« الأَدِيبْ ... و المُثَقَفُ » 
حِينَمــا كُنتُ صَغيرَاً بِمَــا يَكفِي لِأضَعَ فِي خِزَانَةِ الشُّعَراء ألفُ ألفُ ألفُ أَلفُ شــاعِرٍ عَربِيَّ....!!
كَــانَ جَدِي كَبيرًا بِمــا يَكفِي لِيشُد أُذُنِــي مُؤنِبـــًا...!! فَالمِنخَلُ لَازَال نَظِيفــًا مُعَقمــًا لَمـ تَمسسهُ يَدَايَّ...!!
..::..::..::..::..
وحِينَمــا كَبرتُ بِمَــا يَكفِي لِأَضَعَ فِي خِزَانَــةِ المُثَقفَــينَ أَلفُ ألفُ ألفُ مُثَقَفٌ عَرَبِي..!!
كَــان أَبِي وَاعِيــًا بِمــا يَكفِي لِيُمَزِقَ فِكْرِي....!! فـ مِنخَلُ المُثَقَفِيــنَ لَازَال نَظِيفــًا مُعقمــا لمَـ تَمسَسهُ يَدايَّ أيضــًا..!!
هُنَــا قَرصَتُ الأُذُنِ عَلمتنِي وتَمزيِقُ بَسَــاطَــة المُحتَوى الفِكرِيَّ عَلَمَتنِـــي ..
ولَكِـــن مَــاذَا عَلمَتنِــي؟؟!!
وهَل اسْتَفَدتُ مِن ذَلِكْـ؟؟!!
/
..
\
..
\
تَعَلمتُ أنَّ الكُلَّ يَحمِلُ رِسَــالَــة فِي مَجــالِه الحَياتِيِّ والمِهَنِــي
هَذِه الرَّسَــالــةُ لَا تَختَلِفُ فِي مَضمُونِهــا مَهَمَــا اخْتَلَفت مُيولَات الإنسَــانْ [ العِلمِيَّــة _ الأَدَبِيَّــة ]
فَإِن وََضَعََها نصْبَ عَينَيـــه، وحَملَهــا وسِــامــًا فِعليَّــًا فِي رُوحِــه فَقَد سَلِمـ مِن العَثَراتِ الشَيطَــانِيَّـــة، ومِن وسْوَسَــة المُضِليــــن والنَّفسِ الأَمَــارَةِ بِالسُوء....
وإِنَّ تَغَــافَل عَنهَــا، وَأَغْرَتُه المَنْزِلــة التِي وَصَلَ إِلَيهَـــا، فَقدَ تَرَكـ رُوحَـه فَريســةً سَهلــةً بِأيدِي أَهواءه، ورُبمَــا تَركـ لِجَهنمـ المَوهِبــة بَصمَــةً عَظيمــة فِي دُنيــاهْ....!!
وبَعدَمـا وَعيتُ لِأَمرِ الرِّسَــالَــة أَصبَحتُ أُمسِكـ بِمِنخَلِ الشُّعَراءِ تَــارةً، وتَــارة بِمِنخَل المُثَقَفِيـــنْ
أَجُرُ يَدِيَّ لِتَنخُل فِي كُلِّ حِيــــن... فِيَتَسَــاقَطُـ الأنقيــاءُ وَرُوادُ الرِّسَــالَــة مِن عَلى مَسَــامَــاتِ المِنخَــلْ، فَيَعلو كُلُّ واحِدًا مِنهُمـ فَوق ثَوبِ النَقــــاءْ.....
وبَعَد عِدَةٍ جَولَات
تَسَــاقَطـ مائَــةُ أَدِيبٍ وَ نِصْفَــهُ مِن المُثقَفِيـــنْ.....!!
وَأَمَــا البَقِيَّــةُ المُتَبَقِيَّـــة فَلهَـــا رَأسُ المِنخَلِ والأُخرى لَمـ يَحنِ دَورُهَـــا بَعَدْ...!!
[ الشُّــاعِرْ].... [ الأَدِيبْ ]
مَن هُو الادِيبْ؟؟!!
هَلَ الأدِيب مَن يَرُصُ الكَلِمـــة بَعد الكَلِِمَــة، وَ يُجِدُ رَسمَـ المَعنَـــى، أَو مِن يُبدِعُ فِي التَصوِير أَمـ مَن يُجِيدُ الوَزن والقَــافِيَّـــة؟؟ََ
أَطرَحُ تَســاؤُلِي هُنــا [ خَشيَّــة أَن أُهجَــى مَرتَيـــن إِذ يُرى الحَرفُ بِعَدَسَـةٍ مُقَربَــةٍ زَائِفَـــةٍ، فَيَتَراءَى الشَّرُ " مَن أَعنِي وَ أَقصُد؟؟!!"]
يَــا سَــادَة
الأَدِيبُُ لَيسَ مَن يَكْتُبُ المُقَفَـــى ويُوَفَقُ فِي تَنسِيق عِبَــاراتِه فَقطـ
لَا
فَلِلأدَبِ رِسَــالَــة لَن يَحمِلهَــا إِلّا مَن يُقَدِرُهَــا ويُدْرِكُهَــا
وَ الأدِيبُ >>>> آدَمِي لَهُ رِسَــالَـــةٌ سَــامِيَّــة يَحمِلهَـــا، أينَمــا ذَهَب.. وأَينَمَــا حَلّ... سَواء مَع كَوكَـبةٍ مِن الأُدَبَــاء.. أَمـ مَع غَيرِهِمـ... يُلَازِمَهــا فِي جَمِيعِ حَلَاتِه...و يَبُثُهَـــا لِرُوادِ مُيولِه حَـامِلَــةً صِدقَ المَعنَـــى، وَجَمال المَقصِد..
يَكتُبُ لِأَجَلِ أَن يُعَــالِج قَضِيَّــةً ذَاتِيَّــة \ أو إنْسَـانيَّــة / أَو وَطَنِيَّــة.. يَبُث أَلَامــه وَأَوجَــاعَ مُحِيطِـــه... يَسرُد فَخْـرهُ ويَعَرضُ طُمُوحَـــه
وَلَيسَ الأدَبُ العَرَبيُّ حَرفــًا يُنسَج لِيُهتَكَـ بِفُلَان، أَو يُسَــاءَ إِلـــى جَمــاعَـــة، وَليَس مَــادَة لِأَجل أَن يُتَقَرَبَ مِن صَــاحِبِ مَكــانةٍ وَ وَجَــاهَــةْ..!!
ولَيسَ الأدِيبُ مَن يَكتُب لِيُقَــال كَــاتِب فَذٌ وَ أُسْتَـــاذْ حَرفٍ وفَــنْ...!!
وَ بعَدَ هَذَا لَا لَومَـ لِي إِنِّ قُلتُ .."" لَيس ذَاكـ الإبدَاعُ بِأدَبٍ وَلَيسَ ذَاكـ النَــاظِمُـ بِأَدِيبْ...!!"
[ المُثَقفُ ] ......وذَنبُه أَعظمُـ
مَن هُوَ المُثَقَف ومَــا هِي الثَقَــافَــة
هَلّ هُو كَثيرُ القِراءَةِ سَريعُ الكِتــابَـةِ، تَعرِفُهُ الكُتبُ والمَصَــادِرُ ؟؟
هَل هُو مَن يَقرأُ كَثيرًا ولَه مِن كُلِّ بُسْتَــانٍ مَسَــاحَــةٌ فَسِيحَـــةٌ مِن العِلِمـ حَتــى نَعجَزُ مِن مُجَــارَاتِه أَو الإقتِرابَ لِمُجَــابَهَتِه....
أَمـ ذَاكـ الذَّي مَلت مِنه عَدسةُ نَظَــارتِهِ السَمِيكَـــةْ.... وهَرُمـ قَلَمَــه، وانتَهى الفَراغُ مِن دَفََــاتِرِه...!!
وانحَنــى عُُودُه مِن كَثرَة مُصَـاحَبةِ الكُتُبْ....!!
لَا
لَيسَ هَذا فَحسبْ..... ولَيس هَذا جَميعُـــه
فالمُثَقَفُ هُو آدَمـيٌ كَذَلِكْـ... لَه شَغَفٌ لِلكِتَــبِ ورَغَبَـةٌ لِتَدوينِ المَدْرُوسِ والمَفهُومـ....
ولِثَقَـافَــةٍ مَعنَــــًا قَلَّمَــا أَدركَــهُ الكَثيرْ....!!
لِثَقَــافَــةِ رِسَــالَــةُ سَــامِيَّــةٌ كَذَلِكـْ....
هِي تَوظِيفٌ لِمَــا يُقرأ ويُفهَمـ .. وهِي نَهـرٌ يَرتَوِي مِنهُ الآدَمِي... ليَزدَاد عِلمــًا وفقهــًا,,,,
يَقرَأُ ويُلِمُـ بِبُطونِ الكُتُب، لِنهَل مِن نَعِيمِهَــا... فَيكُونَ أَحَد الصُلحَــاءَ حَــامِليَّ هُمُومـ الأُمَّــة، فَيَسعَــى لِيُخْرِجَهــا مِن بَراثِين الجَهــلٍ وِمن كُهُوف الأُمِيَّــة بِشتَــى أَنواعِهَـــا....
المُثَقَفُ يَــا سَـــــادَة
مَن يَقرَأ لِتَكونَ القِراءَةٌ عَونــًا لَه لِتَحقِيقِ طُموحِهِ، مَن يُسَخِر قَلمَــه لِاسْتِنهَــاضِ الأُمَــة فَتَقرأ وتَفهمـ وتَحفَظـ...مَن يُسهِمـ فِي بِنَــاءِ الأُمَّــة لَا مَن يَسعَــى لِخَرابِهـــا ويَبيِع قَلَمَــه عِند أَولِ اخْتبِــارٍ لِمكَــانَتِه، ولَيسَ مَن يَتَـنَازَل عَن مَبَادِئِهِ، لِأَجلِ مَصْلَحَــةٍ قَد تُردِه غِلَى مَشَــارِفِ الهَــاوِيَّــة مِن حيثُ لَا يَعلمـ ويَعْلَمـ....
لَيسَ المُثَقَفُ مَن يَنقُلَ مِن بَحرِ عُلُومِــه لِيُقَــال عَــالِمـ، أَو يُشَــارُ إِليه بِالبنَــانِ تَبــاهيــًا لِأمرٍ لَمت يَفعلــه وعِلمٍـ لَمـ يَبلُغــه بَعــد.....
لِلأسف الكثيــر بَات يَبيعُ قَلمــــــه [ أديبـــًا ومُثَقَـفَـــًا ] لِأَجِل مَصَــالِحِهِ الدُّنيَوِيَّـــة وشُهرتٍ زِائِلةٍ زائِفَـــة...
وشيئــًا فَشيئــًا تَخبُو فِيه طَهــارةُ الإنْسَــــان، ويَتَجَمدُ عَقله ويَتَحَجرُ قَلبُه......!!
فكَيفَ السبيلُ لإنجِـــابِ جِيلٍ لِا يَعرِف إلّا النَقَـــــــــاءْ...
جِيلًُا صــافِيــًا مِن أهْواءِ الدُنيـــــا.. و وسْوسَــاتِ الدَّمَــارْ....
حِينمَــا نُنتِجُ هَا الجِيل فحقــًا سَتغرُبُ الأُمِــيَّـــة والجَــاهِلِيَّــة،