هل "الريجيم" أسطورة أم
أنه حقيقة طبية مؤكدة؟!
هل يحق لنا اليوم أن نقول إن هناك أساطير ما تزال تعشش فى رؤوسنا و نتناقلها من ألسنتنا إلى آذاننا و يصدقها الناس فى مجتمعاتنا؟
هل يحق لنا و نحن فى القرن الواحد و العشرين و الذى يشهد تطورا مذهلا متسارعا فى كل شىء ؟
الحقيقة هى نعم ، و لكن بشكل مختلف عن أساطير الأولين ، و ان لم تبتعد كثيرا عن كونها أساطير ، فمثلما كان الإنسان القديم مغرورا بجهله أو لجهله ، فإن الإنسان فى بداية الألفية الثالثة لميلاد المسيح عليه السلام ، أصبح مغرورا بعلمه و مستعدا لتصديق كل ما يسمى إنجازا علميا .. دون الكثير من التدقيق عادة .. و دون متابعة معرفية أو إستنتاجات لما يمثله هذا الإستنتاج للبشرية أكثر من أنه إنجاز علمى ، و غالبا دون حتى إستقصاء للنتائج التى وصل إليها من تعاملوا معه أو جربوه بإعتباره إنجازا علميا يحل مشكلة ما.
العلم الحقيقى الموضوعى أصبح الآن كثيرا و لذلك تقدمت البشرية ، و لكن إلى جوار ذلك العلم علوم أخرى غير حقيقية و غير موضوعية و الناس تتلقف كل ما يسمعونه بإعتباره تطورا و إنجازا علميا تكنولوجيا .. من بينها أكاذيب يروج لها على نطاق واسع و تقوم عليها صناعات بمليارات الدولارات ، و إمكانية صناعة الجسد الذى على المقاس تخسيسا و نحتا و جراحة و صولا إلى الجسد المطابق للمعايير الحائز على الأيزو ، و الذى يروج له بأنه ممكن بآلاف الطرق ، و يصدق ذلك مليارات البشر الغافلين ، هذه الصناعة صناعة تقوم على أسطورة من الأساطير التى لها صفة العلمية.
و لكن إذا سلمنا بأن هناك أساطير تنتشر بيننا الآن مكتسبة صفة "العلمية"فهل الريجيم أسطورة؟
للأسف أيضا نعم ..
فرغم أن كلا منا بوجه عام يعتقد أنه يستطيع أن يفقد من وزنه ما يريد ، فقط إذا نجح فى تقليل كمية ما يأكله من الدهون و السكريات أو النشويات ، و معظم برامج الريجيم تستند إلى ذلك المبدأ على أساس أن تناول كمية من هذه المغذيات أقل بكثير مما يحتاجه الجسم يوميا ، سيجبر الجسم على إستخدام مخزونه من الدهون لإنتاج الطاقة اللازمة للحياة اليومية ، و لكن من يتابع أى من الداخلين فى حرب مع أجسادهم لضبطها بأى من برامج الريجيم ذات العدد الرملى غالبا ما يفشل على المدى القصير و دائما يفشل على المدى البعيد و تقول نتائج دراسة تعتبر بمثابة حجر الزاوية فى ميدان البحث فى عواقب الريجيم أن خمسين بالمائة من الذين ينجحون فى إنقاص أوزانهم يستعيدون أوزانهم القديمة خلال ثلاث سنوات ، و الباقون خلال السنوات الست التالية ، أى أن من ينقص وزنه اليوم من 90 كيلو جراما إلى 75 كيلو جراما على سبيل المثال سيعد إلى وزن 90 مرة أخرى بالتأكيد حتى و لو كان أمضى ثمانى سنوات على وزنه الجديد ! و لكن لماذا يحدث ذلك؟ و الإجابة بمنتهى البساطة هى أنك عندما تمنع نفسك من تناول الدهون و النشويات أو تأكل منها أقل مما يحتاجه جسمك و مهما أكلت من البروتينات و الألياف لكى تملأ بطنك ، فأنت فى جميع الأحوال تخبر ذلك الجسد بأن هناك مجاعة! و جسدك يستجيب للمجاعة دائما بأن :- يمسك على مخزونه من الدهون بكل ما أوتى من قوة و من حيل.
- و أن يزيد من مجهودك لحملك على أكل كل ما يمكن أن يؤكل.
إذ ن فأنت و جسدك الآن تعيشان معا و لكن أولوياتك عكس أولوياته ، أنت تريد شيئا و جسدك يريد بالضبط شيئا عكسه ! أنت تريد أن تأكل أقل ما يمكن و جسدك يريد أن يأكل أكثر ما يمكن ، و كلما كنت ناجحا فى تجويع جسدك ، كلما كان جسدك أنشط فى إنتاج و إفراز الناقلات العصبية و الهرمونات التى تدفعك للأكل ، و فى النهاية دائما ما يكسب الجسد فى هذه المعركة لأن جسدك يدافع عن حياته و حياتك و هى غريزته الأولى.