لبن الرضاعة
قال تعالى: [ والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة، وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف، لا تكلف نفس إلا وسعها، لا تضار والدة بولدها ولا مولود له بولده ]
(البقرة 233)
إن البحوث التي قام بها العلماء توضح بدقة أن أول رضعة يستقبلها الرضيع من ثدي أمه أثناء اليومين الأولين بعد ولادته، تحتوي على تركيزات عالية من بروتينات خاصة مضادة لنمو الميكروبات التي تسبب الأمراض، وهي ما يطلق عليها اسـم "الأجسام المضادة"، وهذه الأجسام من العوامل الهامة التي تقف بجوار الوليد وهو لا يزال في أشد حالات ضعفه، فلبن الأم معقم بطبيعته، وليس به ميكروبات تسبب نزلات معدية أو معوية، وهوجاهز في كل وقت تحت طلب الطفل، كما أن تركيبه يتغير تبعا لاحتياجات الطفل وتغير سنه
وكما ذكر في دراسة عن لبن الرضاعة الطبيعي للدكتور"عبدالمحسن صالح" أنه وجد أن اللبن الذي يعطي للطفل له دخل كبير في تكوين جسم الطفل وعقله وسلوكه، لأن الطفل يتأثر باللبن الذي يتعاطاه في حياته الأولى حين يكون في طور التكوين والبناء جسميا وعقليا، وقد ثبت علميا أهمية الرضاعة الطبيعية في حماية الأطفال من الإصابة بضغط الدم؛ نظرا لتناسب تكوين لبن الأم مع احتياجات الطفل وانخفاض نسبة أملاح الصوديوم في لبن الأم عنه في اللبن الصناعي، وتكون أعراض ضغط الدم في الأطفال على هيئة صداع وزغللة وقيء مستمر
وتشير الدراسات إلى أن لبن الأم ينمي ذكاء الطفل، فالأطفال الذين اعتمدوا في طفولتهم على الرضاعة الطبيعية يكونون أكثر ذكاء بشكل ملحوظ من غيرهم، كما أن لبن الأم يحمي الطفل الرضيع من الكثير من الأمراض، إلى أن يحين الوقت لنضوج الجهاز المناعي عنده للاعتماد عليه ذاتيا في مقاومة الميكروبات والطفيليات والجراثيم التي يتعرض لها
أما عن فوائد الرضاعة بالنسبة للأم، فكما جاء في كتاب الإعجاز العلمي في الإسلام للأستاذ "محمد كامل عبد الصمد" فقد ثبت علميا أن الرضاعة تقلل من احتمال الإصـابة بسرطان الثدي، ولسبب غير معروف حتى الآن وجدوا أنه كلما أكثرت المرأة من الرضاعة الطبيعية كلما كان ذلك أدعى لحمايتها من سرطان الثدي، كما ثبت أن الرحم يعود إلى وضعه وحجمه الطبيعي بسرعة أثناء الرضاعة، ذلك لأن امتصاص الثدي يؤدي إلى إفراز هرمون من الغدة النخامية يدعى "الأوكسيتوسين" الـذي يؤدي بدوره إلى انقباض الرحم وعودته إلى حالته الطبيعية قبل الحمل، وأهم من ذلك كله هو ذلك الارتباط النفسي والعاطفي الفطري الذي يحدث بين الأم وطفلها أثناء الرضاعة، وهو من أهم العوامل على الإطلاق لاستقرار الطفل نفسيا