التحذير من البدع
أخى الكريم : أن هناك أمور كثيرة جدا لا تدخل تحت الحصر استحدثت فى محيط الأمة الاسلامية .
بعد رسول الله قام أصحابه رضي الله عنهم من بعده يلتمسون الأحكام ، مجتهدين من كتاب الله و سنة رسوله ، و ذلك مثل قتال ما نعى الزكاة , و جمع القرآن على مصحف واحد , و كذلك ما حصل فى عصر سيدنا عمر رضى الله عنه فى جمع المسلمين على صلاة التراويح جماعة بالمسجد ، .فلم يكن ذلك فى عهد رسول الله .
و أيضا تدوين الدواوين ، و كذلك ما حصل من سيدنا عثمان رضى الله عنه فى الآذان الثانى لصلاة الجمعة , و توسيع مسجد الرسول ، و كذلك جمع المسلمين على مصحف واحد و احراق باقى المصاحف ، و كل هذه الأمور تسمى بدعة حسنه أو سنه حسنه كما قال الرسول : " من سن سنة حسنه فله أجرها و أجر من عمل بها الى يوم القيامة " رواه مسلم و الترميزى و ابن ماجه , وقال : " عليكم بسنتى و سنة الخلفاء الراشدين المهتدين من بعد " رواه ابن ماجه و الترميزى .
ثم جاء النابعين فحدثوا علوم الحديث ، و وضعوا النقط على حروف القرآن و حركات الاعراب ، و كتبوا و دونوا تفسير القرآن
و لم يكن ذلك على عهد الرسول .
و كثير من الأحداث التى استجدت و تستجد فى المسلمين بحكم تغيير الظروف حتى تسير الحياة ، وواجب علماء المسلمين أن يجتمعوا و يدرسوا الأمور التى تغييرت فى مجتمع المسلمين و يضعوا لها السنن من الكتاب و السنة النبوية .
كل عمل لابد أن يتوفر فيه شرطان حتى يكون مقبولاً ..
1 ـ أن يكون خالصاً لله عز وجل .
2 ـ أن يكون على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته معلوماً ..
ضوابط البدعـة
هذه ضوابط عامة تُعرف بها البدعة :
1 ـ الغلو في التعبد : يقول علي / ما من عبادة إلا وللشيطان فيها مدخل من أمرين إما إفراط أو تفريط .. البدعـة / عمل زائد عما شرعه الله عز وجـل ..
2 ـ تكون في أصل الفعل وفي صفته : في أصل الفعل ==> لم يشرعه الله عز وجل ولا رسوله صلى الله عليه وسلم ==> مثل : الإحتفال بالمولد النبوي .
في صفته ==> مثل الذكر الجماعي , فالذكر مشروعه في أصله , ولكن هذه الصفة ـ الذكر الجماعي ـ على غير هدي النبي صلى الله عليه وسلم
لذلك أعتبر منكر وعُد بدعة ..
مثل لو صلى رجل الظهر 5 ركعات , وقال طالما الصلاة مفروضة وهي من الأعمال المشروعة فسوف أزيد في صلاة الظهر ركعة وأصليها 5 ركعات ..
3 ـ البدعة تكون فعلية وتكون تركية :
فعلية ===> مثل الإحتفال بالمولد النبوي .
تركية ===> التقشف الزائد والتصوف ===> مثل الذي قال أنا لا أأكل اللحم في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم ..
4 ـ ما توافر دافعها في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولم تُفعل من غير وجود مانع :
ما توافر دافعها ===> يمكن أن تقع في عهد النبي صلى الله عليه وسلم أو الصحابة
مثال / جمع المصحف لم يكن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم
فهل هذا بدعة ؟؟
لا
لأنه لم يكن هناك دافع أن يجمع القرآن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم لوجود النبي صلى الله عليه وسلم وكان القُراء كُثر , خصوصاً وأن الوحي لا زال ينزل فلم يكن هناك دافع لجمع المصحف ..
مثال آخر / صلاة التراويح , صلاها النبي صلى الله عليه وسلم ليالي ثم تركها ثم بعد ذلك فعلها الصحابة رضوان الله عليهم
فهل يعد فعلهم بدعة ؟؟
لا , لأنه قد فعلها النبي صلى الله عليه وسلم ثم تركها , لوجود مانع / خشية أن تفرض وبموت النبي صلى الله عليه وسلم ارتفع المانع , فعد فعل الصحابة مشروعاً .
مثال للبدعة / الإحتفال بالمولد النبوي
هل كان هناك دافع أن تفعل في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ؟؟
نعم
لكن لم يفعلها ===> ليس لوجود مانع
.: يدل ذلك على أن الإحتفال بالمولد النبوي ليس مشروعاً ..
*****
قال صلى الله عليه وسلم فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ )
سنة من التي أُمرنا باتبعاها في الحديث ؟؟
قال صلى الله عليه وسلم : (الخلافة في أمتي ثلاثون سنة ثم ملك بعد ذلك).
والـ 30 سنة هي مدة الخلافة بعد النبي صلى الله عليه وسلم كما في الحديث , وهي التي أمرنا باتبعاها في الحديث السابق ( فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ )
مميزات علم السلف والقوة لديهم :
1 ـ قوة إدراكهم وصفاء أذهانهم من البدع , فليس في عهدهم شئ من البدع .
2 ـ سلامة ألسنتهم من اللحن فهم أعلم بلغة القرآن من غيرهم .
3 ـ كما أنهم تربوا في مدرسة محمد صلى الله عليه وسلم , لذلك التلميذ أعلم بقول معلمه من غيره والصحابة لزموا النبي صلى الله عليه وسلم وكانوا أدرى بمراده من غيرهم .
ما الفرق بين بدعة الضلالة والسنة الحسنة ؟
اذن البدعة الحسنة ( أو السنة ) :
هى استنباط من كتاب الله وسنة رسوله و هى كل عمل خير اجتمع عليه المسلمين و يكون نابع من شرع الله .
و من البدعة الحسنة أو السنة التى استحسنها المسلمون من أعمال الخير الأحتفال
بالمولد النبوى الشريف
و المناسبات الدينية و كختم القرآن فى صلاة التراويح فى المسجد الحرام و المسجد النبوى
و أمور كثيرة لا عد و لا حصر لها .و فى هذا تقرير لأهم المبادئ الدينية .:
و هى أن الله رفع الحرج و الأثم عن عن المسلمين فى كل ما يأتونه من أمور لم تكن
موجوده على عهد الرسول
و لا تتنافى مع مبادئ الدين و لا روح الاسلام فليس كل ما سكت عنه رسول الله
بدعة سيئة أو حراما
. و قد قال رسول الله لسيدنا معاذ ابن جبل عندما أرسله واليا على اليمن :
" كيف تقضى اذا عرض لك القضاء ؟ قال : أقضى بما فى كتاب الله . وقال : فان لم يكن فى كتاب الله ؟
قال : فبسنة رسول الله . قال : فان لم يكن بسنة رسول الله ؟قال :أجتهد رأى و لا ألوا .
فضرب رسول الله على صدره و قال : الحمد لله الذى وفق رسول الله لما يرضى رسول الله .
رواه أحمد و الطبرانى و غيرهم ,
فحتى فى عهد رسول الله و القرآن ينزل و الرسول بين ظهرانيهم يبين لهم
. قد أقر الرسول أجتهاد أصحابه فى حل المشكلات التى تحدث لهم مما لم يجوا فيها حكما
فى كتاب الله و سنة رسوله
لأن الأوضاع و الظروف تختلف من مكان الى مكان و من مجتمع الى مجتمع.
قال تعالى : " وما عليكم فى الدين من حرج " بيانا لوسعة الاسلام و توضيحا لفضل الله
على المسلمين و رحمته بهم .
أما بدعة الضلال : فهى كما قال رسول الله :" من أحدث فى أمرنا ما ليس له فيه فهو رد "
عن عائششة رضى الله عنها .
اذن بدعة الضلال هى الأمر المنكر شرعا و عرفا ولم يكن له أصل فى كتاب الله أو سنة رسوله
.و هى التى يضل صاحبها عن طريق الله و رسوله و يهوى بها فى مزالق الشر و الفساد
و هى مردودة على صاحبها و لا تقبل منه
وذلك مثل ابتداعات الفرق و الضلال التى غيرت معالم العبادات و المعاملات التى شرعها الله و رسوله
. أو تحرم ما أحلة الله و رسوله . أو الفرق التى تطعن فى أئمة المسلمين والصحابة رضوان الله عليهم
وأمهات المؤمنين.
أو الفرق التى تحدث القاق و التفرقة بين المسلمبن و تبلبل أفكارهم و تضرب بعضهم ببعض
. أو الفرق التى تتعصب لبعض المذاهب و الارآء و تشجع لجدل و المراء و الخصومة .
أو الفرق التى تتبع الآيات المتشابه فى كتاب الله أو فى السنة و تحاول تطويع هذا التشابه لأغراضهم
و أهوائهم المنحرفه
و يشيعون بذلك الفتن بين المسلمين . كل هذه الفرق ابتدعت فى الاسلام و فى الأمة بدعة الضلال
التى يضلون بها أنفسهم و غيرهم .
ق- قسم العلماء البدعه الى نوعين منها الحسن ومنها غير ذلك أما الادعاء
بأنه لا يوجد هناك في الدين شيئا يسمى بدعة حسنة
فإليكم أقوال جهابذة علماء الأمة والذين يعول على كلامهم
اولا: قال العلامة وحيد عصره وحجة وقته، وشارح صحيح مسلم الإمام الحافظ النووي رضي الله عنه:
قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم في صحيح مسلم(6-21) ما نصه:
(( كل بدعة )) هذا عام مخصوص
والمراد غالب البدع، وفال أهل اللغة: هي كل شئ عمل على غير مثال سابق،
وهي منقسمة إلى خمسة أقسام. وقال كذلك في (تهذيب الأسماء واللغات) :
البدعة بكسر الباء في الشرع هي إحداث ما لم نكن في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
وهي منقسمة إلى حسنة وقبيحة.
وقال أيضا: والمحدثات، بفتح الدال جمع محدثة، والمراد بها : ما أحدث وليس له أصل في الشرع..
ويسمى في عرف الشرع بدعة،
وما كان له أصل يدل عليه الشرع فليس ببدعة، فالبدعة في عرف الشرع مذمومة بخلاف اللغة،
فإن كل شئ أحدث على غير مثال يسمى
بدعة سواء كان محمودا أو مذموما. أه
ثانيا: قال عالم الاسلام في الحديث الحافظ شيخ الإسلام ابن حجر العسقلاني
شارح البخاري المجمع على جلالة قدره ما نصه:
(( وكل ما لم يكن في زمنه صلى الله عليه وآله وسلم يسمى بدعة، لكن منها ما يكون حسن ومنها ما
يكنون خلاف ذلك)) أه
ثالثا: وروى الإمام البيهقي في مناقب الشافعي رضي الله عنه، انه قال : المحدثات ضربان:
ما أحدث مما يخالف كتابا أو سنة أو أثرا أو إجماعا فهذه بدعة الضلال،
وما أحدث من الخير ولا خلاف فيه لواحد من هذا فهو بدعه حسنه. أه.
وروى أبو نعيم عن إبراهيم الجنيد قال: سمعت الشافعي يقول: البدعة بدعتان:
بدعة محمودة وبدعة مذمومة،
فما وافق السنة فهو محمود، وما خالف السنة فهو مذموم
رابعا: وقال سلطان العلماء العز بن عبد السلام رضي الله عنه: في آخر كتابه (القواعد (ما نصه:
((البدعة منقسمة إلى واجبة، ومحرمة، ومندوبة ،ومكروهة ومباحة))،
قال: (( و الطريق في ذلك أن تعرض البدعة على قواعد الشريعة فإن دخلت في قواعد الإيجاب فواجبة،
وأن دخلت في قواعد التحريم فمحرمة، أو الندب فمندوبة أو المكروه فمكروهة، أو المباح فمباحة))
ه فهؤلاء ممن ذكرنا قد قسموا البدعة إلى أقسامها لمذكوراة.
ال ابن تيمية في كتاب قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة:
[وكل بدعة ليست واجبة ولامستحبة فهي بدعة سيئة وهي ضلالة باتفاق المسلمين
ومن قال في بعض البدع إنها بدعة حسنة فإنما ذلك إذا قام دليل شرعي أنها مستحبة
فأما ماليس بمستحب ولا واجب فلا يقول أحد منا لمسلمين إنهامن الحسنات التي يتقرب بها إلى الله