الجنس : العمر : 45 المدينة المنورة التسجيل : 21/10/2011عدد المساهمات : 177
موضوع: ҖҖ تكنولوجيا النانو - مفهوم وتصورات ҖҖ الجمعة 18 نوفمبر 2011, 12:59 am
ҖҖ تكنولوجيا النانو Nanotechnology - مفهوم وتصورات ҖҖ
شهد التاريخ البشري تطورات علمية مستمرة كانت في أغلب حالاتها تمثل معادلة خطية ( معادلة خط مستقيم )، تتخللها قفزات عينية ( على محور العينات ) مفاجئة ، نهضت بالإمكانيات البشرية بجميع نواحيها الى أضعاف مضاعفة وفي زمن قياسي
فقد توالت على التكنولوجيا الالكترونية مثلاً عدة أسماء من الأجيال التقنية كان لكل جيل منها ثورته الخاصة وتطبيقاته المذهلة التي دفعت بالصناعة الإنسانية في كل مجالاتها ، بدأ كل منها باكتشاف بسيط مهد لقنبلة علمية ، وبصراحة لاأدري كم من القنابل العلمية يمكن أن تتحمل عقولنا ، لكن علينا التسليم بأننا ما زلنا في البدايات وما ينتظرنا أعظم . قال تعالى في محكم تنزيله (( وما أوتيتم من العلم إلا قليلا )) .
نحن أعداء ما نجهل ، وأولى الكلمات الغريبة التي تتبادر الى أذهاننا تخيفنا ، وعند سماعنا لكلمة مثل ( تكنولوجيا النانو) يعتري أفكارنا الظلام من جهة، والذهول من سرعة تطور العلوم من جهة أخرى ، وعندما نبدأ في قراءة مقالة ما في هذا الموضوع ندخل في دوامة معقدة من الاكتشافات والاختراعات بعضها نصدقه وبعضها الآخر نحكم باستحالته ، وقد نتوقف في منتصف المقالة دون أن نكملها من شدة الذهول مما وصل اليه الإنسان وإلاما سيودي إليه طموحه اللامحدود ...!!! وبطريقة مبسطة نحاول هنا أن نقرأ في مفهوم هذه التكنولوجيا الدقيقة ونتلمس حقائقها الشيقة فعلا ، والتي تجعلنا نسرح بخيالنا ليس الى الفضاء كما هي العادة دائما ،وإنما بشكل معاكس تماما ، إنه الخيال الذي يشق طريقه الى أدق تفاصيل المادة ،والتي تعطيها خواصها ، إنه السفر الى ابعاد الذرات والجزيئات ، ونحاكي العلاقة بين هذه الأجسام المتناهية في الصغر ، ونحاول أن نغير في هذه العلاقة للحصول على مادة بمواصفات أخرى أكثر نفعا وفائدة ، وذلك باستخدام معدات وآلات وروبوتات من نفس مقاييس هذه الذرات ، إن هذا أبسط كلام يمكن أن نصف من خلاله تكنولوجيا النانو الحديثة .
بعبارات أعقد قليلا ولإيضاح المفاهيم بشكل أفضل ، نقول أنه عند المستوى الدقيق (النانو)، نجد أن الخواص الطبيعية والكيميائية والبيولوجية تختلف جوهرياً، وغالبا بشكل غير متوقع عن تلك المواد الكبيرة الموازية لها بسبب أن خواص الكمية الميكانيكية للتفاعلات الذرية يتم التأثير عليها بواسطة التغيرات في المواد على المستوى الدقيق. وفي الواقع أنه من خلال تصنيع أجهزة طبقا لمعيار النانومتر من الممكن السيطرة على الخصائص الجوهرية للمواد بما في ذلك درجة الانصهار والخواص المغنطيسية وحتى اللون بدون تغير التركيب الكيميائي لها.
وتتلخص فكرة استخدام تقنية النانو في إعادة ترتيب الذرات التي تتكون منها المواد في وضعها الصحيح، وكلما تغير الترتيب الذري للمادة كلما تغير الناتج منها إلى حد كبير. وبمعنى آخر فإنه يتم تصنيع المنتجات المصنعة من الذرات، وتعتمد خصائص هذه المنتجات على كيفية ترتيب هذه الذرات، فإذا قمنا بإعادة ترتيب الذرات في الفحم يمكننا الحصول على الماس، أما إذا قمنا بإعادة ترتيب الذرات في الرمل وأضفنا بعض العناصر القليلة يمكننا تصنيع رقائق الكمبيوتر. وإذا قمنا بإعادة ترتيب الذرات في الطين والماء والهواء يمكننا الحصول على البطاطس. وما يعكف عليه العلم الآن أن يغير طريقة الترتيب بناء على النانو، من مادة إلى أخرى، وبحل هذا اللغز فإن ما كان يحلم به العلماء قبل قرون بتحويل المعادن الرخيصة إلى ذهب سيكون ممكنا، لكن الواقع أن الذهب سيفقد قيمته في هذه الحالة !!.
ومن وجهة النظر الفيزيائية الالكترونية يعتبر النانوتكنولوجي الجيل الخامس الذي ظهر في عالم الإلكترونيات الذي يمكن تصنيف ثوراته التكنولوجية على أساس انها مرت بعدة أجيال شكلت أسباب الوود الحقيقي للنانو الذي عبر عن المرحلة الراهنة لها :
*الجيل الأول ويتمثل في استخدام المصباح الإلكتروني ( Lamp) بما فيه التلفزيون . *الجيل الثاني ويتمثل في اكتشاف الترانزيستور ، وانتشار تطبيقاته الواسعة . *الجيل الثالث من الإلكترونيات ويتمثل في استخدام الدارات التكاملية (IC ، Integrate Circuit ) وهي عبارة عن قطعة صغيرة جداً شكلت ما تشكله تقنيات النانو في وقتنا الحالي من قفزة هامة في تطور وتقليل حجم الدارات الالكترونية فقد قامت باختزال حجم العديد من الأجهزة بل رفعت من كفاءتها وعددت من وظائفها . *الجيل الرابع ويتمثل في استخدام المعالجات الصغيرة( Microprocessor ) ، الذي أحدث ثورة هائلة في مجال الإلكترونيات بإنتاج الحاسبات الشخصية (Personal Computer) والرقائق الكومبيترية السيليكونية التي أحدثت تقدماً في العديد من المجالات العلمية والصناعية . *الجيل الخامس ويتمثل فيما صار يعرف باسم النانوتكنولوجي nano technology وهو المفهوم الذي نحاول توضيحه الآن ..
تعني هذه العبارة حرفياً التقنيات المصنوعة بأصغر وحدة قياس للبعد استطاع الإنسان قياسها حتى الآن (النانو متر) ، أي التعامل مع أجسام ومعدات وآلات دقيقة جداً ذات أبعاد نانويه ،( ا متر= 1000.000.000 نانومتر ) . فالنانو هو أدق وحدة قياس مترية معروفة حتى الآن ، ويبلغ طوله واحد من بليون من المتر أي ما يعادل عشرة أضعاف وحدة القياس الذري المعروفة بالأنغستروم ، و حجم النانو أصغر بحوالي 80.000 مرة من قطر الشعرة ، وكلمة النانو تكنولوجي تستخدم أيضاً بمعنى أنها تقنية المواد المتناهية في الصغر أو التكنولوجيا المجهرية الدقيقة أوتكنولوجيا المنمنمات .سمها ما شئت .
ويتعامل العلماء والمهندسون مع المادة في هذا المقياس على مستوى دقيق جدا أي على مستوى الذرات والجزيئيات النانونية، ليس لبناء أجهزة نانونية فحسب، بل لخلق مواد جديدة ذات ترتيبات وتجمعات وخصائص مبتكرة وغير موجودة طبيعيا، تفتح آفاقا جديدة في العلوم والتكنولوجيا، وتؤدي الى تطبيقات حياتية مختلفة، بالاضافة الى امكانية تحريك الذرات والجزيئيات بدقة لاحداث تفاعلات كيماوية، مما يؤدي الى تصنيع أو تعديل بعض الجزيئيات الاحيائية المهمة.
وتتمثل قاعدة التقنيات النانوية العلمية في مسألتين، الأولى بناء المواد بدقة من لبنات صغيرة، والحرص على مرحلة الصغر يؤدي الى مادة خالية من الشوائب ومستوى أعلى جدا من الجودة والتشغيل. والثانية أن خصائص المواد قد تتغير بصورة مدهشة عندما تتجزأ الى قطع أصغر وأصغر، وخصوصا عند الوصول الى مقياس النانو أو أقل، عندها قد تبدأ الحبيبات النانونية اظهار خصائص غير متوقعة ولم تعرف من قبل أى غير موجودة في خصائص المادة الأم.
التصورات والتطبيقات لتكنولوجيا النانو
* المصانع الدقيقة ستقوم بصنع كل شيء، من الأثاث إلى المركبات الصاروخية بجودة تتفوق على كل ما صنع قبلا وبتكلفة ضئيلة جدا ، وستقوم كومبيوترات دقيقة بالاندماج مباشرة مع دماغ الإنسان مضيفة بالتالي ذكاء الى ذكائه الطبيعي بنسبة كبيرة. وستسبح آلات دقيقة في الدورة الدموية مزيلة المرض والضعف. واعلن العديد من افراد الجمهور المستمعين الى المحاضرة أنه يؤمن بحدوث هذه التطويرات أثناء حياتهم ...هذا ما يفكر به علماء اليوم وقد استطاعوا تحقيق بعض تلك التي كانت أوهام سابقا ، وهم متفائلون جدا في قدرتهم للوصول الى المزيد المزيد ، ولاأشك صراحة في قدرة عقولنا التي وهبنا الله فما من شك بأن ما نقوم به اليوم أذهل آباءنا واجدادنا ونحن على يقين بأن ماسيقوم به أبناءنا سيسحق الكثير الكثير من مفاهيمنا وخاصة أن مسيرة التطور تتسارع بشكل أسي وبسرعة هائلة جعلتنا غير قادرين حتى على استيعابها ...!!
يمكن باستخدام هذه التقنية أن يتمّ «تفصيل» مركّبات من ذرّات معيّنة انتقائيّا باليد. وسيصبح بالإمكان تكوين مركبات بأي مواصفات يريدها الشخص، أو إيجاد مركّبات بمواصفات ليست موجودة في الطبيعة، وبكلّ المقاييس من المستوى الذري إلى مستوى ناطحات السحاب، وبالتالي إيجاد عمليّات تصنيعيّة زهيدة الثمن وعالية الأداء، مما سيمهّد الأساس لمستقبل مزدهر لتقنيّة المعلمومات.
الحجم له اعتبار في عالم الحاسب الآلي والإلكترونيّات، فالحاسب الخارق اليوم الموجود في مراكز الأبحاث والتطوير أو في الجامعات الكبيرة سيكون مجرّد ساعة يد في المستقبل القريب. والمباني والآلات ستستطيع إرسال إشارات لاسلكيّة عندما تحتاج إلى صيانة، أو قد تستطيع إصلاح نفسها. اما ثيابنا فستأخذ بيانات عن صحتنا وتنبهنا لعوامل بيئيّة مضرّة وستنظّف نفسها من الأوساخ والروائح دون أيّ مساعدة وستقوم بتدفئة أو تبريد الجسم حسب درجة الحرارة الخارجيّة. وسيمكن صناعة غرفة عملّيات كاملة في كبسولة (عبوة) صغيرة، يتمّ وضعها داخل جسم المريض لتقوم بتنفيذ برنامج العمليّة الذي برمجه الطبيب فيها حسب حالة المريض (من الممكن جدّا أن يحتاج الخيّاط أو المهندس أو الطبيب لأخذ دروس في برمجة هذه التقنيّات). مجالات لا تُعدّ ولا تُحصى تدخل فيها النانوتكنولوجيا، وستغيّر حياتنا عشرات الألوف من المرّات التي استطاع فيها الإنسان تغيير حياته منذ بدء الزمان وحتّى يومنا هذا. وسيصبح محتوى أكثر أفلام الخيال العلميّ خصوبة الآن، مجرّد تخيّلات بسيطة لطفل صغير.
وكي ننتقل قليلا الى الواقع ، لابد من الحديث عن نتائج ،وعن الثمار الأولية لهذه التكنولوجيا ، فنتائج الجهود العلمية المدعومة بالأموال الطائلة ظهرت في منتجات مثل سراويل حيكت من الألياف الدقيقة، والتي تقاوم البقع، وكرات تنس تحتفظ بمرونتها وثنائي الصمام منتج للضوء بشكل أكثر كفاءة. وفي الأفق توجد كومبيوترات أصغر وأسرع مصنوعة من أنابيب كربونية ذرية الحجم، وأسلاك فائقة القوة تستخدم لبناء مصعد للفضاء وأنظمة أفضل لحقن العقاقير وغيرها.فقد نجح بول أليفيساتوس وزملاؤه العلماء في جامعة كاليفورنيا في بركلي، في صنع أقفاص صغيرة غير مرئية بحجم الذرات، حيث يحتوي كل فراغ على ذرتي كوبالت وأوكسجين مترابطتين بعضهما ببعض مع بلورة متكاملة من البلاتينيوم وهو يخشخش في حركته داخل هذه الأقفاص، كانوا يعرفون أنهم قد أبدعوا مادة كيميائية جديدة تماما. وكانت تلك الأقفاص صغيرة جدا، بحيث أن عشرات الألوف منها بالكاد تستطيع أن يبلغ عرضها عرض شعرة إنسان. وبإمكانها أن تحث على التفاعلات الكيميائية التي لولاها لما كان ممكنا أن تحدث، وهي آخر ما تم إنتاجه من مادة جديدة تأتي من الحقل الجديد المعروف باسم «النانوتكنولوجيا» (تكنولوجيا المواد المتناهية في الصغر)،
ومن تجربته الخاصه ، العالم العربي الأميركي منير نايفة يقول : " ما اكتشفناه في مختبري في جامعة الينوي الأميركية، انه اذا ما أخذنا مادة السيليكون المعتمة جدا جدا والتي هي المكون الرئيسي للأرض والرمال وكل الأجسام في الكون، وعملنا منها حبيبة بقطر واحد نانو، فنصبح نراها تتألق بلون أزرق شديد جدا تحت تأثير الضوء البنفسجي، وباللغة العامية وكأننا حولنا الرمل الى مادة متألقة " .
وتعد التطبيقات الطبية لتكنولوجيا النانو من أهم التطبيقات الواعدة على الإطلاق، فمن المحتمل الحصول على مركبات نانوية تدخل إلى جسم الإنسان وترصد مواقع الأمراض وتحقن الأدوية وتأمر الخلايا بإفراز الهرمونات المناسبة وترمم الأنسجة .كما يمكن لهذه المركبات الذكية أن تحقن الأنسولين داخل الخلايا بالجرعات المناسبة أوتدخل إلى الخلايا السرطانية لتفجرها من الداخل و تدعى عندئذ بالقنابل المنمنمة والتي استطاعت أن تطيل عمر الفئران من 43 يوم إلى 300 يوم .
الدكتور نانو يعالج كريات الدم الحمراء كما يتصوره العلماء
-أما أجهزة الإستشعار النانوية فباستطاعها أن تزرع في الدماغ لتمكن المصاب بالشلل الرباعي من السير. كما تم الحصول على طاقم أسنان سيليكوني لايزيد حجمه عن حجم الخلية يستطيع ابتلاع الكريات الحمراء وقضمها ثم اطلاقها مجدداً إلى الدم بمعدل عشر خلايا في الثانية ، ويمكن لطاقم الأسنان هذا أن يساعد على إدخال الأدوية أو الجينات إلى داخل الخلايا وبالتالي يعزز العلاج الخلوي المركز للكثير من الأمراض . ويتوقع المراقبون أن تؤدي هذه التكنولوجيا الجديدة إلى ثورة غير مسبوقة للتصدي للكائنات الدقيقة حيث يعتمد النانو بيوتكس( Nanobiothics) وهو البديل الجديد للأنتبيوتيك على الثقب الميكانيكي للخلايا الممرضة (الجراثيم أو الفيروسات ). فالنانوبيوتكس هو ببتيد حلقي ذاتي التجمع ، ومُخَلّق صنعياً، من الممكن له أن يتجمع على هيئة أنابيب ( نانوتيوب = Nanotubes) أو دبابيس نانوية متناهية في الصغر. فعند دخول ملايين من هذه الأنابيب اللزجة والمكونة من الببتيدات الحلقية داخل الجذر الهلامي للبكتريا فإنها تنجذب كيميائياً إلى بعضها البعض ، و تجمع نفسها إلى أنابيب طويلة متنامية ومتجمعة ذاتياً تقوم بثقب الغشاء الخلوي ، وتعمل مجموعات الأنابيب المتجاورة هذه على فتح مسام أكبر في جدار الخلية البكتيرية ، وخلال دقائق معدودة تموت الخلية البكتيرية نتيجة لتشتيت الجهد الكهربائي الخارجي لغشائها, وهذا ما ينهي حياة الخلية عملياً . وقد أظهرت هذه التقنية نجاحاً ملحوظاً في القضاء على كل من الجراثيم العنقودية الذهبية المعندة و عصيات القيح الأزرق وغيرها الكثير ، ويتوقع العلماء أن تنجح هذه التقنية النانوية في القضاء على الفطريات أيضاً .
ومن هنا لم تعد تقنيات النانو Nanotechnology (التقنيات المتناهية في الصغر)، مجرد كلام غريب أو جمل غامضة وليست تطبيقاتها مجرد أحلام كنا نمحوها بعد أن نصحو ولكنها حقيقة ستحاكينا في كل حركة نقوم بها مستقبلا وكل مشهد يحاكي عقولنا ، وسيكون هنالك ما نحلم به أعمق وأعقد مما يمكن تصوره اليوم .