بسم الله الرحمن الرحيم
موضوعي اليوم عن النصيحة وأصولها..
من خلال تجاربي وسماعي لأخبار الناس الذين أعرفهم والذين لا أعرفهم أقولها بأن هناك كثير من الناس لا يفقهون شيء في النصيحة!..
مثال .. ترى رجل وقد تربى على الفضيلة ولم يرتكب كبيرة في حياته حسب ما يدعي أو يظن فيه الناس ذلك من خلال لبسه وسلوكه!.. ولكنه إذا رأى شخص سيء يسيء الأدب واللبس أو سمع عنه بأنه سيء أو تارك للصلاة ذمه واحتقره وفضحه أمام الناس ودعاه بأسماء الدواب أجلكم الله وجعل منه حكاية و رواية ومثال سيء دون أن يقدم له النصيحة التي تليق به كإنسان له مشاعر وخصوصيات!!.. بل أن بعضهم وخصوصاً الآباء حين يريدون نصح الأبناء بالصلاة "البعض منهم" يقولون للولد(صل يا ثور!) .. (صل ياحمار) .. (صل صلت يابهتك=جبهتك!) ..
أعرف شخصاً ترك الصلاة بسبب صراخ والده عليه وهو صغير حين يدعوه للصلاة يقول له (صل ياثور) وقد بلغ هذا الولد سن الرجولة وتزوج ورزق بأبناء وهو لا يزال تاركاً للصلاة عناداً لاحتقار والده له !!.
النهي عن الخلق السيء لا يكون بالتشهير .. بل بالنصح اللين..
فرعون إدعى الإلوهية .. تكبر وتعالى على الله والناس أجمعين .. هتك أعراض بني إسرائيل .. قتل من قتل وعذب من عذب من الناس الأبرياء .. ارتكب أبشع الجرائم وأكبر الكبائر ..
رغم ذلك .. قال الله لنبيه موسى ولهارون عليهما السلام .. {فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى (44) }..
قولاً ليناً لفرعون الطاغية الذي استكبر على الله وقتل النفس بغير الحق وهتك العرض .. الله عرض عليه "النصيحة اليّنة" وهي كلام فيه الكثير من المنطق والتعقل ثم قال تعالى {لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى } فهذا هو القصد من النصيحة .. أما النصيحة التي فيها فضاضة فهي مرفوضة شرعاً وأخلاقاً فهي قد تؤدي إلى نتائج عكسية كما ذكرنا في أمثلة الصلاة..
ولنا في رسولنا الكريم أسوة حسنة .. فقد قال فيه تعالى {فبما رحمه من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك}
تلك النصائح كانت للقاسية قلوبهم من شرار الخلق مثل فرعون وغيره فما بالكم بالشخص العادي الذي لم يظلم سوى نفسه وليس عليه مظالم لدي الناس .. إلا يستحق أن ينصح باللين والتكتم وعدم التشهير به؟..
الأصل في النصيحة هو أن تكون قاصداً رضى الله وكسب الحسنات من وراء تلك النصيحة وليس أن تكسب السيئات بإسائتك للآخرين عندما تظهر سوء ما عملوا بقصد أو بغير قصد .
ولا يوجد في هذه الدنيا إنسان كامل.. الكل يخطئ ولكن الأهم هو من يهتدي ويتوب عن هذا الخطأ والطريق إلى ذلك هي النصيحة أو الاتعاظ من الأخطاء.. ولو أننا لا نخطئ لأتى الله تعالى بقوم يخطئون ويتوبون..( ومن تاب تاب الله عليه)..وكما قال صلى الله عليه وسلم (كل ابن ادم خطاء وخير الخطائين التوابون).
والله من وراء القصد