ّ¤؛°`° القطاع النفطي.. تخصيص، تأميم، أو توازن؟ °`°؛¤ّ
السعودية، العراق، الكويت، قطر، الإمارات، إيران، ليبيا، الجزائر، إندونيسيا، نيجيريا، فنزويلا، وأنجولا, دول مختلفة تجمعها منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" وتفرقها سياساتها النفطية.
تتباين السياسات النفطية لهذه الدول في التعامل مع موردها الطبيعي الوحيد النفط، بين تخصيص قطاعاتها النفطية "التخصيص"، أو تأميمها "التأميم"، أو كليهما معا
"التوازن".
من التجارب الدولية في الاختيار بين سياسة التخصيص والتأميم أو التوازن تجربة الاقتصاد الفنزويلي في إدارة قطاعه النفطي خلال الثلاثين عاما الماضية. السبب في اختيار تجربة الاقتصاد الفنزويلي عوضاً عن غيرها من تجارب منظمة "أوبك" هو ما تحمله التجربة من فوائد عديدة في تطوير السياسات النفطية.
تعد التجربة الفنزويلية أنموذجا للانتقال بين السياسات النفطية الثلاث، التخصيص، التأميم، والتوازن، خلال فترة زمنية تعد قصيرة في مثل هذا النوع من السياسات، ما يجعل من أمر المقارنة بين الانعكاسات الإيجابية والسلبية على نمو الاقتصاد الوطني أمرا مفيدا.
شهد الاقتصاد الفنزويلي منتصف السبعينيات الميلادية من القرن الماضي تطورا مهما عندما أعلنت الحكومة الفنزويلية تأميم قطاعها النفطي. أسندت بموجب قرار التأميم هذا جميع الأنشطة النفطية كالاستكشاف، التنقيب، التكرير، والتسويق إلى شركة النفط الفنزولية PDVSA.
تباينت انعكاسات هذا القرار على القطاع النفطي الفنزويلي بين الإيجابيات والسلبيات. إيجابيا على سبيل المثال، انتقال جميع الأنشطة النفطية إلى مظلة شركة النفط الفنزويلية PDVSA. أسهم ذلك في زيادة درجة الرقابة على الأنشطة النفطية، ومن ثم تفادي التحديات التنسيقية التي نجمت عن تعدد الأطراف في سلسلة الأنشطة النفطية (استكشاف، تنقيب، تكرير، وتسويق ... إلخ) خلال فترة ما قبل السبعينيات من القرن الماضي.
وسلبياَ على سبيل المثال، التأخر في عملية اتخاذ القرار الاقتصادي ضمن مظلة شركة النفط الفنزولية PDVSA. حيث أسهمت ممارسة الدور الرقابي في تنشيط البيروقراطية مما أدت إلى تواضع تجاوب الاقتصاد الفنزويلي مع تطورات الاقتصاد الوطني، الإقليمي، والعالمي.
استمر الوضع على ما هو عليه حتى منتصف الثمانينيات الميلادية من القرن الماضي قبل أن يشهد الاقتصاد الفنزويلي تطورا مهما عندما أعلنت الحكومة الفنزويلية العدول عن سياسة التأميم والتوجه إلى سياسة التخصيص من خلال تخصيص قطاعها النفطي في برنامج عرف فيما بعد باسم برنامج تخصيص القطاع النفطي الفنزويلي.
هدفت الحكومة الفنزويلية من برنامج التخصيص النفطي الفنزويلي إلى زيادة درجة تأثير الاقتصاد الفنزويلي في تطورات الاقتصاد العالمي من خلال مضاعفة الطاقة الإنتاجية لمصافي النفط الفنزولية بشكل تدريجي من 1.7 مليون برميل يوميا عام 1985 إلى سبعة ملايين برميل يوميا عام 2007.
اتخذت الحكومة الفنزويلية قرارها هذا بناءً على ثلاثة دوافع: الدافع الأول، تواضع الموارد المالية لشركة النفط الفنزويلية PDVSA ما أسهم بالسلب على قدرتها الاستثمارية، وبالتالي التوسع في الأنشطة النفطية. الدافع الثاني، تواضع الإمكانات الفنية والمهنية لشركة النفط الفنزويلية PDVSA ما أسهم بالسلب على قدرتها التشغيلية، وبالتالي ارتفاع تكلفتي الإنتاج والتشغيل.
والدافع الثالث قناعة الحكومة الفنزويلية بأن سياسة التخصيص ستكون كفيلة, ليس بتحسين القدرة التشغيلية والاستثمارية فحسب، وإنما بتحقيق الهدف الرئيس والهادف إلى مضاعفة الطاقة الاستيعابية إلى سبعة ملايين برميل يوميا بحلول عام 2007.
اعتمدت خطة تنفيذ برنامج التخصيص الفنزويلي على عاملين: العامل الأول مادي، من خلال السعي إلى استثمار قرابة 73 مليار دولار في القطاع النفطي بحلول عام 2007. والعامل الثاني فني، من خلال دعوة شركات النفط العالمية لمشاركة القطاع الخاص الفنزويلي في توفير الاستثمار اللازم.
بدأ تنفيذ البرنامج في بداية التسعينيات الميلادية من القرن الماضي بدخول شركة النفط الوطنية البريطانية القطاع النفطي الفنزويلي من خلال عقد استثماري قارب 60 مليون دولار.
توالى بعد هذا العقد الدخول التدريجي لشركات النفط العالمية، التي من أشهرها
"كونوكو" الأمريكية و"توتال" الفرنسية، حتى وصلت إلى قرابة 40 عقد استثمار نفطي في غضون خمسة أعوام.
بدأت نتائج برنامج التخصيص الفنزويلي تظهر بشكل تدريجي على مستوى الطاقة الإنتاجية لمصافي النفط الفنزويلية،عندما زاد الإنتاج من 2.6 مليون برميل يوميا عام 1991 إلى 3.5 مليون برميل يوميا عام 1997.
تحمل التجربة وكثيرة هي الإيجابيات والسلبيات لكل سياسة نفطية من هذه السياسات الثلاث والفيصل في اتباع إحدى هذه السياسات الثلاث يكمن في متطلبات مصلحة الاقتصاد الوطني كونه جزءا من منظومة الاقتصاد العالمي يؤثر ويتأثر بتطوراتها.