يجهل بعض الوالدين الأسباب التي تكمن وراء ارتفاع درجة الحرارة لدى أطفالهم، فهذا الارتفاع ليس بحد ذاته مرضاً، بل هو عارض يعلن للأم عن وجود حالات مرضية أو وعكات أصيب صغيرها بإحداها، ولعل أصعب الالتهابات هي التهابات الحلق، إذ يرى الأطباء انها قد تخفي الكثير من الأمراض إن لم تعالج بشكل جيد ونهائي.
ولكي تعرف أكثر عن أنواع الأمراض التي قد تكمن وراء ارتفاع درجة حرارة الطفل، أو اصابته بالتهاب في الحلق.. اقرأ التالي:
«غالباً ما يراجع الأطفال قسم الاسعاف في المستشفيات بسبب ارتفاع في درجات الحرارة، ونسبة كبيرة منهم يتضح بعد الكشف عليهم أن سبب هذه الحرارة العالية هو التهاب في الحلق أو اللوزتين، وأكثرها بكتيريا مسببة لهذا الالتهاب هي البكتيريا السبحية، علماً ان معظم الالتهابات تكون بالفيروسات، وإذا لم تعالج هذه الجرثومة بالعلاج المناسب والمدة الكافية فإن ذلك قد يسبب أمراضا من أهمها مرض الحمى الروماتيزمية ومرض التهاب حوض الكلى أو الحمى القرمزية.
* مرض التهاب حوض الكلى
* يحدث هذا المرض بعد حوالي أسبوع أو اسبوعين من الإصابة بإلتهاب الحلق أو الجلد بالبكتيريا السبحية، وتتمثل أعراضه في تورم عام في الجسم خصوصا في الساقين، انتفاخ حول العينين، ارتفاع ضغط الدم وفشل حاد في عمل الكليتين ويتضح ذلك في قلة كمية البول الذي تظهر كريات دم حمراء فيه وأحيانا بروتين في البول، لذا يطلب عمل تحليل للدم للمساعدة على التشخيص بالاضافة الى عمل مسحة من الحلق لزراعة الجرثومة البكتيرية.
* علاج التهاب مرض حوض الكلى
* يأخذ المريض المضاد الحيوي البنسلين لمدة 10 أيام، وذلك لعلاج فشل الكلى الحاد وعادة فإن حدة المرض تتحسن خلال شهر، أما التغيرات في البول فقد تأخذ أكثر من سنة لتتحسن وترجع للوضع الطبيعي ونسبة الشفاء التام من هذا المرض تصل الى أكثر من 95%.
* الحمى القرمزية
* تبدأ أعراض هذا المرض بعد الاصابة بإلتهاب الحلق (معدل 3 أيام)، وأعراضها: ارتفاع في درجة الحرارة، قيء، صداع ، قشعريرة، ألم في الحلق، وأحيانا ألم في البطن، كما تكون اللوزتان محتقنتين وحمراوين ويكون اللسان في أول أيام المرض مغطى بطبقة بيضاء مثل الفراولة البيضاء وبعد عدة أيام يتغير الى أحمر (مثل ثمر فاكهة الفراولة الحمراء) كذلك يظهر طفح في الجلد أحمر اللون ملمسه مثل الرمل يبدأ عادة في الابطين والرقبة وخلال 24 ساعة ينتشر في الجسم كله ويتقشر في الوجه بعد أسبوع من المرض ثم اليدين والرجلين، وهذا المرض يشبه مرض الحصبة والحصبة الألمانية ومرض الكاواساكي.
* علاج الحمى القرمزية
علاج مرض الحمى القرمزية هو المضاد الحيوي البنسلين ويؤخذ لمدة 10 أيام ومتابعة المريض.
* الحمى الروماتيزمية
اكتشف هذا المرض في أوائل الستينات من القرن الماضي، ثم قلت الإصابة به في الدول المتقدمة، لكنه رجع ثانية في الثمانينات وسببه ميكروب بكتيري سبحي يصيب الحلق، كما ان اصابة الجلد بهذا الميكروب لا تتسبب في هذا المرض غالبا، وهو يصيب الأطفال بين عمر خمس سنوات الى خمس عشرة سنة، أما بالنسبة لأعراض هذا المرض وتشخيصه فلا يوجد عارض معين أو تحليل خاص يمكن الاعتماد عليه في التشخيص، بل
هناك مجموعة علامات تدعى «علامات جون» هي التي يعتمد عليها في تشخيص مرض الحمى الروماتيزمية وهي:
1 ـ العلامات الكبيرة: تتمثل في التهاب أغشية القلب وتشمل الأغشية المغطية للقلب والأغشية الوسطى والداخلية التي تؤثر في صمامات القلب، التهاب في المفاصل بحيث تكون المفاصل متورمة وحمراء ومؤلمة وينتقل هذا من مفصل الى آخر، خصوصا المفاصل الكبيرة مثل الركبتين، المرفقين، مفصل القدم، طفح في الجلد أحمر اللون ومن دون حكة وله ميزة خاصة، حركات لا ارادية في اليدين ويوضح ذلك في طريقة الكتابة عند الطفل ولدى مراقبته، كما تظهر نتوءات تحت الجلد (وهذه نادرا ما تشاهد) ويمكن اكتشافها من قبل الطبيب.
2 ـ العلامات الصغيرة: تتمثل في ارتفاع متوسط في درجة حرارة الجسم، آلام المفاصل (من دون التهاب)، ارتفاع سرعة الترسيب في تحليل الدم، خلل في تخطيط القلب يمكن اكتشافه من قبل الطبيب وله صفة معينة.
وليتم تشخيص هذا المرض يجب ان تكون هناك علامتان من العلامات الكبيرة أو علامة كبيرة مع علامتين صغيرتين، بالإضافة الى وجود علامة تدل على الميكروب في الحلق، وذلك بزراعة المسحة الطبية المأخوذة من الحلق.
الأمراض المشابهة لهذا المرض:
مضاعفات مرض الحمى الروماتيزمية:
إن المشاكل المزمنة لهذا المرض هي إصابة القلب وتأثر الصمامات، حيث ان أكثر الصمامات اصابة هو الصمام المايترالي حيث يؤثر المرض في تركيبته مما يسبب ترجيع الدم من البطين الأيسر إلى الأذين الأيسر والذي بدوره يكبر في الحجم ويزداد في الضغط، الأمر الذي يؤثر في الدم الراجع من الرئتين ويسبب هبوطا في عمل القلب، والعلامات التي تكون على المريض تعتمد على شدة الارتجاع في الصمام، فإذا كان شديدا فإن المريض يتعب سريعا من أقل مجهود ويزيد وزنه بسبب تجمع السوائل في الجسم، كما يشعر بصعوبة في التنفس، أما اذا كان الارتجاع بسيطا فإن هذه الأعراض لا تكون موجودة عند المريض، وانما يكتشف الطبيب ذلك بسبب صوت لغط في القلب يسمعه الطبيب بالسماعة الطبية، أما المشاكل وراء ذلك فهي احتمال التهاب الاغشية الداخلية للقلب أو خلل في دقات القلب الى جانب هبوط عمله.
ويكون علاج الارتجاع في الصمام بأخذ أدوية مساعدة لعمل القلب مثل الكابتوبريل وأدوية تنظيم دقات القلب، أما الجراحة فلا تعمل إلا في حالات نادرة وهي الحالات التي لا تتحسن مع العلاج بالأدوية.
بالاضافة الى ضيق الصمام المايترالي، وهذا عادة يأخذ سنوات حتى يظهر كما يسبب فشل عمل القلب وتضخماً بالكبد، ويكون علاجه بالجراحة أو التدخل بالقسطرة لتوسيع الصمام، أما الصمامات الاخرى التي قد تصاب بترجيع فتسبب خفقاناً في القلب وزيادة في التعرق وآلاماً في الصدر للمريض.
* علاج الحمى الروماتيزمية
* يستلزم العلاج ثلاثة محاور وهي علاج البكتيريا السبحية المسببة للمرض، استخدام مضادات الالتهاب والعلاج المساعد.
- علاج البكتيريا
يعطى المريض مضاد حيوي وهو البنسلين عن طريق الفم لمدة عشرة أيام، أما اذا كان يعاني من حساسية هذا المضاد يفضل ان يأخذ مضادا آخر هو الاريترومايسين.
- مضادات الالتهابات
تشمل استعمال دواء الاسبرين الذي يجب ان يؤخذ في بداية المرض (المرحلة الحادة) بجرعة عالية لمدة أيام، وذلك ليتم التحكم في المرض وتنخفض حدته، كما يؤخذ الكورتيزون في حالات نادرة.
- العلاج المساعد
يعتمد على الحالة، حيث ان بعض الحالات يكون فيها فشل عمل القلب، مما يحتم على المريض أخذ أدوية مساعدة لعمل القلب كذلك الحركات اللا ارادية في اليدين لها علاج يؤخذ عن طريق الفم، كما أن اخذ ابرة البنسلين (طويل المفعول) كل 3 ـ 4 أسابيع مهم جدا لمنع تكرار الالتهاب بالبكتيريا السبحية ويستمر ذلك حتى عمر 20 سنة، أما اذا كانت هناك اصابة في القلب فيحتاج المريض لأخذ الابر مدى الحياة، لأن الاصابة بالتهاب آخر بنفس البكتيريا يكون تأثيره كبيرا خصوصاً في القلب، كما يصعب بعد ذلك علاج المرض وحتى الآن لم يتم اكتشاف تطعيم خاص بهذه البكتيريا