بمقتضاها تحاول أية دولة أن تستغني - كلما وسعها الجهد - عن الواردات من الدول الأخرى، وذلك باعتمادها على منتجاتها المحلية، بدلاً من المنتجات الأجنبية، في إشباع احتياجاتها الاستهلاكية من مختلف السلع والخدمات.
وتبدو أهمية هذه السياسة في أوقات الحروب، حيث يتعذر استيراد السلع من الخارج للصعوبات والمخاطر التي تكتنف عمليات الشحن عبر البحار، وفي حالة وجود طاقات معطلة يمكن الإفادة منها باستخدامها في إنتاج السلع المماثلة للسلع المستوردة، حتى ولو كانت أسعارها المحلية في مبدأ الأمر أكثر ارتفاعًا من أسعار نظائرها من السلع المستوردة، أو في حالة الدول المتخلفة التي تسعى للتصنيع بغية الإفادة من فائض السكان في القطاع الزراعي، وهو الفائض الذي يتعطل تعطلاً مقنعًا والذي يمكن سحبه من ميدان الزراعة إلى الصناعة دون أن يهبط الناتج الزراعي الكلي.
كان الاكتفاء الذاتي في اكبر اشكاله شعارا لبعض الدول الاشتراكية التي عانت من العزلة من النظام الرأسمالي العالمي. في تلك الحال كان لابد لها من البحث عن حل داخل اقتصادها و بالتالي سعت لتكامل القطاعات الاقتصادية و تغذيتها لبعضها البعض. لكن مع انفراج العلاقات الدولية اتسع التبادل التجاري حتي بين الدول الرأسمالية و الاشتراكية الي ان انهار النظام السوفيتي و جرفت تيارات العولمة و اقتصاديات السوق الاقتصاد العالم نحو مجري جديد بما في ذلك الاقتصاد الصيني الذي كيف نفسه مع الواقع الجديد.
لمن يريدون السير في طريق الاكتفاء الذاتي نقول لهم لذلك الامر مستحقاته منها : جعل القطاع الزراعي سوقا للقطاع الصناعي سواء بأدوات الإنتاج او بالمواد الخام. من الشروط ايضا تحقيق العمالة الكاملة ( Full Employment ) و توفير الأيدي العاملة باسعار مناسبة لجميع القطاعات الاقتصادية خاصة القطاع الصناعي. يأتي بعد ذلك التكامل القطاعي بين مختلف القطاعات الاقتصادية و التحكم الحكومي في العملية التنموية بشكل شبه كامل. في هذا الاتجاه يكون المحك الرئيس هو إتباع مؤشرات الأداء الاقتصادي و تحقيق معدلات النمو المستهدفة في جميع القطاعات الاقتصادية دون الاعتماد علي قطاع واحد ناهيك عن منتج واحد. من البديهي فهم جميع التوجهات الاقتصادية في عالم اليوم حسب قانون اقتصاديات السوق و هنا تتخطي المفاهيم الحديثة مفهوم الاكتفاء الذاتي لتقفز إلي التطور الاقتصادي و تحقيق شروط التنافسية للمنتجات حتي تجد لها موقعا مستداما في الأسواق العالمية.