يشكل الاهتمام بثقافة الطفل أحد أهم الركائز التي يجب أن يُهتم بها على مختلف الأصعدة وهي الانطلاقة الحقيقية لغرس حب العلم والإبداع لدى أبنائنا، ولعل الثورة التكنولوجية الهائلة التي قلبت الموازين رأساً على عقب هي إحدى الدعائم التي تدعونا للمطالبة بوضع استراتيجية ثقافية للأطفال مبنية على أسس علمية نتيجة دراسات اجتماعية وبيئية لمجتمعنا تحديداً.
فمعارض الكتاب التي تقام - وهي بلا شك جهد يحتاج للشكر والتقدير لكل القائمين عليه - ، تحظى بحضور واسع يجعلنا نبحث عن دور الطفل فيها تنظيماً وإبداعاً وإعطائهم فرصة المشاركة لتعويده على ذلك وأتساءل هل يكفي وضع مكتبات خاصة وأركان للأطفال بكل محتوياتها دون أن يعوا ويدركوا ما يختارون ودون أن نجعلهم يشاركون في قرار الاختيار ليس بشكل عشوائي لكنه ضمن أُسس، فيتم توجيههم وإيضاح الأمر لهم ومن ثم منحهم الفرصة، فالمهم تحريك عقولهم بما ينفعهم ويفيدهم وهذا جزء من الدور المطلوب تجاههم، وهذه ليست مهمة المعارض فقط أو المدرسة أو البيت بل مهمة مشتركة يجب أن تكون ضمن خطة تتعاون فيها جميع الجهات المعنية بدءاً من وزارة التربية والتعليم حتى المنزل ووسائل الإعلام، لنتمكن ونستطيع وضع أبنائنا وأطفالنا على الطريق الحقيقي والسليم لبناء جيل مثقف يستطيع تحديد ميوله ويكون منتجاً بشكل أكبر.
أعود للتكنولوجيا الحديثة التي هيأت الأرض الخصبة واختصرت كل الطرق والمسافات لتسهل مهمة الحصول على المعلومة في ثوان من خلال أجهزة الحاسب والفضائيات، لكن تبقى مسألة الاختيار الأفضل وكيف نحدده لأبنائنا ونجعلهم هم المسؤولين عنه ونحن يجب أن نعطيهم الثقة بعد تهيئتهم لذلك، وهذا سيخفف الحمل كثيراً عليهم مستقبلاً وسينعكس على مجتمعنا بشكل إيجابي، خاصة وأن الأمر ليس بمقدورنا التحكم به والسيطرة عليه فكل شيء أصبح تكنولوجياً ومتاحاً للصغير والكبير، لكن عندما نتعاون في وضع لبنات هذه الثقافة بشكلها الصحيح الذي يدعم أهدافنا سنجد الجيل المبدع المتميز وبأعداد هائلة مما سيخلق أرضاً مليئة متنوعة بكل العلوم، والفنون، أطفالنا اليوم من خلال الألعاب التكنولوجية وتعاملهم مع الكمبيوتر تجد لديهم الفن والمهارة العالية التي تجعلنا نثق بتميزهم حينما نضع أيديهم على الطريق الصحيح، ونعلم أن هناك من لا يستطيع التعامل مع أبنائه ويوفر لهم طرق وأساليب هذا النجاح لكننا جميعنا معنيون بذلك ومن الضروري توفير تلك الاحتياجات خاصة من قبل المدرسة وأعني السنوات الأولى وهي الأكثر تأثيراً.
أيضاً أشير إلى نقطة في غاية الأهمية ونلخصها جميعاً وهي مراحل ما قبل المدرسة، وأعني (الروضة) كما يُطلق عليها فهي إما أن تساهم في رسم جو الإبداع وإما أن تجعله يتراجع لدى الطفل أو الطفلة من خلال أساليب التعليم المستخدمة أو ضعف التقنيات الموجودة لديهم، فبعض منسوبات تلك الجهات تجدهن يعاملن الأطفال بأساليب غريبة قد تنفر من حب العلم والمواصلة وقد تلجأ لتغيير مكان أطفالك أكثر من مرة بسبب سوء معاملة بعض معلمات هذه الفئة البريئة البسيطة واستغرب من اختارت هذا التخصص أليست تدرك عظم وحجم وأهمية مسؤوليتها تجاه هذا النشء الذي يعتبر القوة الحقيقية لأي مجتمع، فكما أن هناك مبدعات هناك العكس تماماً، وهذا ما يجعلنا نطالب بمزيد من الاهتمام والعناية والأشراف المباشر والحازم من قبل الجهات المعنية بوزارة التربية والتعليم عى الروضات فالأطفال من الصعب أن يبدو ما في دواخلهم لكنهم سريعو التأثر والتحطم ولديهم مكامن إبداعية وطاقات هائلة لكنها تحتاج لمن يبحث عنها ويُظهرها للواقع وهي مهمة جداً في التأسيس الثقافي للطفل.
أتمنى أن نجد أطفالنا يقومون على كل ما يعنيهم من معارض ومسرحيات وأنشطة وأن تكون لديهم الثقافة العلمية الحقيقية الغنية الثرية التي تُسهم في إنارة دروبهم وجعلهم يتخذون قراراتهم ويحددون اختياراتهم بشكل صحيح.