إبن سينا
عضو مبدع
الجنس : العمر : 47 صفحات التاريخ التسجيل : 05/09/2011 عدد المساهمات : 297
| موضوع: يصلي من أجل أنه صائم ! السبت 10 سبتمبر 2011, 7:51 pm | |
|
كثير من الصائمين لا يعرفون المحافظة على الصلاة إلا في رمضان، فإذا دخل رمضان صلوا الصلوات الخمس في وقتها، وقد ينامون عن بعضها؛ لكنهم يسارعون إلى قضائها إذا استيقظوا، ومع ذلك فحالهم هذا خير من حالهم قبل رمضان، بل وخير من حالهم بعده!
فقد يمر بأحدهم ـ في غير رمضان ـ اليومُ واليومان لا يركع لله فيهما ركعة، وقد يكون أحسن حالاً من ذلك فلا يترك الصلوات الخمس؛ ولكنه يجمعها آخر يومه أو ليلته.
وعلى كلٍ فحاله مع الصلاة في رمضان أفضل. وقد يبدو لك وأنت ترى صلاة الرجل في رمضان أن الرجل قد عزم على توبة صادقة في شهر الرحمة والغفران، ولكنك حين تمد النظر إلى حاله مع الصلاة بعد شهر رمضان، تدرك ـ يقيناً ـ أن هذه المحافظة منه على الصلوات إنما هي حالة خاصة برمضان وحده، ولأجل الصيام.
نعم ! كل هذه المحافظة على الصلاة إنما هي من أجل الصيام، فهو يصلي من أجل أنه صائم، ويرى أن صورة الصيام بدون صلاة هي صورة ناقصة، ولذا؛ لا يستسيغ أن يفطر على أذان المغرب ثم يترك الصلاة، ولا أن يتعشى عشاء الصائم المفطر على ما أحل الله ثم لا يصلي العشاء، ولا يستسيغ أن يتسحر ثم لا يركع ركعتي الفجر، كل ذلك تعظيماً لقدر الصيام؛ لكنه يستسيغ في غير رمضان أن يترك صلوات يوم أو أيام، لا يصليها إلا لماماً، وبعد خروج وقتها، ثم لا يرى أن دينه قد اُخترِم منه ركنٌ هو عمود الإسلام!
في ظني أن صورة هذا التناقض إنما جاءت من انقلاب حقيقة الصيام الشرعي إلى عادة اجتماعية سنوية، لها طقوسها الخاصة، التي تفرض اقتران الصلاة بالصيام، وإلا ظهرت ناقصة مشوهة.
وما غلبتْ هذه السمةُ على صيام كثيرين إلا من خَواء صيامهم عن تحقيق المعنى المقصود منه.
إن أحدنا لو رأى رجلاً يأكل في نهار رمضان لاستعظم ذلك منه جداً، وهو في ذلك مُحِقٌّ، ولا شك، ولكنه قد يصحب رجلاً في سفر، فلا يستعظم منه إضاعته للصلاة! ولو قيل لأبٍ: هذا رجل يريد أن يخطب ابنتك؛ لكنه لا يصوم رمضان، لما تردَّد في ردِّه؛ ولكن كم من أبٍ زوَّج ابنته من رجلٍ يعلم أنه مضيعٌ للصلاة، فلا يرى في ذلك بأساً، ويراهن على توبةٍ لهذا الزوج ستأتي بها الأيام حتماً بعد أن يذهب عنه طيش الشباب، وربما رجعت إليه ابنته كارهةً المقام مع زوجٍ لا يصلي، فعنَّفها وردها إلى زوجها مُكرهةً صاغرة.
جميل أن يقدر الناس الصوم حق قدره، ولكن هل كان تعظيمهم إياه بحكم العادة أم بحكم العبادة؟!
إنني اغلِّب الاحتمال الأول، وأشك في الثاني؛ لأنه لو كان تعظيمهم للصيام تعظيم عبادة لا تعظيم عادة إذن لكان تعظيمهم لشأن الصلاة أعظم.
| |
|