►〖〗◄ وجوه الإعجاز في القرآن الكريم ►〖〗◄
لما كانت هذه الشريعة هي خاتمة الشرائع و كانت باقية على صفحات الدهر إلى يوم القيامة خصت بالمعجزة العقلية الباقية ليراها ذوو البصائر كما قال صلى الله عليه وسلم : " مَا مِنَ الأَنْبِيَاءِ نَبِىٌّ إِلاَّ أُعْطِىَ مَا مِثْلُهُ آمَنَ عَلَيْهِ الْبَشَرُ ، وَإِنَّمَا كَانَ الذي أُوتِيتُه وَحْيًا أَوْحَاهُ اللَّهُ إِلَىَّ ، فَأَرْجُو أَن أكون أَكْثَرُهُمْ تَابِعًا " رواه البخاري , فمعجزة القرآن مستمرة إلى يوم القيامة فلا يمر عصر من الأعصار إلا و يظهر فيه شيئ مما أخبربه أنه سيكون يدل على صحة دعواه , و لا خلاف بين العقلاء أن كتاب الله تعالى معجز لم يقدر أحد عن معارضته بعد تحديهم بذلك قال تعالى :" وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِه " البقرة آية 23 , ووجوه الإعجاز في القرآن الكريم كثيرة نذكر بعضها :
1 ـ ما فيه من النظم و التأليف و الترصيف و أنه خارج عن جميع وجوه النظم المعتاد في كلام العرب و مباين لأساليب خطاباتهم فجنس كلام العرب مؤلف من النظم و النثر والشعر و الخطابة و الرسالة و السجع و لا يوجد كلام إلا و هو على نحو من هذه الأنحاء الستة , و قد أجمع أهل البيان أن القرآن ليس على أحد من هذه الأنحاء فلا هو بالشعر و لا بالنثر و لا بالنظم و لا بالخطابة و لا بالرسالة و لا هو بالكلمات المسجوعة و لكنه "القرآن " الكلام الرباني المتميز المعجز الفذ.
2 ـِ الإنباء عن الماضي من أخبار القرون السالفة مع أن النبي صلى الله عليه و سلم كان أميا لا يعرف القراءة و لا الكتابة إذ لا يعقل البتة أن يقوى رجل أمي في أمة أمية أن يقص مثل هذه الأخبار الوافية الدقيقة الصحيحة كحديث القرآن عن نوح و إبراهيم و موسى و عيسى و جميع الأنبياء والمرسلين .
3 ـ الإنباء عن المستقبل و ذلك بأسلوب قرآني قاطع لا يعرف الشك أو التردد كإنبائه المسبق عن هزيمة المشركين قبيل معركة بدر فقال سبحانه " سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ" القمر آية 45 , و كقوله تعالى " ألم غلبت الروم فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ في بِضْعِ سِنْيِنْ " الروم آية 1-4 .
و كإخباره عن كفران أبي لهب و أنه سيموت على الشرك و غير ذلك من أخبار المستقبل الدالة على إعجاز القرآن و صدق الرسول صلى الله عليه وسلم .
4 ـ التوافق و عدم الاختلاف قال تعالى " ... وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا " النساء آية 82 .
5 ـ اللفتات العلمية " أو ما يسمى بالإعجاز العلمي في القرآن الكريم " و ذلك في مختلف جوانب الكائنات و الطبيعة دليل واضح على إعجاز هذا الكتاب الخالد قال تعالى " سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (53) أَلا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِّن لِّقَاءِ رَبِّهِمْ أَلا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُّحِيطٌ " فصلت آية 53-54 .
لقد تضمن القرآن ما يلفت النظر و الانتباه حول مسائل علمية ما كان لهذا النبي الأمي أن يقوى على معرفتها لولا وحي الحق سبحانه و تعالى كمراحل خلق الإنسان و كروية الأرض و دورانها و غيرها من المسائل التي تكلم عنها العلماء .
6 ـ و من إعجازه أن القرآن لا يمل منه سامع و لا قارئ و كل كلام يعاف مع كثرة الترديد , فالقرآن لم يزل و لا يزال غضا طريا في أسماع السامعين و في ألسنة القارئين .