كيف تؤثّر على صنّاع القرار؟
مارشال غولدسميث
التحدي الأكبر الذي أواجهه في عملي هو ليس إدارة فريقي، إنه التعامل مع رئيسي و مع الإدارة العليا. ما نصيحتكم و تجربتكم في هذا الشأن؟
في البداية ينبغي توجيه النظر إلى أن القرارات في الشركات إنما يصنعها من لديهم القدرة و النفوذ اللازم لصنعها، و ليس حتماً أن يكون هؤلاء هم الأذكى أو الأعلم أو الأكثر ملاءمةً لصناعة قرار معين.
إن استطعت تحديد صنّاع التأثير الرئيسيين في منظمتك و التأثير فيهم فعندئذٍ تصبح قادراً على توليد التغييرات الإيجابية، و إن بقيت بعيداً عن التأثير عليهم فإن مقدرتك على التغيير ستضمحل اضمحلالاً. بإدراكك لهذه الحقائق الواقعية ستجد نفسك أقدر على التأثير في المستويات الأعلى.
إقناع الإدارة العليا بأفكارك هو مسؤوليتك و ليس مسؤوليّتهم:
البيّنة واجبة على من يسوّق الفكرة، و ليس على منكرها أو الجاهل بها. في كثير من جوانبه، التأثير في المستويات الأعلى يشبه عملية بيع المنتجات أو الخدمات للزبائن الخارجيين. ليس واجباً على الزبائن الشراء بينما يجب عليك أنت أن تبيع.
أجل، البيّاع الشاطر، و صاحب الفكرة البارع يبادر كلّ منهما إلى تحمّل مسؤولية تحقيق النتائج التي يرغبها. و لكن ما قولك في البيّاع الذي يرجع كساد بضاعته إلى عناد زبائنه و رفضهم للشراء؟
بينما لا يجادل احدٌ في وقوع المسؤولية كلّها على البيّاع لدى التعامل مع الزبائن الخارجيين فإننا نجد أعداداً مذهلة من الناس في أجواء العمل يمضون ساعاتٍ و أياماً لا تنتهي في لوم الإدارة العليا على عدم تبنّيها لأفكارهم.
إنّ هذا المسلك يرسّخ الإحباط و العجز في الناس لأنّه يركّز اهتمام المرء على دور الآخرين في إفشال مبادراته و ليس على دوره في إنجاحها.
ركّز على أهمية مساهمتك للمصلحة العامة و ليس على أهدافك الضيّقة:
هل سمعت بياعاً شاطراً يحاول إقناع زبونه بالقول: " ينبغي أن تشتري مني يا سيدي! كيف يمكنك ألاّ تفعل و أنا أقسم لك إن نجاحي في تحقيق غاياتي مستحيل ما لم تشترِ مني؟"
أجل، يرتكز البيّاع الشاطر على احتياجات الزبون و ليس على احتياجاته. و على المنوال ذاته ينبغي في محاولات التأثير على المستويات العليا أن ترتكز على تلبية احتياجات المنظمة الواسعة و ليس على الاحتياجات الضيّقة للقسم أو الفريق (و دع عنك الحديث هنا عن الاحتياجات الفردية!)
لدى السعي في التأثير على المستويات الإدارية الأعلى، ركّز على تأثير القرار الذي يعمّ الشركة كلّها.
في معظم الأحوال، ترتبط احتياجات القسم أو الوحدة مباشرةً مع احتياجات الشركة، و في بعض الأحوال لا ترتبط. إثبات الارتباط – في حال وجوده- هو مسؤوليتك. لا تفترض أن رؤساءك سيلاحظون فوراً كل ما تراه أنت من الترابط بين منفعة قسمك و منفعة المنظمة كلّها.
قدّم أفكارك مع تحليل واقعيّ لتكاليف و فوائد فكرتك. لا تكتفِ بتجميل المزايا:
لدى كلّ منظمة موارد محدودة من الوقت و الاستطاعة. و هكذا فإنّ تبنّي أفكارك يعني في كثير من الأحيان رفض أفكارٍ أخرى يعتقد أصحابها بروعتها و أولويتها كما تعتقد أنت - أو أكثر- بروعة و عظمة فكرتك.
جهّز نفسك لمناقشة تكاليف فكرتك مناقشةً واقعيّة، و لا تنس حقيقة أن تنفيذ فكرتك و تحقيق أهدافها قد لا يكون ممكناً إلا بتقديم بعض التضحيات في جوانب مختلفة.
إن استعدادك بنفسك لمناقشة تكلفة الفكرة واقعياً يمكنك من مواجهة و معالجة الاعتراضات قبل نشوئها. هكذا يمكنك أن ترفق الإشارة إلى التضحية الواجبة على أحد الأقسام بالإشارة إلى ما ستؤمنّه خطتك من منافع تغطّي تلك التضحيات و زيادة.
ربما تكون أنفقت سنوات في تحصيل خبراتك التنفيذية أو التقنية الثمينة. ما أرجوه لك هو أن يجعلك الاستثمار الصغير في تعلّم كيفية التأثير على المستويات العليا قادراً على إحداث تغييرات إيجابية كبيرة نحو مستقبل أفضل لمنظّمتك.