ˆ~*¤®§(*§ كيف يستمر عملك بعد موتك ؟!§*)§®¤*~ˆ
1 ـ بناء المساجد :
قال تعالى :{ إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر ..}
عن عثمان بن عفان ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم :" من بنى مسجدًا للهِ ، بنى الله له في الجنَّة مثله "
وعن جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنهما ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم :" من بنى لله مسجدًا ، ولو كمفحص قطاةٍ أو أصغرَ ، بنى الله له بيتًا في الجنَّة "
* تذكر أن كلَّ عملٍ صالح يكون في ذلك المسجد من صلاة وتلاوة وذكر واعتكاف ودعاء ودعوة وخطب ومواعظ ودروس ومحاضرات وصدقات وأعمال خير ، في ميزان حسنات من شيَّد ذلك المسجد لأنَّه هيأه لهم ، ومكنهم من إيقاع عباداتهم فيه ، فله من ذلك الحظ الأوفر والأجر الأكبر ، فهم يعملون ، وله صورة طبق الأصل مما يفعلون ، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ، والله ذو الفضل العظيم .
2 ـ بناء المساكن المناسبة للفقراء والمشردين والمستضعفين
كالملاجئ ودور الإيواء عند حصول النوازل ، وتشييد دور الأيتام ، والأربطة ، ودور العجزة ، والمستشفيات ، والمدارس أو التصدق على البدو الرُّحل بالخيام وتوطينهم لتعليمهم أمور دينهم والرقي بمستوى حياتهم .
* ومنه بناء مغاسل الموتى وتجهيزها بلوازمها كالأكفان والحنوط والنعوش وغيرها . عن أبي هريرة ـرضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم " إن مما يلحق المؤمن من عمله وحسناته ، بعد موته ، علما نشره ، وولدا صالحا تركه ، أو مصحفا ورثه ، أو مسجدا بناه ، أو بيتا لابن السبيل بناه ، أو نهرا أجراه ، أو صدقة أخرجها من ماله في صحته وحياته ، تلحقه من بعد موته "
3 ـ حفر القبور للموتى :
وكما يؤجر المسلم في بناء بيت لأخيه المسلم الحي ليسكن فيه و يأوي إليه ، فكذلك من يحفر له بيت البرزخ تحت أطباق الثرى يواريه فيه .
عن أبي رافع ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم :" من غسَّل مسلمًا فكتم علي غفر الله له أربعين مرَّة ، ومن حفر له فأجنَّه أجرى عليه كأجر مسكنٍ أسكنه إياه إلى يوم القيامة ، ومن كفنه كساه الله يوم القيامة من سندس وإستبرق الجنَّة "
4 ـ حفر الآبار وإجراء الأنهار :
* ومنها التبرع ببرادات المياة الداخلية والخارجية في المساجد ، وكذلك وضعها في فناء المنازل من ناحية الخارج ليشرب منها عابري السبيل .
* والتبرع بحفر الآبار أو تعميقها أو توفير لوازمها من أجهزة رفع المياة وضخِّها وتخزينها في خزانات كبيرة لحفظ المياة الصالحة للشرب لهم .
فعن جابر ـ رضي الله عنهما ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم :" من حفر بئر ماءٍ لم يشرب منه كبدٌ حرَّى من جنٍ ولا إنسٍ ولا طائرٍ إلا آجره الله يوم القيامة "
وحسبك أن تعلم أن زانية من بني إسرائيل سقت كلبًا يلهث من العطش ، فغفر الله لها ذنبها ومحى عنها وزرها ، فما الظن بمن يسقي مسلم موحد ؟! وربما يكون من عباد الله الصالحين أو من الضعفة المساكين ، فتتنزل الرحمات على قبر الميت بدعوة صالحة من قلب صادق ارتوى خلف ظمأ وانتعش بعد عطش . عن سعيد بن المسيِّب ـ رحمه الله : أن سعد بن عبادة ـ رضي الله عنه ـ أتى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال : أيُّ الصدقة أعجب إليك ؟ فقال ـ صلى الله عليه وسلم :" الماء "
5 ـ غرس الشجر النافع :
فعن جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنهما ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم :" ما من مسلم يغرسُ غرسًا إلا كان ما أكلَ منهُ له صدقةٌ ، وما سُرق منهُ صدقةٌ ، وما أكلَ السبعُ فهو له صدقةٌ ، وما أكلت الطيورُ فهو له صدقةٌ ، ولا يرزؤهُ أحدٌ كان له صدقةٌ "
وعن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم :" ما مسلمٌ يغرس غرسًا أو يزرعُ زرعًا ، فيأكل منه طيرٌ أو إنسانٌ أو بهيمةٌ إلا كان له به صدقة "
فمن استظلَّ بظلِّه ، أو أكل من ثمره ، أو انتفع بشيءٍ منه كان لصاحبه الذي غرسه ثواب ذلك الانتفاع وأجر تلك الاستفادة .
6 ـ الصدقة الجارية :
وهي ـ بحمد الله ـ البحر الذي لا ساحل له، فلا حدَّ لها ولا عدَّ ، وهي من رحمة الله تعالى بالمؤمنين ، ولطفه بالمسلمين ، فالحمد لله رب العالمين .
فعن سلمان ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم :" أربعٌ من عملِ الأحياء تجري للأموات : رجلٌ تركَ عقبًا صالحًا يدعوا لهُ ينفعُهُ دعاؤهم ، ورجلٌ تصدقَ بصدقةٍ جاريةٍ من بعده لهُ أجرها ما جرت بعدهُ ، ورجل علَّم علمًا فعمل به من بعده ، له مثلُ أجرِ من عمل بهِ من غير أن ينقص من أجر من يعملُ به شيءٌ "
عن أبي قتادة ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم :" خير ما يخلف الرجل من بعده ثلاث : ولدٌ صالحٌ يدعو له ، وصدقةٌ تجري يبلغه أجرُها ، وعلمٌ يُعمل به من بعده "
· كالتبرع بجزءٍ من أرضه لتكون معبرًا وممرًا للناس يسلكونها في الذهاب والإياب ، ولئن كان من نحَّى غصن شوك عن طريق النَّاس دخل الجنَّة به ، فكيف هو أجر من تبرَّع بالطريق ذاته ؟!
· وكالتبرع باللباس والفراش وأواني المنازل للفقراء المحتاجين لها والراغبين فيها .
· وكالتبرع بالسيارات لمن ينتفع بها كالتحافيظ في المساجد والدور النسائية لتعليم القرآن والسنَّة ، والجمعيات الخيرية الإغاثية ، والمكاتب الدعوية ، والهيئات التي يناط بها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
وكالتبرع بالمطابع المجهزة لطباعة الكتب الشرعية والمطويات الإسلامية وتوزيعها في المكتبات العامة أو لطلاب العلم أو لعامة المستفيدين منها والمنتفعين بها .
·وكالتبرع بقطعة أرض ليبنى عليها جمعية خيرية أو دعوية .
وكالتبرع بغسالات للملابس أو ثلاجات مبردة أو أفران ليطبخ عليها أو سخانات مياه للأسر الفقيرة المحتاجة لها .
7 ـ إنظار المعسر والمحو عنه :
· قال تعالى :{ وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة وأن تصدَّقوا خير لكم ..}
فمن كان له عند أخيه المسلم دينٌ ، فهو كمن يتصدَّق عليه في كلِّ يوم بمثل قيمته قبل أن يحين وقت السداد ، فإن جاء وقت القضاء ، واستمهله لأنه لا يملكه ، فأمهله ومدَّ له في الأجل ، فله أجر من تصدق بمثل ذلك المال في كلِّ يوم مثلاه .
فإن مات المقرض ، وقد عفى عمَّن أقرضه ، فله من الأجر المتصل ما يفرح به في قبره ، ويسعد به في لحده ، ويهنأ به في يوم نشره وحشره .
فعن بريدة ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم :" من أنظرَ مُعسرًا ، فلهُ بكلِّ يومٍ مثلهُ صدقةً ، قبل أن يحِلَّ الدَّينُ ، فإذا حلَّ الدَّينُ فأنظَرَهُ ، فله بكلِّ يومٍ مثلاهُ صدقةً "
وعن أبي قتادة ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم :" من نفَّس عن غريمه أو محا عنهُ ، كان في ظلِّ العرشِ يومَ القيامةِ "
8 ـ الوقف :
عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه : يا رسول الله ! إن المائة سهم التي بخيبر لم اصب مالاً قط هو أحب إليَّ منها ، وقد أردت أن أتصدق بها . فقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم :" احبس اصلَها ، وسبِّل ثَمرتها "
وعنه ـ رضي الله عنهما ـ قال : أصاب عمر أرضًا بخيبر ، فأتى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يستأمرُهُ فيها . فقال : يا رسول الله ! إني أصبتُ أرضًا بخيبر لم أُصب مالاً قطُّ هو أنفسُ عندي منه ن فما تأمرني به ؟ قال ـ صلى الله عليه وسلم :" إن شئتَ حبستَ أصلها وتصدَّقتَ بها " قال : فتصدَّق بها عُمرُ ؛ أنَّه لا يُباعُ أصلُها ، ولا يُبتاعُ ، ولا يورث ، ولا يوهب . قال : فتصدَّقَ عُمر في الفقراء وفي القربى ، وفي الرِّقاب ، وفي سبيل الله ، وابن السبيل ، والضيف ، لاجناح على من وليها أن يأكلَ منها بالمعروف أو يطعم صديقًا غير مُتموِّلٍ فيه .
9ـ الوصية :
عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم :" إنَّ الله تصدَّقَ عليكم عند وفاتكم ، بِثُلُث أموالكم ، زيادة لكم في أعمالكم "
وعن عامر ابن سعدٍ عن أبيه ـ رضي الله عنه ـ قال : عادني رسولُ الله في حجَّةِ الوداعِ من وجعٍ أشفيتُ منه على الموتِ . فقلتُ : يا رسول الله ! بلغني ما ترى مِن الوجعِ ، وأنا ذُو مالٍ ، ولا يرثني إلا ابنةٌ لي واحدةٌ ، أفأتصدَّقُ بثُلُثي مالي ؟ قال :" لا " قال قلتُ : أفأتصدقُ بشطره ؟ قال :" لا . الثلثُ والثلثُ كثيرٌ . إنَّك إن تذر ورثتك أغنياء ، خيرٌ من أن تذرهم عالةً يتكفَّفون النَّاس ، ولستَ تُنفقُ نفقةً تبتغي بها وجه الله ، إلاَّ أُجرتَ بها حتَّى اللقمةُ تجعلها في فيِّ امرأتكَ "
فينبغي على عنده جِدة من مال أن لا يبخل على نفسه بشيءٍ منه بعد مماته ، وليأخذ حذره ، فإن المنايا تأتي فجأة ، والقبر صندوق العمل ، فلا يطل به الأمل فينتقل على عجل !
عن عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال ـ سمعت رسول الله يقول ـ صلى الله عليه وسلم :" ما حقُّ امرئ مُسلمٍ لهُ شيءٌ يُوصِى فيه ، يبيتُ ثلاثَ ليالٍ إلاَّ ووصيَّتُهُ عندهُ مكتُوبَةٌ "
الخاتمة :
... وبعد :
قد تعجز عن فعل ما تشتهيه من الخير وما ترغبه من المعروف ، ويحول دونه عوائق وصوارف ، فلازم نيَّة الخير ، وداوم على الرغبة في فعل كلِّ عملٍ صالح ، فإنك لا تزال عاملاً به ما دمت ناويًا له ، بل إنَّك لتدرك بنيتك ما لا تدرك بعملك .
قال الله تعالى : ( .... وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِراً إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً) (النساء:100) وعن سهل بن حنيف ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم :" مَن سأل الله الشهادة بصدقٍ ، بلَّغه الله منازل الشهداء ، وإن مات على فراشه "
وعن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في غزوة تبوك :" إنَّ بالمدينة أقوامًا ما سرتم مسيرًا ، ولا قطعتم واديًا إلاَّ كانوا معكم " قالوا : يا رسول الله ! وهم بالمدينة ؟ قال ـ صلى الله عليه وسلم :" وهم بالمدينة حبسهمُ العذرُ "
وتأمل معي رحمة الله !
فعن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فيما يرويه عن ربه عز وجل " إن الله كتب الحسنات والسيئات ثم بين ذلك ، فمن هم بحسنة فلم يعملها كتبها الله له حسنة كاملة ، فإن هو هم بها فعملها كتبها له عنده عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة ، ومن هم بسيئة فلم يعملها كتبها الله له عنده حسنة كاملة ، فإن هو هم بها فعملها كتبها الله له سيئة واحدة "
فاغتنم عمرك فيما يقرِّبك من ربِّك ، واجعل ما أعطاك مولاك من هبات وأعطيات عونًا على طاعته ، وسبيلاً على إدراك مرضاته ، وزادًا لتحصيل الدرجات العلى من جنَّاته .
واعلم أن العمر إلى نهاية ، والنِّعَم على زوال ، والحياة إلى فناء ، فخذ من ممرِّك لمقرِّك ، ومن دنياك لأخراك ، ومما ينفد ويزول إلى ما يبقى ويطول